برنامج الغذاء العالمي يؤكد الحاجة "الماسة" لوصول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة عاجلا    البويرة: عرض مسرحية حول حياة الفنان صالح سعداوي بامشداله    غضب جماهيري في سطيف وشباب بلوزداد يكمل عقد المتأهلين..مفاجآت مدوية في كأس الجزائر    اجتماع تنسيقي حول بطولة المدارس الإفريقية لكرة القدم    مولودية الجزائر : بن يحيى يجهز خطة الإطاحة بأورلاندو بيراتس    الجزائر- قطر: التوقيع على الاتفاقية النهائية للمشروع المتكامل لانتاج الحليب المجفف    الإذاعة الجزائرية.. زخم ثقافي وفني وفكري في رمضان    اللهم نسألك الثبات بعد رمضان    فتاوى : الجمع بين نية القضاء وصيام ست من شوال    بمناسبة الذكرى المزدوجة ليوم الأرض واليوم العالمي للقدس..حركة البناء الوطني تنظم وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني    قيادة الدرك الوطني : مخطط أمني وقائي خاص بعيد الفطر    مؤسسة "نات كوم" بالعاصمة: تسخير 4200 عون و355 شاحنة خلال أيام عيد الفطر    المنيعة.. ربط أزيد من 13 حيا سكنيا بشبكتي الكهرباء والغاز    منظمات حقوقية: على فرنسا التوقف فورا عن ترحيل الجزائريين بطريقة غير قانونية    وزارة الشؤون الخارجية : نائب القنصل العام المغربي بوهران شخص غير مرغوبا في الجزائر    العيد ربيقة: الجزائر تشق طريق الانتصارات بقيادة الرئيس تبون    المجلس الوطني لحقوق الانسان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالجزائر : اتفاقية تعاون لدعم إنشاء الشبكة الوطنية للنساء الوسيطات    المجلس الأعلى للشباب : اجتماع تقييمي حول مدى تجسيد برنامج قطاع الشباب    توجيهات وزير الصحة لمدراء القطاع : ضمان الجاهزية القصوى للمرافق الصحية خلال أيام عيد الفطر    تمنراست: جثمان عضو مجلس الأمة عبد الله مسك يوارى الثرى بمقبرة قرية تبيربيرت    سكيكدة : استحداث وحدة خاصة بجراحة الأسنان لفائدة أطفال التوحد و التريزوميا 21 و غير المتكيفين ذهنيا    المغرب : مظاهرات في عدة مدن للمطالبة بوقف التطبيع مع الكيان الصهيوني    رئيس مجلس الأمة يعزي في وفاة الفنان حمزة فيغولي    تعليمات صارمة للرؤساء المديرين العامين للموانئ لتسريع معالجة حمولات البواخر    مسابقة تاج القرآن الكريم: اختتام الطبعة ال14 بتتويج الفائزين    فلسطين تطالب الأمم المتحدة بالتحرك لوقف الإبادة الصهيونية في غزة    تنظيم حفل ختان جماعي    البطاقة الذهبية ستتحوّل إلى كلاسيكية    دعوة إلى الالتزام الصارم بالمداومة    عمورة ثاني أفضل هدّاف بعد صلاح    حشيشي يتفقد الوحدات الإنتاجية    الجزائر تُكرّم حفظة القرآن    وزارة التربية تتحرّك..    حملة تحريض منظّمة ضد المقاومة في غزّة..    لقد كان وما زال لكل زمان عادُها..    