لا يحرك الضوء الصاخب أنامل هذا الفنان ولا ريشته التي تفضل الإبحار عبر أعماق البحر أو في الليالي المضيئة بشعاع القمر لتجعل من المتفرج يدقق أكثر في ملامح اللوحات الهادئة للفنان عمر رقان المعروف باسم يوسف. احتضن ميدياتيك عبان رضمان إلى غاية 30 جويلية الماضي، معرضا للفنان عمر رقان يتضمن 45 لوحة تشكيلية استمتع بها الجمهور خاصة المختصون في الرسم أو الطلبة. فربما كانت الأضواء الفاترة في لوحات يوسف تعكس مدى هدوئه ومدى نفوره من الضجيج والأضواء، لذلك فهو يختار الأماكن الهادئة والمنعزلة حيث يقيم بولاية البويرة لانجاز لوحاته. كل المواضيع التي تناولها يوسف في لوحاته، تجري أحداثها ليلا أو في فضاءات تكاد تكون مظلمة كأعماق البحر، فلوحة الصيادين مثلا وهم يحيطون بقاربهم الراسي على اليابسة قصد إصلاحه أو ترميمه، تبدو فوقهم السماء بحرا داكنا يعج بالسمك أي أن الآية معكوسة إذ صوّر البحر فوق اليابسة بكل ما فيه من عمق وظلام. وقد اجتهد يوسف في فن البورتريه معتمدا في ذلك على المدرسة الواقعية، فصور مثلا »الصيادين«، و»الحكيم« و»المتجول« وحتى »الطيور« و»القرى«، ودائما في إطار باهت أو مظلم يعكس هالات من النور الهادئ الآتي من بعيد يشبه ضوء القمر أو شعاع الفجر. كما اعتمد هذا الفنان على الألوان الداكنة خاصة الأسود والأخضر والأزرق، وحاول من خلالها إظهار كل التفاصيل والدقائق التي يمكن أن تلاحظ لقلة الإضاءة. وعلى العموم، فإن هذه اللوحات تعرض مواضعها في هدوء وصمت، الأمر الذي ينعكس على المتأمل لها، إذ يحاول جاهدا التغلغل ببصره نحو تفاصيل أكثر تخفيها تقاسيم الوجوه أو تضاريس الطبيعة أو أجسام الطيور أو سمك البحر.وللتذكير، فإن عمر ر?ان فنان تشكيلي عصامي، وهو من مواليد مدينة الأخضرية بالبويرة سنة 1966، داعب الريشة منذ طفولته وكبرت الهواية معه ليصقلها أكثر أثناء إقامته بألمانيا حيث اكتشفه الجمهور الأوروبي من خلال المعارض الجماعية والفردية، وها هو يقيم رابع معرض له منذ عودته للمكوث بأرض الوطن في انتظار معرض آخر سيقيمه في الأيام المقبلة في قصر الثقافة.