يكثر استعمال حليب النوق مع حلول فصل الصيف، من طرف سكان ولاية تندوف، لما له من فوائد صحية وعلاجية، حيث ينتشر باعته على قارعة الطرق بحي النصر، وعلى مستوى محلات الجزارة، ويوضع اللبن في قارورات بلاستيكية "قارورة الماء"، وينصح الأطباء بضرورة تعقيم وتنظيف تلك القارورات، ويفضل الكثيرون اعتماد عملية التعليب، لتكون مؤمنة صحيا وقابلة للاستهلاك من طرف المواطنين، وقد سجلت في هذا الشأن، محولات استثمارية في تعليب حليب الناقة، عن طريق خلق مؤسسات مصغرة، لكن لم تجسد على أرض الواقع. يشتهر معظم سكان ولاية تندوف، بتربية الماشية، لاسيما الإبل والماعز وقليل من الأبقار، وتنتشر تربية الماشية في تندوف عبر فضاء الصحراء الأوسع، بضواحي شنشان ولكحال، وهي مناطق قاحلة وجدباء، مما ينعكس سلبا على تربية الإبل ونفوق أعداد كثيرة منها، بسبب قلة المياه والأعشاب وشح الطبيعة. وقد ارتبط الانسان التندوفي، منذ القدم، بهذا الحيوان الصبور، لما له من فوائد صحية، وتحمل مشاق السفر، وقطع مسافات طوال محملا بكل الأغراض البدوية. يمتاز سكان البدو الرحل بضخامة الأجسام والسلامة من الأمراض، كون جل معاشهم يعتمد على الإبل وشرب ألبانها وأكل لحومها وشحومها، والأعشاب الطبيعية كالعلك، وهو نبتة طبيعية توجد في شجرة الطلح، الذي يكثر بحمادة تندوف. تتضاءل رؤوس الإبل، بسبب عمليات النحر المتواصلة، لأن سكان تندوف يفضلون لحم الإبل عن باقي اللحوم الأخرى، إضافة إلى ضياع جلود الإبل سدى دون استغلال، وهو الخطر الذي نادى به موالو تندوف، في عدة مناسبات، لحماية رؤوس الإبل من الضياع والنفوق المستمر، وتعود مكانة وأهمية الاهتمام بالجمل لدى سكان الصحراء إلى قيمته الغذائية الكبيرة. حليب الإبل قاتل للبكتيريا والفيروسات يتميز حليب الإبل بخصائص مضادة للبكتيريا والفيروسات، أمكنت من استخدامه في علاج الكثير من الأمراض، نظرا لاحتوائه على تراكيز عالية من الأنزيمات، مثل "اللاكتوفرن، اللاكتوبير وكسايديز"، القادرة على قتل أنواع متعددة من البكتيريا، ومنع الإصابة بالفيروسات. وحدثنا الكثير من موالي تندوف بناحية أم العسل وحاسي مونير، والمناطق الصحراوية التابعة للبلدية، بأن الثروة الحيوانية في تناقص كبير، نظرا لقلة المراعي، من جهة، ونقص الأعلاف، من جهة أخرى، ناهيك عن قلة الأمطار وشح آبار الرعي. يحتوي حليب الإبل على العديد من المواد والعناصر الغذائية الهامة، بما في ذلك بروتينات شبيهة بالأنسولين، ويعد تحقيق التوازن بين الأنسولين والغلوكوز في الجسم أمرا هاما للوقاية من السكري، مما يجعل حليب الإبل مفيدًا بشكل خاص للحماية من السكري، وتخفيف أعراضه عن طريق تنظيم مستويات السكر في الدم، وتقليل مقاومة الأنسولين، وخفض الكوليسترول. إضافة إلى احتوائه على نسبة عالية من البروتينات، وبعض المركبات الهامة التي لها خصائص مقاومة للالتهابات والعدوى، ما يجعله معززا وداعما طبيعيا لجهاز المناعة ووظائفه المختلفة في الجسم، وتشير الدراسات والبحوث الطبية المتخصصة، إلى أن حليب الإبل فعال في خفض المستويات المرتفعة لبعض أنزيمات الكبد، وإمكانيته الكبيرة في علاج السرطان، ويعمل على موت الخلايا السرطانية. يذكر أن حليب الناقة يباع بالأسواق المحلية في تندوف، بأسعار تتراوح بين 400 و500 دينار في زجاجات بلاستيكية، وقد طالب المهتمون بحليب الناقة في تندوف، بضرورة إنشاء مصانع محلية ضمن الاستثمار في تعليب حليب النوق، وبيعه في ظروف صحية أكثر سلامة، ويستعمل سكان تندوف ذروة الجمل، أي "السنمان"، في علاج الكثير من الأمراض، خاصة لدى المسنين والعجزة. كما تُصنع من كبدة البعير أكلة شعبية شائعة لدى سكان تندوف، تدعى "بنافة"، وهي خليط من لحم الإبل وشحمه، توضع على نار هادئة.