وفّت الجزائر بالتزامها تجاه الاتّحاد الإفريقي في أن بعثت بعد أربعة عقود المهرجان الثقافي الإفريقي الذي جمع طوال أسبوعين فنانين، مثقفين ومبدعين من واحد وخمسين بلدا التقوا على أرض الجزائر ليؤكّدوا تميّز ثقافاتهم وفنونهم بكل تشعباتها وتفرّدها. إفريقيا التي عادت من بوابة الجزائر الثقافية والفنية تألّقت وهي تنهل من تراث الأجداد متمسّكة في ذلك بالعراقة والأصالة منفتحة على ثقافات الآخر والتجديد الدائم، فكانت الجزائر بذلك القلب الدافئ الذي اتّسع لجميع الأفارقة وضيوفهم ومنبع رسائل الحبّ والسلام المغلّفة بالروح الإفريقية والقيّم الإنسانية الممتدّة في الزمان والمكان. انتهى العرس الإفريقي بعد سلسلة من المحطات الثقافية التي مكّنت الجزائريين قبل الأفارقة أنفسهم من اكتشاف الوجه الآخر للسمراء بعيدا عن الحروب والتوتّرات، فمكّن بذلك هذا الموعد من الاقتراب أكثر من الإنسان الإفريقي وهويته، وتبيان بريق موطن إيمي سيزار وليوبولد سنغور ومانديلا وغيرهم من المفكرين والمبدعين. الجزائر نجحت في رهانها ورفعت التحدي عاليا بشهادة ضيوفها الذين أكّدوا أنّه لو لا الجزائر لما التقى الأشقاء الأفارقة الذين تفرّقت بهم السبل وزادت الحروب والنزاعات فُرقَتهم، وما قدّموا للعالم أفضل ما لديهم فنا وفكرا وإبداعا، وكان المهرجان الثقافي الإفريقي العائد بعد أربعين سنة أجمل هدية تقدّمها الجزائر للقارة الأم.. هدية لإفريقيا الإنسان. من "عودة إفريقيا" إلى "ماما أفريكا" كانت مسيرة أسبوعين عبّرت خلالها إفريقيا عن طريقها الطويلة من أجل الحرية بالانتكاسات والانتصارات.. مسيرة حكت الذاكرة الإفريقية.