يتطلّع الرياضيون الجزائريون لإثبات مكانتهم في الألعاب الأولمبية باريس، المقرّرة ما بين 26 جويلية و11 أوت القادم؛ من خلال تحقيق تتويجات تليق بالجزائر، وتفادي سيناريو طوكيو 2020، الذي اختُتم ب"صفر" ميدالية، لا سيما أن حظوظ "الخضر" وفيرة لمعانقة المعدن النفيس؛ نظير الحجم الساعي للتدريبات من جهة، وكذا سقف الطموحات المسطَّرة في هذه المشاركة. ستكون الجزائر حاضرة بالعاصمة الفرنسية، بمناسبة مشاركتها الخامسة عشرة في تاريخ الأولمبياد؛ أي 60 عاما بعد أول مشاركة لممثل الجزائر الوحيد الجمبازي محمد لزهاري يماني، بتعداد رياضي يقدّر ب46 عنصرا (27 رياضيا و19 رياضية) في 15 نوعا من الرياضات. وستخوض الجزائر الموعد الأولمبي بشبابها من الرياضيين، الذين سيعملون، حتما، للظفر بأحسن النتائج، وإهداء الوطن أفضل مشاركة عبر التاريخ. وتضمّ المشاركة الجزائرية في سجلّها الأولمبي 17 ميدالية (5 ذهب، 4 فضة و8 برونز) بعد مشاركتها في 14 طبعة؛ حيث كانت طبعة أتلانتا سنة 1996 الأكثر سخاء (2 ذهب و3 برونز)، متبوعة بنسخة سيدني (1 ذهبية، 1 فضية و3 برونز). ومقارنة بالنسخ السابقة حيث اقتصر تألّق المشاركة الجزائرية على تخصص واحد أو اثنينن، فإن أولمبياد باريس تشهد بروز تخصصات أخرى، من المتوقع أن ترفع العلم الوطني عاليا. وتبقى ألعاب القوى التي نجحت في تأهيل أكبر عدد من الرياضيين (8)، على رأس لائحة الرياضات، التي قد تضع الجزائر على "بوديوم" أولمبياد باريس. وحتما سيكون العدّاء جمال سجاتي (800 متر) من أبرز الأسماء التي قد تترك بصمتها في الأولمبياد، إلى جانب مواطنيه سليمان مولى (800 متر)، ومحمد ياسر تريكي (الوثب الثلاثي). وبالنسبة للملاكمة التي أهدت الجزائر أول ميدالية أولمبية (أولمبياد-1984 بلوس أنجلس)، فستخوض الموعد الأولمبي بخمسة ملاكمين (3 سيدات ورجلان). وتأتي في مقدّمة هذا الجمع إيمان خليف (66 كلغ)، التي تملك حظوظا وافرة للحصول على ميدالية أولمبية. كما ستكون الآمال في باريس معلّقة على الجمبازية العالمية الصاعدة كيليا نمور، التي تحلم بإهداء الجزائر أول ميدالية في هذا الاختصاص. وكانت نمور أكدت، مجددا، علوّ كعبها مؤخرا؛ بإحرازها أربع ميداليات ذهبية في البطولة الدولية الأخيرة "روم جيم- جائزة 2024 "، التي جرت ببوخارست الرومانية. وفي رياضة رفع الأثقال التي تعلَّق عليها الآمال للعودة بتتويج أولمبي أوّل في هذه الرياضة، فسيكون وليد بيداني من يحمل على عاتقه هذا الأمل. وسينفرد بفرصة وحظوظ وفيرة للتألّق والثأر بعد سوء حظه في أولمبياد طوكيو الأخيرة، التي غاب عنها بسبب إصابته بفيروس كوفيد 19. أما المصارَعة التي تشارك في باريس ب 8 مصارعين (6 رجال وسيدتين)، فبإمكانها، هي الأخرى، حصد ميدالية أولمبية، تكون، أيضا، تاريخية لهذا الاختصاص، بواسطة بشير سيد عزارة (87 كلغ - مصارعة إغريقية روماني) الذي يحتل مرتبة متقدّمة في التصنيف العالمي. وفي رياضة