الجيش الوطني يواصل دحر الإرهاب    إطلاق أول ناد يهتم بصحة الشباب ومحاربة المخدرات    تكريم المتفوّقين في المسابقة لحفظ وتجويد القرآن الكريم    خالدي وبن معزوز يمنحان تأهلا سهلا ل"سوسطارة"    تسويق 238 ألف كيلوغرام من اللحوم المستوردة    صور من الغث والسمين    عمق العلاقات الزوجية وصراعاتها في ظل ضغوط المجتمع    إبراز دور القيم المهنية للصحافة في الدفاع عن الوطن    تواصل العدوان الصهيوني على جنين وطولكرم ومخيم نور الشمس    مخزون كبير في المواد الغذائية    تتويج فريق القناة السادسة بالطبعة الرابعة    6288 سرير جديد تعزّز قطاع الصحة هذا العام    وفاة شخص بصعقة كهربائية    حجز أكثر من 160 كلغ من الأسماك الفاسدة    "سوناطراك" فاعل رئيسي في صناعة الغاز عالميا    أعيادنا بين العادة والعبادة    خطة عمل مشتركة لرقمنة قطاع الفلاحة    إرث جمال مناد سيظل خالدا في الذاكرة    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال غدا السبت (وزارة)    كأس الجزائر: تأهل اتحاد الجزائر ومولودية البيض إلى الدور نصف النهائي    صحة : السيد سايحي يترأس اجتماعا لضمان استمرارية الخدمات الصحية خلال أيام عيد الفطر    قطاع الصحة يتعزز بأزيد من 6000 سرير خلال السداسي الأول من السنة الجارية    رفع مستوى التنسيق لخدمة الحجّاج والمعتمرين    









خزان مليء بالنماذج التراثية العريقة
بوادي تندوف
نشر في المساء يوم 26 - 06 - 2024

يمتاز المجتمع التندوفي القديم بعدة عادات وتقاليد يقتسمها معه المجتمع الموريتاني، وكل المجتمعات الناطقة باللهجة الحسانية أو ما يُعرف لديهم باسم "مجتمع البيظان" . كما إن لكل أمة ولكل شعب من شعوب المعمورة، عاداته وخصائصه ومميزاته التي أملتها عليه الظروف المحيطة به، ونمط عيشه، وأسلوب تعامله مع الحياة.
تختلف تلك الخصائص والمميزات حسب نمط العمران الذي يعيش فيه الإنسان. وكان سكان تندوف في القديم يعيشون في الخيام بطريقة البدو الرحل، ينتشرون عبر فضاء الصحراء التي جمعتهم تحت سمائها، وبسطت لهم خيراتها؛ من شمس، وهواء، وحرّ. والمتجول في أنحاء الولايات الجزائرية يلاحظ التنوع الموجود في أدوات ونمط العيش حسب الطبيعة المتباينة من جهة إلى أخرى. ويتّفق علماء الاجتماع وعلم الإنسانية على تسمية تلك الأدوات ب"الإتنوغرافيا" ، والمتعلقة بالخصائص العرقية للشعوب والأمم.
وبالنسبة لولاية تندوف تحديدا، فقد تركزت صناعة هذه الأدوات بمهارة وإتقان، على الأجسام والمعادن؛ كالزخرفة على الجلود، وتحويلها إلى تحف فنية نادرة تنطق بالحياة، وتترجم إبداع سكان تلك الربوع، إضافة إلى الخشب والذهب والنحاس. ونلاحظ من خلال نظرة على الموروث الحرفي التقليدي لدى ساكنة تندوف، ذلك التنوع الكبير الحاصل في تلك المنتوجات اليدوية؛ كالحصائر والأواني، وأنواع أدوات الركوب المختلفة، والأواني الخشبية، والأدوات الموسيقية التي سبق وأعددنا حولها استطلاعا مع الفنان كابوس سالم، الذي أبدع في تصميم الآلات الموسيقية التقليدية بكل دقة وتفنّن. ويمكن الإشارة هنا إلى كثير من تلك الرموز الفنية التي اندثرت بسبب ظهور الصناعات العصرية.
والاشتغال بصناعة الجلود حرفة نسوية، تعتمد على الدباغة، والخياطة التقليدية، والزخرفة على الجلود، وتلوينها بأجمل الألوان والتصاميم. كما تعرف أغلفة المصاحف والمخطوطات الثمينة زخرفة متميزة؛ على غرار مصحف "زيرق الرما" الذي يوجد عند عائلة تندوفية بحي موساني العتيق.
