عبّر عدد من الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، عن مخاوفهم من احتمال تفشي وباء جدري القردة الذي انتشر في عدد من الدول الإفريقية والأوروبية رغم أن الجزائر، حسبما أكدت وزارة الصحة والباحثون في علم الفيروسات على غرار الدكتور محمد ملهاق، لم تسجل إلى حد الساعة، أي حالة مشتبه في إصابتها، إلا أن هذا لم يمنع الكثيرين من التعبير عن مخاوفهم، والتساؤل حول الإجراءات المتخذة لمنع دخوله إلى الجزائر، والمطلوب على المستوى الشخصي لمنع الإصابة به، خاصة أنه من الفيروسات سريعة العدوى. "المساء" تحدثت إلى الدكتور محمد ملهاق في هذا الحوار. وأجاب عن عدد من الأسئلة التي تشغل الرأي العام حول كل ما يتعلق بجائحة فيروس جدري القردة. ❊ المساء: بداية، هل لك أن تقدم لنا صورة واضحة حول ماهية فيروس جدري القردة؟ ❊ الدكتور محمد ملهاق: جدري القردة من الفيروسات القديمة جدا؛ حيث اكتُشف عند القردة سنة 1958، بينما اكتُشف لأول مرة عند الإنسان في سنة 1970؛ ما يعني أنه من بين الفيروسات التي ظهرت منذ أكثر من 50 سنة. وتم التصدي له. وكانت طريقة انتقاله عن طريق العدوى؛ من القردة إلى الإنسان. ومع مرور الوقت انتقلت عدوى الحاملين لهذا الفيروس بين البشر؛ حيث نجد أن الشخص المصاب يمكنه نقل العدوى إلى شخص غير مصاب. ❊ إذن جدري القردة من الفيروسات المعدية؛ كيف ينتقل إذن ؟ ❊ فيروس جدري القردة من عائلة الجدريات القديمة التي كنا نعالج منها سابقا بالتلقيح؛ إذ ينتمي إلى نفس العائلة، وبالتالي فإن طريقة انتقال عدوى الفيروس بين البشر تكون عن طريق الاحتكاك المباشر، أو من خلال الاتصال الوثيق؛ مثل العلاقات الجنسية، أو ملامسة المريض، أو تلك المتصلة بالمريض؛ مثل فراشه، أو لباسه، أو الأواني التي يستعملها للأكل. كما يمكن أن تنتقل العدوى من الحيوانات المصابة بالفيروس على اختلاف أنواعها، إلى البشر، ناهيك عن إمكانية انتقاله أيضا عن طريق أكل لحوم حيوانات مصابة غير مطهوّة جيدا. ❊ بعد إطلاق منظمة الصحة العالمية لحالة طوارئ، عاد الحديث عن جائحة كورونا؟ ❊ حقيقة أكدت منظمة الصحة العالمية وجود حالة طوارئ صحية، مفادها جائحة فيروس جدري القردة. ولكن الإعلان عن حالة الطوارئ لا يعني الخوف، وانما معناه اتخاذ التدابير اللازمة لتجنب دخوله إلى الدول التي لم تسجل أي حالة؛ فالتهويل مرفوض. والمطلوب هو اتخاذ التدابير اللازمة، خاصة أن هذا الفيروس عرف تحولات كثيرة جعلته سريع العدوى؛ حيث أصبح يتسبب في تسجيل حالات الوفيات. ويبقى المطلوب هو الحرص على التقيد بالإجراءات الاحترازية. ❊ في رأيك، هل الجزائر معرضة لتسجيل حالات إصابة بجدري القردة؟ ❊ إلى حد الساعة الجزائر لم تسجل أي حالة. غير أن الاحتمال كبير لدخوله من الوافدين من خارج الوطن. وقد سارعت وزارة الصحة إلى اتخاذ الإجراءات الاحترازية؛ من خلال تشديد الرقابة على حدودها البرية والجوية والبحرية، وهو المعمول به منذ جائحة كورونا. ولكن المخاوف، حسب رأينا الشخصي، تكون كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين الذين لا يخضعون للرقابة؛ ما يتطلب بذل مجهودات أكبر للتوعية حول كل ما يتعلق بأعراضه لمنع انتشاره، وبالتالي نحن في جائحة عالمية. واحتمال وصوله إلى الجزائر وارد، خاصة أنه انتشر في أكثر من 16 دولة إفريقية؛ حيث سُجلت أكبر بؤرة في الكونغو الديموقراطية، بينما تم تسجيل حالة واحدة في كل من دولة السويد، وعزل حالة في باكستان. ولأن الجزائر تتأثر إيجابا وسلبا بكل ما يتعلق بمواضيع الصحة؛ الأمر الذي يتطلب الرفع من مستوى اليقظة. ❊ بحكم تخصصك في علم الفيروسات، ما الذي جعل الفيروس يعود مجددا للظهور؟ ❊ نحن كمتخصصين، دائما نقول بأن الفيروسات لا بد أن لا نغفل عنها، وإنما ينبغي أن نكون دائما في حالة تأهب؛ لأن احتمال عودتها وارد جدا. وبالمناسبة، شاركت، مؤخرا، بتونس، في قمة عربية حول الأمن الصحي. وكانت واحدة من أهم التوصيات التي أكدت عليها من خلال تدخلي، ضرورة أن تبدي الدول العربية دائما، استعدادها للجوائح التي قد تظهر؛ لأن أي بؤرة في أي دولة عربية، تؤثر، بشكل أو بآخر، على باقي الدول. ❊ ما الذي ينبغي أن يعرفه المواطن البسيط أمام ما يجري الترويج له عبر منصات التواصل؟ ❊ أهم ما يجب أن يعرفه المواطن البسيط، أن مصالح الصحة بالجزائر اتخذت التدابير اللازمة لمنع دخوله. وتمتلك من الخبرة من جائحة كورونا ما يكفي، وبالتالي عليه أن يطمئن. ويبقى على المواطن البسيط أن يكون على وعي بأهم الأعراض التي تفيد باحتمال الإصابة بفيروس جدري القردة. ولعل أهمها الطفح الجلدي، أو ظهور أكياس من المياه على الجلد؛ مثل الحروق، وهي الميزة الأكثر انتشارا. وفي هذه الحالة ما على المصاب إلا الاتصال المباشر بالطبيب؛ لمنع نقل العدوى إلى غيره؛ سواء كان هذا الشخص قدِم من خارج الوطن في إطار زيارة أو عمل، أو كان على اتصال مباشر به، إلى جانب الاهتمام بغسل الأيدي؛ لأن غسل الأيدي عامل مهم للتخلص من الفيروسات، فضلا عن الاهتمام بطهو اللحوم جيدا؛ لاحتمال أن تكون مصابة. ❊ ماذا عن العلاج في حال الإصابة؟ ❊ الشائع في جدري القردة أنه من الفيروسات التي تصيب الأفراد منذ القدم، ولكنها تَشفى في أغلب الحالات، بصورة تلقائية. وفي بعض الحالات التي تتفاقم حالتهم، تحتاج إلى علاجات. وحتى لا يتم التهويل وبعيدا عن التخويف، فإن العلاج موجود، ممثل في اللقاحات، وهي متوفرة. وتبقى الوقاية غاية في الأهمية، خاصة أنه يتسبب، حسب الإحصائيات الرسمية، في وفاة 10 ٪ عبر العالم.