الجيدو، سيعمل المشاركون الثلاثة على كتابة التاريخ، والسير على خطى عمار بن يخلف (ميدالية فضية)، وصورية حداد (ميدالية برونزية) عام 2008 ببكين. وحتما، سيحمل كل من دريس مسعود (-73) وأمينة بلقاضي (-63 كلع) ومهدي ليلي (+ 100 كلغ)، على عاتقهم هذه المهمة رغم أن المنافسة ستكون في غاية الصعوبة بمشاركة أبطال العالم في مختلف الأوزان. أما بقية الرياضات كالمبارزة، والتجديف، والدراجات، وكرة الريشة (البادمنتون)، والشراع، والسباحة، والرمي الرياضي، والكانوي كاياك وتنس الطاولة، فالفرصة ستكون مواتية أمام ممثلي الجزائر؛ لكسب مزيد من الخبرة بالاحتكاك بالمستوى العالمي. القفاز الجزائري في رحلة استعادة أمجاده الأولمبية تسعى الملاكمة الجزائرية لرفع التحدي وكتابة التاريخ من جديد خلال مشاركتها في أولمبياد باريس 2024؛ حيث سيبحث ممثلوها الخمسة عن الصعود على منصة التتويج، التي غاب عنها القفاز الجزائري منذ نسخة 2000 بسيدني. وسيحمل الملاكمون الجزائريون الخمسة (3 سيدات ورجلان) على عاتقهم، مسؤولية الدفاع عن الألوان الوطنية داخل الحلبة الفرنسية رغم المنافسة الشرسة، التي تنتظرهم في كل الأوزان. ويتعلّق الأمر برميساء بوعلام (50 كلغ)، وحجيلة خليف (60 كلغ)، وإيمان خليف (66 كلغ)، ويوغرطة آيت بكة (63.5 كلغ) ومراد قادي (+ 92 كلغ). ويبدو أن الملاكمين الجزائريين واعون بحجم المسؤولية التي تنتظرهم بالعاصمة الفرنسية، وهذا ما أكّده يوغرطة آيت بكة الذي سيخوض الأولمبياد لأول مرة في مشوراه قائلا: ''جميع الملاكمين في وزني متقاربون.. القرعة والتركيز سيكون لهما دور كبير في المنافسة.. شخصيا، أنا واع بالمسؤولية التي تنتظرني. وإن شاء الله سأحقق نتيجة إيجابية، وأشرف الراية الوطنية، وعائلتي". وبدورها، قالت حجيلة خليف: ''هدفي لن يقتصر على المشاركة فقط.. فأنا سأقدّم كل ما في وسعي خلال هذه التظاهرة الأولمبية الفريدة من نوعها، ولِم لا التتويج.. فحظوظي قائمة في هذا الموعد. ومستواي ليس بعيدا عن نظيره للملاكمات الأخريات". ونفس الأمر ينطبق على مواطنتها رميساء بوعلام التي ترى ''الأولمبياد بمثابة أكبر حفل دولي، يعرف مشاركة وحضور أفضل الملاكمين عالميا''، قبل أن تضيف: ''لي كلّ الفرص في هذا الموعد. ولن أدّخر أيّ جهد لتشريف الألوان الوطنية''. من جهته، يرى المدير الفني الوطني بالاتحادية الجزائرية للملاكمة، مراد مزيان، أن ''القفاز الجزائري'' يملك كلّ الحظوظ للتألق بالأراضي الفرنسية. وقال: ''لقد ظفرنا بخمسة مقاعد في أولمبياد 2024. المنافسة ستكون شرسة بتواجد أحسن الملاكمين في كل الأوزان. لكن هذا لن ينقص شيئا من حظوظ العناصر الوطنية، التي تبقى قادرة على تحقيق نتيجة إيجابية في أوزانها". سجاتي.. قاطرة ألعاب القوى الجزائرية سيكون الاختصاصي في السباقات نصف الطويلة، جمال سجاتي، بنسبة كبيرة، قاطرة ألعاب القوى الجزائرية في الطبعة الثالثة والثلاثين للألعاب