سقط الناخب الوطني جمال بلماضي، مرة أخرى، في "المحظور" عندما أخفق، للمرة الثالثة على التوالي، مع "الخضر" في منافسة كبيرة؛ بخروجه من الدور الأول لكأس أمم إفريقيا بكوت ديفوار، للمرة الثانية على التوالي، في هذه المسابقة الأغلى بالقارة السمراء بعد النسخة الماضية في الكاميرون، وفشله في العبور إلى مونديال 2022 بقطر، بخسارة المباراة الفاصلة أمام الكاميرون. ونلخص في هذا التقرير خمسة أسباب محورية وراء تواصل إخفاقات جمال بلماضي مع المنتخب الوطني منذ التتويج بكأس أمم إفريقيا 2019 بمصر رغم الإمكانات التي وُضعت تحت تصرفه، والورقة البيضاء التي مُنحت له، والدعم الجماهيري الكبير. يعرف أكثر من الجميع ولا يقبل النقد كان جمال بلماضي أكثر مدرب إثارة للجدل في تاريخ المنتخب الوطني؛ لأنه ركز على خوض معارك خارج العامل الفني؛ فلا يتردد في مهاجمة كل من ينتقده أو يتحدث عن خياراته الفنية، ولا يقبل أي نصيحة أو ملاحظة؛ من خلال الرد على ذلك بطريقة هجومية وحادة، خاصة خلال خرجاته الإعلامية، وترك الانطباع بأنه يعرف أكثر من الجميع، قبل أن يتضح بمرور الوقت، أنه لم يراجع نفسه على الإطلاق؛ بسبب طريقة تفكيره الانتحارية، وفلسفته الكروية. تمسّك بخطة لعب مكشوفة لحوالي ست سنوات بات المنتخب الوطني كتابا مفتوحا لمنافسيه؛ فمنذ التتويج بكأس أمم إفريقيا بمصر وبلماضي يصر على اللعب بخطة 433، وبنفس الأسماء تقريبا لعدة سنوات، وبغضّ النظر عن سلسلة اللاهزيمة في 35 مباراة على التوالي، والتي حطمت "الخضر" أكثر مما خدمتهم؛ بدليل أن زملاء عطال خسروا خلال المواعيد الكبيرة؛ لأنهم لم يقدروا على المفاجأة، كما أكد مدرب منتخب بوركينافاسو هوبيرت فيلود، ومدرب موريتانيا أمير عبدو، في تصريحاتهما الإعلامية، عندما قالا بأن "المنتخب الجزائري لم يتغير. وطريقة لعبه معروفة". قسَّم المنتخب بمعاملته التفضيلية لبعض اللاعبين كشفت مصادر من داخل المنتخب الوطني ل"المساء"، أن الأجواء لم تعد كسابقتها بسبب طريقة تعامل بلماضي مع بعض اللاعبين، مشيرة إلى أن صورة المدرب الصارم والمتحكم في المجموعة تلاشت كليّا بعد التتويج ب "كان 2019"، بعد أن بات بعض اللاعبين يحظون بمعاملة خاصة من طرفه، وفي مقدمتهم رياض محرز، ووهاب رايس مبولحي، وعيسى ماندي، إلى درجة أن بعض اللاعبين شعروا بالتهميش، وهو ما يفسر، حسب ذات المصدر، عجز بلماضي عن تمرير رسالته إلى كل اللاعبين. قتل المنافسة بعدم التفريط في بعض الأسماء وفي نفس السياق، قتل جمال بلماضي المنافسة، فعليا، داخل المنتخب الوطني رغم استدعائه بعض اللاعبين الواعدين في الفترة الأخيرة؛ مثل فارس شايبي، وريان آيت نوري، وياسر لعروسي، وحسام عوار؛ حيث حرص على الاحتفاظ بالحرس القديم، ومنحه الأولوية في حساباته الفنية، وجعلهم حتى من المقربين والمتدخلين في خياراته التكتيكية؛ بدليل أن 70 ٪ من التشكيلة الأساسية التي خاضت مواجهة أنغولا، كانت أساسية في "كان 2019" ؛ على غرار عطال، وماندي، وبن سبعيني، وبن ناصر، ومحرز، وبونجاح، وبلايلي. وكان الجديد متمثلا في ماندريا، وآيت نوري، وبن طالب، وشايبي. سياسة "الإغلاق" المبرمج وفقاعة "العزلة" أصر بلماضي منذ بدئه التحضيرات لكأس إفريقيا وحتى بعد افتتاح المنافسة، على سياسة الإغلاق التام للتدريبات، وإبعاد لاعبيه عن المحيط الخارجي؛ من خلال تبنّي فكرة "فقاعة العزلة"، وهو ما تَسبب في ضغط كبير على زملاء بن سبعيني، الذين لم يقبل كثير منهم هذه المعاملة؛ الأمر الذي أثر كثيرا على تركيزهم، وجعلهم يشعرون بالضغط يوميا في وقت كانوا بحاجة إلى الانفتاح على العالم الخارجي، وخاصة لقاء الأنصار، الذي تحمَّلوا فيه مشقة السفر إلى كوت ديفوار بدون أن يحصلوا على فرصة متابعة حصة تدريبية واحدة. تقمُّصه دور الضحية وتبنّيه نظرية المؤامرة خاض بلماضي العديد من المعارك الخاسرة بعيدا عن المستطيل الأخضر. وانشغل بالصراعات مع المحللين والحكام والعديد من الأطراف، متقمصا دور الضحية في كل مناسبة. كما تبنّى نظرية المؤامرة، التي أهدر فيها الكثير من الطاقة بدل التركيز على إيجاد الحلول التكتيكية والفنية، وهو ما ظهر جليا في كأس إفريقيا بكوت ديفوار، عندما بات أول مدرب جزائري يخرج مرتين على التوالي، من الدور الأول لكأس إفريقيا للأمم. بلماضي يدخل التاريخ برقم سلبيّ بات الناخب الوطني جمال بلماضي، أول مدرب جزائري يخرج من الدور الأول لكأس أمم إفريقيا للمرة الثانية على التوالي، في رقم سلبي غير مسبوق، وصادم، وسيبقى يلاحقه طوال مسيرته الكروية، إلى جانب إنجازه التاريخي في كأس أمم إفريقيا 2019 بمصر. والد بلايلي تأثر لعدم مشاركة نجله أساسيا بدا عبد الحفيظ بلايلي متأثرا جدا بقرار بلماضي عدمَ إشراك نجله أساسيا في لقاء موريتانيا رغم أنه كان من أفضل اللاعبين في مبارتي أنغولاوبوركينافاسو. وظهر ذلك جليّا عليه قبل بداية المباراة. كما كان تحت تأثير صدمة الإقصاء بعد نهاية المباراة.