اكد المفوض العام لجمعية مهنيي البنوك والمؤسسات المصرفية السيد عبد الرحمن بن خالفة أن قرار الحكومة بمنع البنوك تقديم قروض الاستهلاك باستثناء تلك الموجهة للحصول على السكن سيساهم في التخفيف من حدة أزمة السكن. وذكر السيد بن خالفة أن إجراء منع منح القروض الاستهلاكية سيدفع بالبنوك الى التوجه للاستثمار الايجابي من خلال تمويل مشاريع اقتصادية وعدم الاكتفاء بالاستثمار السلبي من خلال منح قروض استهلاكية للمواطنين مقابل الحصول على فوائد تصل بالنسبة لتلك الموجهة لاقتناء السيارات إلى 12 بالمائة. وأشار المتحدث في حوار مع القناة الثانية للإذاعة الوطنية أن القروض الموجهة لشراء السكن أو الكراء تبقى الأهم والحكومة حافظت عليها، ومن شأن ذلك أن يساهم في التخفيف من أزمة السكن خاصة مع تفاقمها في السنوات الماضية مع صعوبة التحكم فيها رغم البرامج التي تم إطلاقها. وحسب السيد بن خالفة فإن الحكومة من خلال القرار الجديد تسعى إلى تنظيم سوق القروض بعدما لاحظت أن القروض الموجهة لشراء السيارات أصبحت تمثل النسبة الأكبر من تلك المقدمة للزبائن في حين أن تلك الموجهة للسكن لا تتعدى ال5 بالمائة. ونص قانون المالية التكميلي لسنة 2009 في مادته 75 على منع البنوك العاملة بالجزائر من تقديم قروض استهلاكية للمواطنين وتنص على أنه "لا يرخص للبنوك منح القروض للأفراد إلا في إطار القروض العقارية". ومن جهة أخرى يرى المفوض العام لجمعية مهنيي البنوك والمؤسسات المصرفية إمكانية السماح للبنوك الوطنية والأجنبية بتقديم قروض استهلاكية لكنه شدد على ضرورة أن يكون ذلك وفق قواعد مالية معينة كأن يتم تكثيف المراقبة والتحكم في نسبة الفائدة أو وضع سقف معين لحجم القروض بحيث لا تتجاوز حسب قوله 200 مليون سنتيم. وحول الإجراء الجديد اعترف المدير المركزي بوزارة التجارة السيد عمر دريش بالأثر السلبي لهذا الإجراء على المواطن، غير أنه توقع أن يكون له الأثر الإيجابي على الاقتصاد الوطني من منطلق أنه سيساهم في التحكم أكثر في قيمة الواردات الجزائرية، ودعا إلى التفكير في خلفية هذا الإجراء وذكر بأن فاتورة الاستيراد أصبحت تشكل تهديدا على استقرار الميزانية بالنظر إلى الارتفاع المفرط لحجم الواردات، ولذلك استوجب اتخاذ مثل هذا القرار، وتوقع أن يكون لتخصيص القرض للعقار فقط دور في التقليص من حدة الأزمة. وكانت قيمة الواردات الجزائرية خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري بلغت 19.7 مليار دولار في وقت تراجعت فيه قيمة الصادرات إلى 20.7 مليار دولار، وحذر خبراء اقتصاديون من دخول الجزائر في أزمة اقتصادية بسبب هذا الاختلال. وأصدر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في أثناء اجتماع مجلس الوزراء مؤخرا تعليمات للحكومة بالتحكم أكثر في حجم الواردات بعد المؤشرات السلبية المعلن عنها منذ بداية العام الجاري. وارتفعت فاتورة استيراد المواد الاستهلاكية وحدها لتبلغ 8 ملايير دولار السنة الماضية. وتشير تقديرات رسمية إلى أن حجم القروض الاستهلاكية بلغ 100 مليار دينار وسط تقارير بعجز آلاف المواطنين عن تسديد ديونهم، كما كان للتوجه المفرط للمواطن نحو الاستدانة لدى البنوك أثر سلبي على القدرة المعيشية للمواطن التي تبقى بعيدة عن الأهداف المسطرة رغم التدابير المتخذة لفائدة العمال من خلال الرفع من الأجور، واستفادتهم من بعض المنح والعلاوات. ودفع الإفراط في اللجوء إلى القروض الاستهلاكية إلى إحجام البنوك الأجنبية عن الاستثمار في المجال الاقتصادي، وتمويل المشاريع الإنتاجية التي تعتمد فقط على منح قروض بنسب فوائد مرتفعة جدا. وكشفت مصادر على صلة بنشاط هذه البنوك أنها تقوم باستمرار برفع طلبات الاستدانة لدى البنوك العمومية لتمويل طلبات الإقراض التي تتلقاها، مما يؤكد أن نشاطها مبني على تدوير الأموال العمومية من خلال الاستدانة من البنوك الوطنية، وتحقيق أرباح على حساب المواطن الجزائري الذي يدفع نسب فوائد مرتفعة نظير حصوله على قرض.