الأولمبية بباريس؛ كونه، إحصائيا، يملك أفضل الحظوظ للفوز بذهبية سباق 800 متر؛ باعتباره يتمتع بأعلى مستوى من اللياقة البدنية، وهو في أفضل حالاته، وفقا للأداء الذي يقدّمه منذ أيام معدودات. وبتعداد يضمّ 8 متأهلين منهم سيدة، تأتي رياضة ألعاب القوى على رأس لائحة الرياضات التي قد تمنح الجزائر ميدالية أو أكثر في الموعد الأولمبي بباريس. وكل آمال أهل الاختصاص تنصبّ بدرجة أولى، على جمال سجاتي، اختصاصي سباقات 800م، والمتأهّل إلى نهائي الدوري الماسي (دايمن ليغ)، رفقة خيرة العدّائين العالميين. وكان سجاتي دوّن اسمه في سجل الأرقام المرموقة في العالم في اختصاصه، عندما حقّق توقيت 1د و 41ثا و46ج في تجمّع موناكو، أضحى به أسرع ثالث عدّاء في تاريخ سباقات 800م، وهو ما يحفّزه على مواصلة التألق في باريس، والتتويج بميدالية المعدن النفيس. ونفس الملاحظة يمكن أن تنطبق على زميله في نادي شباب بلوزداد ياسر محمد الطاهر تريكي، الذي ستكون له كلمته في مسابقة الوثب الثلاثي، بعد أن غاب عن عدّة تجمعات دولية؛ من بينها دورات الدوري الماسي؛ من أجل التفرّغ كليا لتحضيراته للأولمبياد. ونفس الحظوظ يملكها سليمان مولى في اختصاص 800، الذي لم يظهر كثيرا في الآونة الأخيرة في الملتقيات والتجمعات التحضيرية، لكن برز هو الآخر، في العدد القليل الذي شارك فيه. وبدرجة أقل من الحظوظ، يأتي الثلاثي محمد علي قواند (800م)، وأمين بوعناني (110/م حواجز)، وبلال ثابتي (3.000 م/موانع). كما قد تفرز رياضة ألعاب القوى أسماء أخرى واعدة؛ منها الثنائي أسامة خنوسي (رمي القرص) وزهرة طاطار (رمي المطرقة)، اللذان حسّنا في الأشهر الأخيرة أرقامهما الشخصية؛ ما يجعلهما في رواق جيّد لتحقيق نتائج جيدة، على الأقل على المستوى الشخصي. ويبقى التحسّر الكبير والوحيد بخصوص المشاركة الجزائرية في رياضة ألعاب القوى في أولمبياد 2024، حول غياب عدائين في سباق 1.500م، خاصة أن هذا الاختصاص يُعدّ من بين الاختصاصات السابقة لألعاب القوى الجزائرية، إلى درجة أنّ بعض المحللين يلقبونها ب"الملكة الصغيرة" لألعاب القوى. الثنائي معمري يطمح للتألّق في البادمينتون اختصاص الريشة الطائرة أو البادمينتون من أبرز الاختصاصات الأولمبية التي تشهد تنافسا كبيرا بين الرياضيين؛ حيث تمكّن الثنائي كسيلة وثنينة معمري من كسب تأشيرة التواجد ضمن الحدث الأولمبي الباريسي، بعدما تألقا في منافسات الزوجي مختلط رغم صعوبة المأمورية. وعليه فإنّ الشقيقين سيمثلان الجزائر في اختصاص البادمينتون وعينهما على التألق، والذهاب بعيدا في هذا الحدث الكبير؛ إذ يملك كلّ من كسيلة وثنينة سجلا ثريا يعكس مدى عملهما الكبير في السنوات الماضية بما أنّ هذه الرياضة تتطلب استمرارية في العمل، والمشاركة المنتظمة في مختلف الدورات والملتقيات الدولية الرسمية والودية. وكل ذلك يسمح باكتساب الخبرة والتجربة في تسيير المباريات، خاصة في المستوى العالي.