وقد تفنّنت المرأة التندوفية الحرفية منذ زمن بعيد، في صناعة الأغراض التقليدية المستعملة من طرف السكان؛ كالحقائب الجلدية المعروفة باسم "تاسوفرة"، وهي حقيبة حافظة للأمتعة، أو "إيلويش"، وهو السجاد المصنوع من جلود الماعز ذات الشعر الكثيف، والمزخرف بشتى الألوان الزاهية.
كما تُعد الخيمة أساس السكن التندوفي القديم بالبراري؛ كون المجتمع في الأصل، بدويا بالفطرة. وتُصنع الخيمة التندوفية القديمة من وبر الماعز والإبل.
وتكون جاهزة دائما وفي كلّ حين للترحال والتنقل من مكان إلى آخر كلّما دعت الضرورة إلى ذلك؛ كالبحث عن الأعشاب والكلأ، ووقت هطول الأمطار، وامتلاء الأودية. كما تُعد "الوسائد الجلدية" أساس الأثاث المستعمل للراحة بالخيمة؛ فهي موزّعة على الحصائر بشكل متقون ومتراص. ولا تخلو خيمة من وجود "إيليويش" خاصة بالنسبة لكبار السن، ومدرّسي القرآن الكريم. ويُستعمل عادة للصلاة والعبادات المختلفة. ويُصنع هذا الفراش الخاص من جلد مسطّح واسع مدبوغ ومصبوغ ومزخرف بأشكال متنوعة.
واستعمل الإنسان التندوفي القديم "الظبية" ، وهي حافظة للحبوب، شبيهة إلى حد ما، بالتاسوفرة. وتُحفظ فيها الحبوب التي كان يستعملها الإنسان القديم في قوته اليومي. كما توضع "الظبية" على كفل الجمل كدعامة للراحلة خلال فترة التنقّل وقطع المسافات الطوال. أما "التزياتن" فهي عبارة عن كيسين جلديين كبيرين مملوءين بالأثاث المتنوع الذي تحرص المرأة على توضيبه. وخلال فصل الحر واشتداد الحرارة في غياب وسائل التبريد، فإنّ البدو الرحل استعملوا "القربة"، وهي حافظة الماء أو ما يُطلق عليها شعبيا ب"ثلاجة البادية". يُحفظ فيها الماء بعد نقله من البئر ووضعه بالقربة للتبريد. وتُصنع القراب، عادة، من جلود الأغنام. كما تتعدّد استعمالات القربة؛ فمنها ما يُستخدم في حفظ الدهن. وبعضها في حفظ التمر. وأخرى مخصّصة لحفظ السكر والشاي. وقربٌ لحفظ الألبان.
ومن أبرز الأفرشة التقليدية التي تشكل الخزان التراثي التقليدي لساكنة تندوف ومجتمعات البيظان بشكل عام، "الفرو" ، وهو غطاء أو فراش مكوّن من تجميع لعدة جلود الخرفان. وشكله غير متساوي الأضلاع. كما يُعد من أغلى أثاث الخيمة عند البدو الرحّل. وفي ثقافة البيان حكايات طريفة عن "الفرو" ؛ منها مقولة "هذا الفرو فيه جلد أخروف" ؛ للدلالة على أنّ للحيطان آذاناً، خاصة عندما يدخل عليهم الأطفال أثناء الحديث.
واستعمل سكان تندوف بدوا وحضرا "الطبل" ، وهو آلة موسيقية تقليدية، تُصنع من جلد البعير، مشدودة على آنية خشب. وقد استعملته الفرق الفولكلورية المحلية بتندوف؛ كفرقة "قنقة" بحي الرماضين العتيق. ومن الآلات الموسيقية الأخرى التي عرفها الفن الحساني المعروف ب«لغنا أو أزوان" ، نذكر آلة "الاردين" ، وهو آلة موسيقية نسوية مستعملة عند مجموع " إيقاون" ، وهم الفنانون. يُصنع الاردين من جلد مدبوغ رقيق ومزخرف على نصف آنية من الخشب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.