أكياس القمامة، حفاظات الأطفال وقارورات المشروبات وغيرها من الفضلات، هذا ما يخلفه ملايين المصطافين في الشواطئ لتبقى مترامية على الرمال مشكلة خطرا على الأشخاص والبيئة، ولا شيء أصبح يمنع المصطاف عن ترك بقايا يومه على الشاطئ وهو الذي يشترط أن يجده نظيفا عندما يعود إليه في اليوم الموالي. إنه غياب الحس المدني بعينه بل بكل بساطة هو غياب الضمير وغياب الشعور بالمسؤولية. مع اقتراب نهاية موسم الاصطياف وحلول الدخول المدرسي الذي يتزامن هذا العام مع قدوم شهر رمضان الكريم، تسجل الشواطئ توافدا قياسيا من المصطافين مقارنة مع الفترات الأولى من العطلة، وفي هذه الفترة بالذات يكاد المرء أن لا يجد ولو بعض السنتيمترات لنصب شمسيته بسبب اكتظاظ جل شواطئ الجزائر التي تستقطب في كل سنة المزيد من المصطافين في هذه الفترة، رغم أن بعيدا عن هذه الشواطئ كل المؤشرات تدل على أن بداية التحضيرات لشهر رمضان والدخول المدرسي قد بدأت. وخلال فترات الذروة هذه ومع نهاية كل يوم استجمام وفي انتظار اليوم الموالي يكشف النقاب عما يخلفه سلوك الإهمال واللامبالاة لدى العديد من المصطافين الذين لا يخجلون من ترك مكان في حالة يرثى لها من الأوساخ بعدما وجدوه نظيفا وهو يحتضنهم في الصباح لقضاء يوم ممتع. فبداية من سيدي فرج إلى موريتي مرورا بسطاولي وتيبازة وشرشال لكل الشواطئ قاسم مشترك هي غياب النظافة، فبمجرد وصول حظيرة السيارات أو المدخل الرئيسي لهذه الشواطئ يتضح لك الأمر لينذرك بكارثة تنتظرك داخل الشاطئ نفسه، وتعتبر القارورات البلاستيكية للماء المعدني والعصائر المترامية في كل مكان أول من يلقاك. زيارة مفاجئة لشاطئ سيدي فرج مساء سمحت بالاطلاع على المهزلة، فعند وصولنا إلى هذا الشاطئ لم نكن نعلم أن يومنا سيكون مميزا للغاية، وظننا أن معاناتنا ستنتهي بمجرد تمكننا من انتزاع بعض السنتيمترات بين جموع المصطافين الذين هبوا على الشاطئ خلال الساعات الأولى من اليوم لنصب شمسيتنا نظرا للاكتظاظ الكبير الذي وجدناه بهذا الشاطئ إلا أن الأمر كان غير ذلك. ولم تكن الخطوات الأولى في الرمال الذهبية ممتعة، بل هي لحظات استدعت الكثير من الحذر نظرا للمخاطر المنصبة هناك فهذه قطع الزجاج وأخرى علب" شمة" متهرئة وقطع خشبية متناثرة فوق الرمال والبعض منها تكاد لا تظهر لتتحول إلى فخاخ لاصطياد أرجل المصطافين. وفي الشاطئ الأطفال يركضون ويلعبون والأولياء ينادون ويحذرون الصغار بعدم الابتعاد. "كأننا نخوض معركة حقيقية هنا بالشاطئ خاصة خلال فترة ما بعد الظهر التي يزيد إقبال المصطافين المتوافدين من كل أنحاء العاصمة وحتى من خارجها" يقول أحد المصطافين الذي أحضر عائلته الصغيرة، مضيفا أنه يفضل هذا الشاطئ لأنه الأقرب من مسكنه، وما يحز في نفس هذا المصطاف هي الحالة المتدهورة التي يؤول إليها الشاطئ بعد مغادرة أغلبية المصطافين "إنها الكارثة كيف لا وهذا المكان يتحول إلى مزبلة في المساء بعد أن كان نظيفا صباحا، فحتى حفاظات الأطفال المستعملة تترك مرمية على الرمال، وقد جمعتها بنفسي يوما في لانصب شمسيتي" يستطرد هذا المصطاف الذي انتقد انعدام الحس المدني لدى الكثير من المصطافين "إنه في تدهور مستمر كل يوم نجدها أسوء من اليوم السابق والكل مسؤول على هذه الوضعية" يضيف هذا المصطاف الذي استغرب عدم حرص العديد من الأولياء على إبقاء المكان نظيف. ويبدو أن الجهود الكبيرة التي يقوم بها أعوان الوكالة الوطنية لترقية وحماية الساحل بحضورهم إلى مختلف الشواطئ تقريبا يوميا وتنظيمها أمام مرأى المصطافين لم تجد نفعا ولم تحرك ضمائر هؤلاء الذين يعتبر الكثير منهم أن المهمة هي مهمة هؤلاء الأعوان وأن تركهم لنفاياتهم على الشاطئ أمر لا غرابة ولا عيب فيه.