خرج وزير المالية السيد كريم جودي عن صمته ليوضح جوهر قانون المالية التكميلي 2009 والهدف من تضمينه إجراءات أثارت جدلا كبيرا في الساحة الوطنية، وأشار بوضوح إلى أن جميع القرارات جاءت لتحفظ المصلحة الوطنية. وفضّل الوزير وكالة الأبناء الجزائرية ليفصل في جميع مواد القانون وبخاصة تلك التي وضعت محل انتقاد من طرف بعض الأطراف الاقتصادية، وذكر السيد جودي في هذا الحواره الذي بثته الوكالة مساء الأربعاء بالظروف المحيطة بصياغة القانون ومنها على وجه الخصوص السبع مواد محل الجدل والمتعلقة بنشاط المستثمرين، والضريبة على تعبئة الهاتف النقال، ومنع القروض الاستهلاكية باستثناء العقار. ويشير الوزير بوضوح الى أن قيمة الصادرات الجزائرية عرفت منحى متصاعدا بلغ حدا "لا يطاق" في السداسي الأول من السنة الجارية مما جعل الميزان التجاري يبلغ مستوى "الخط الأحمر" كون الفارق بين الصادرات والواردات لا يتجاوز المليار دولار (20.9 مليار قيمة الصادرات، و19.9 مليار الواردات)، وهو الشيء الذي دفع بالحكومة إلى اتخاذ إجراءات للحد من الارتفاع "المفرط" لفاتورة الاستيراد وحمل المتعاملين على الاستثمار في الجزائر بدل الاكتفاء بإغراق السوق الوطنية بسلع أجنبية، والمساهمة في خلق مناصب شغل باعتبار هذا الهدف يعد الانشغال والتحدي الأول بالنسبة للحكومة. وأبرز السيد جودي أن جميع الإجراءات المنصوص عليها في القانون جاءت بناء على تحليل معمق لوضعية السوق الوطنية، ولتدارك بعض النقائص المسجلة في تشريع تم اعتماده في السابق اظهر عدم فاعليته ومن بين ذلك القرض الاستهلاكي الذي جعل العائلة الجزائرية مهددة في توازنها المالي بسبب ارتفاع معدلات الاستدانة مما اثر كثيرا على القدرة الشرائية للمواطن رغم بعض الإجراءات المتخذة للرفع منها كالزيادة في الأجور، وأضاف ان الهدف من تحديد مجال منح القرض الاستهلاكي هو توجيه البنوك نحو تركيز نشاطها على مجال الاستثمار. ويعترف الوزير بأن الاقتصاد الوطني رغم حفاظه الى غاية اليوم رغم الأزمة المالية العالمية على توازنه يوجد في وضعية تهدد استقراره، ولذلك استوجب اعتماد آليات تساعد على استقرار السوق وجلب الاستثمارات بدل أن يركز المصدرون الأجانب على إغراق السوق بالسلع فقط. وحسب ممثل الحكومة فإنه يبقى من البديهي أن تتدخل السلطات في وقت اصبح فيه العديد من الشركاء الاقتصاديين الأجانب يشكلون حلقة مهمة في حركة التجارة الخارجية، وهو الشيء الذي جعل قانون المالية التكميلي يحمل تدابير تعطي الفرصة للإدارة الجزائرية لوضع أمام المصدرين الأجانب إجراءات يخضع لها المصدرون الجزائريون ببلدان هؤلاء، كما تم إقرار مبدأ دفع الواردات إجباريا بواسطة القرض السندي حيث يتعين على الشركات المستوردة أيضا ابتداء من إصدار هذا الأمر إشراك متعامل جزائري بنسبة 30 بالمئة. وحول هذا الموضوع بالذات (فتح شركات الاستيراد الأجنبية لرأسمالها للجزائريين بنسبة 30 بالمئة) المنصوص عليها في الفقرة الرابعة من المادة 58 فإن إجراء فتح رأس المال لن يكون بأثر رجعي كما أشار إلى ذلك بنك الجزائر، وفي هذا السياق أوضحت مجموعة عمل مكونة من ممثلين عن وزارة المالية وبنك الجزائر ووزارة التجارة عكفت على دراسة هذا الموضوع أن نص المادة يتم تطبيقه بعد صدور قانون المالية التكميلي أي منذ تاريخ 28 جويلية الماضي. ومن ضمن المواد محل الجدل توجد تلك المتعلقة بالضريبة على تعبئة الهاتف النقال، وذكرت مجموعة العمل المشتركة أنه "لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تنعكس قيمة الضريبة (المقدرة ب5 بالمئة) على سعر البطاقة أو قيمة التعبئة". بالنسبة لما نصت عليه المواد 63 و66 و 67 و 69 والخاصة بتنظيم عمليات الاستيراد فقد أشار السيد كريم جودي ومجموعة العمل المشكلة من وزارة المالية وبنك الجزائر ووزارة التجارة إلى أنها جاءت لإضفاء الشفافية في جميع العمليات، والتقليل من عمليات الغش والتهرب الجبائي.