تتواصل أشغال المؤتمر الدولي المنعقد بمستغانم احتفالا بالذكرى المئوية للطريقة العلاوية، حيث شكل محور دور الاتصال في المجتمع أمس محور أشغال اليوم الثالث، و تطرق عدة أخصائيين جزائريين وأجانب لموضوع الجانب الأخلاقي في استعمال التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال والتفكير في نقل الطريقة العلاوية إلى فلسطين. كما سيتطرق المتدخلون إلى مكانة الإسلام في وسائل الإعلام الأوروبية والإيديولوجيات والخلط بين الإعلام والاتصال ودور الروحية أمام الأزمات إلى جانب برمجة محاضرتين حول "العالم والاتصال: رهانات وحقائق" و"الإعلام والتنمية المستدامة"، ودُعمت أشغال الجلسة بورشات حول نفس الموضوع والتبادل والنقاش حول "القرآن الكريم والاتصال". وكان المتدخلون أكدوا أول أمس خلال أشغال اليوم الثاني من المؤتمر الدولي للذكرى المئوية للطريقة العلاوية على أهمية تربية اليقظة لتغيير سلوكيات الفرد إلى ما هو أقوم له وللمجتمع، مبرزين في السياق ان تربية اليقظة تسمح للفرد بمعرفة خصوصياته وتنمية قدراته وتعمل على إخراجه من دائرته المغلقة "التي فرضت عليه باسم المناهج والنماذج المختلفة". وحسب الدكتور العربي جرادي من جامعة مستغانم، الذي قدم مداخلة بعنوان "التربية في التصوف" فان التربية الروحية تهدف إلى تلقين المتلقي التحلي بمكارم الأخلاق أسوة بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال "بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، مشيرا إلى ان التربية الروحية أو التربية في التصوف" تتم عن طريق التعليم بواسطة المرشد للمريد ثم تسمو من دون وسيط إلى التعليم الرباني بالمكاشفة. وترتكز هذه التربية على مفهوم أساسي وهو مفهوم "اليقظة" أي "المرور من الغفلة إلى الوعي فيجد المرء معنى لحياته"، واستشهد المحاضر في السياق بشرح الأمير عبد القادر في كتاب المواقف وكذا عند محي الدين بن عربي الذي جعل التربية الروحية في ثلاث مستويات وهي علم العقل وعلم الأحوال وأخيرا علم الأسرار وهو أعلى مستوى. وأما الدكتور جاك بروجون (فرنسا) مدير كلية الدراسات العليا للبيئة والتنمية المستدامة فقد تحدث عن "دور التربية في تسيير محكم للأرض"، مبرزا أن التسيير المحكم للأرض في ظل الرهانات التي يعرفها العالم (التغيرات المناخية وتدهور التنوع البيولوجي ومشاكل الطاقة والمشاكل الديمغراغية) لن يتم إلا من خلال التنمية المستدامة ذات جوانب ثقافية وتربوية، والتي تتطلب فهم هذه الرهانات واحترام قيم الآخر والسهر على صيانة حقوق الآخر حتى يتم التفكير معا لمواجهة التحديات التي يعاني منها العالم. وخصصت ورشة "المرأة وتربية اليقظة" المنظمة في إطار أشغال اليوم الثاني من المؤتمر، لمناقشة دور الجمعية العالمية الصوفية العلاوية في تربية اليقظة لدى المرأة المسلمة في الغرب. وقدمت أعضاء هذه الجمعية المتواجد مقرها بباريس عرضا مدعما بشريط مصور حول اللقاءات التي تجريها مع النساء المسلمات بالغرب لإيقاظهن وتحسيسهن وتوعيتهن للتحلي بالسلوكيات التي تستوجبها الشريعة الإسلامية والتمسك بقيمها في كل الأحوال. وتبدأ تربية الأيقاظ لدى المرأة المسلمة في المجتمع الغربي بالتركيز على العفة لدى المرأة وتعليمها أن الزواج يجب أن يكون وفق تعاليم الشريعة الإسلامية التي تجعل من عقد النكاح ميثاقا غليظا والتزاما بين الزوجين و "ليس مجرد عقد تفاهم" حسب الشروحات المقدمة. وتحرص عضوات الجمعية العالمية الصوفية العلاوية على تعريف المقبلات على الزواج بحقوق وواجبات الزوجية و كذا الاقتداء بزوجات الرسول صلى الله عليه و سلم. وتعتبر تربية الأولاد وفق التعاليم الإسلامية من أهم المسائل التي تسعى الجمعية لتلقينها للنساء بالغرب لا سيما وأن الرسول الكريم (ص) اخبر بأن (ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه...) و لذلك فان مسؤولية المرأة المسلمة كبيرة حتى يبقى طفلها على فطرته (الإسلام) حسبما ذكرته منشطات هذه الورشة، وتشمل تربية اليقظة مجالات شتى من الحياة اليومية للمرأة المسلمة وحقوقها وواجباتها طبقا لتعاليم الشريعة الإسلامية. للإشارة سيتناول هذا المؤتمر الذي يحمل شعار "زرع الأمل" و يدوم إلى غاية يوم الجمعة المقبل أربعة مواضيع أخرى وهي "العولمة" و"الوحي" و"الروحية والصوفية" و "المستقبل".