دخلت الولاياتالمتحدة وفرنسا في شبه سباق محموم وغير معلن للظفر بصفقات اقتصادية ضخمة مع دول الخليج ستكون دون شك عاملا لانقاذ اقتصاد البلدين من ركود متواصل أصبح ينذر بأزمة اقتصادية عالمية· ولم يخف لا الرئيس الأمريكي جورج بوش ولا نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي أهداف جولتهما المتزامنة إلى دول منطقة الخليج والتي طغت عليها رائحة صفقات تجارية ضخمة بملايير الدولارات·وطغت لغة "البزنس" على تصريحات الرئيسين على الرغم من الغطاء السياسي الذي أعطي للزيارتين وطغيان لغة تحقيق السلام بين العرب والاحتلال الاسرائيلي ولبنان وأيضا مستقبل علاقة الدول الغربية مع ايران على خلفية برنامج هذه الأخيرة النووي· فقد أكد الرئيس الأمريكي جورج بوش خلال محطة جولته الخليجية بالعاصمة الاماراتية أن بلاده تعتزم إبرام صفقات لبيع أسلحة لدول المنطقة بأكثر من 20 مليار دولار· ولم تخل تصريحات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من رائحة الورقة الخضراء عندما راح يؤكد التوقيع خلال أسابيع على صفقات تجارية بأكثر من 40 مليار أورو مع المملكة العربية السعودية تخص عدة قطاعات من التوزيع والخدمات الى الطائرات ولكن أيضا دون تغييب صفقات سلاح ضخمة مع الرياض· وتبقى مبالغ هذه الصفقات موقتة الى حد الآن وخاصة وأن توقف الرئيس الأمريكي بالامارات العربية وقبلها بدولة الكويت والبحرين لم تكشف عن كامل خباياها المالية، كما أن الرئيس الفرنسي مازال لم يحط الرحال بالدوحة القطرية وأبو ظبي الإماراتية ضمن رحلة بحثه عن صفقات ضخمة أخرى ستكون دون شك طوق نجاة للاقتصاد الفرنسي الذي رغم قوته إلا أنه تراجع وأصبح لايقدر على منافسة الاقتصاد الصيني وحتى الهندي الصاعد· وظهر من خلال تنقل الرئيسين الأمريكي والفرنسي بين عواصم أهم الدول الخليجية أن تنافسا اقتصاديا بين واشنطن وباريس بدأ يأخذ معالمه الواضحة في علاقة أكبر دولتين وخاصة في منطقة هي أغنى مناطق العالم وأكثرها ثراءً·وإذا كان الرئيس الأمريكي تحرك في هذه المنطقة التي تعتبر منطقة نفوذ أمريكية بحكم تكرس معطيات اقتصادية وعسكرية فرضتها تحولات دولية جعلت الولاياتالمتحدة الحليف الاستراتيجي والشريك الاقتصادي الأول لدول مجلس التعاون فإن الرئيس الفرنسي تحرك بمنطق كسر الاحتكار الأمريكي وراح يزاحم التواجد الأمريكي في اطار الظفر بجزء من كعكة ضخمة بديكور تزاوجت فيه الصفقات التجارية المدنية وصفقات الأسلحة· ولم يكن تزامن زيارة بوش وساركوزي إلا على خلفية هذا التنافس غير المعلن حتى وإن تطابقت وجهات نظر الطرفين السياسية، ماتعلق منها بوضع المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية وضرورة انهائه وفق مبدأ الدولتين ولكن أيضا توافقهما حول كيفية معالجة الملف النووي الايراني وتحييد الدور السوري في لبنان وتحجيم دور حركة حماس في أية ترتيبات سياسية قادمة على الساحة الفلسطينية·ويكون الرئيس الفرنسي المعروف عنه براغماتيته في التعامل مع القضايا الدولية قد طبق المقولة الأمريكية "بزنس إيز بزنس" وأما السياسة فشيء آخر!