كشف المخرج الجزائري عبد النور زحزاح ل"المساء"، عن رغبته في إخراج فيلم روائي طويل عن مقتل الرئيس الأسبق محمد بوضياف، من شأنه أن يوقف المعلومات الخاطئة التي روجت للواقعة المؤلمة، خاصة في بعض وسائط التواصل الاجتماعي. دليلة مالكقال المخرج "سيكون فيلما جيدا، لكن في البداية يجب أن أكتب سيناريو، لأن مقتل رئيس دولة هو حدث هام، لكنه متروك لليوتيوب والإشاعات، لذلك لابد من إنجاز فيلم رسمي، رغم أنه ليس هناك العديد من المراجع، لم تُصدر كتب كثيرة عن الواقعة، لكن يجب أن ننتج فيلما، ليس من أجلنا، بل للأجيال القادمة، لأنهم سيحاسبوننا في المستقبل، ونحن أصلا متأخرون، فبوضياف اغتيل في 1992، مرت 32 سنة ولم ننتج فيلما عنه". وأشار زحزاح، إلى أن العديد من الأفلام أنتجت حول الرئيس الأمريكي جون كيندي مثلا، وفي مصر أنتج فيلم روائي عن الرئيس الراحل أنور السادات، معلقا "لا أدري إن هي نقص شجاعة للمخرجين وكُتاب سيناريو". صدى عالمي لفيلم "فرانس فانون" وبخصوص فيلمه الروائي الأول "فرانس فانون"، قال زحزاح، إنه صدر في 18 فيفري خلال مهرجان برلين السينمائي الدولي، ضمن منافسة أول فيلم روائي، ثم شارك في كوبنهاغن في مهرجان للفيلم الوثائقي، ذلك أن فيلم "فرانس فانون" له ميزة استعمال ديكور وثائقي، بما أنه صور في مستشفى، ثم مهرجان سينما الواقع بفرنسا في مارس الماضي. أما عن نيويورك فهي مفاجأة حقا، إذ هناك معرض حول العلاج النفسي المؤسساتي من خلال نموذج فرانس فانون، وقد التقى زحزاح بمبرمجة هذا المعرض في برلين، وقالت له، إن الفيلم كأنه أنجز من أجل هذا المعرض، وقد ألحت على مشاركته، وتمت برمجته يوم 21 جوان الماضي. وهذا المعرض ينظمه متحف الصور المتحركة، بالتعاون مع متحف الفنون الشعبية. كان للعمل أيضا، مشاركة في مهرجان في روسيا، وفي البرازيل، ونال جائزة لجنة التحكيم في مهرجان عنابة المتوسطي الرابع، مؤخرا، ويطمح زحزاح أن يشارك الفيلم في لقاءات بجاية السينمائية، مشيرا قبل ذلك، إلى أنه لابد من عرض أول في الجزائر العاصمة. كشف المخرج أيضا، عن أن الفيلم سيشارك في أكتوبر المقبل في مدينة ليون الفرنسية، ذلك أن فرانس فانون عاش فيها 6 سنوات، وزوجته أصيلة هذه المدينة، وتريد السلطات المحلية أن تكرمه بإطلاق باسمه على شارع من شوارعها، قائلا "طلبوا مني المساعدة من أجل الضغط على النظام من خلال عرض الفيلم، ذلك أن النظام الفرنسي يعتقد أن فرانس فانون كان عميلا يشتغل ضد المصالح الفرنسية". وأوضح زحزاح أن فانون له صفة "شهيد"، ويمتلك شهادة برقم تسلسلي تؤكد ذلك، توفي مصابا بالسرطان في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وقام الرئيس الأمريكي جون كيندي بتخصيص طائرة لنقل جثمانه إلى الجزائر عبر رحلة من واشنطن إلى تونس، ثم تسلمها كريم بلقاسم، والشاذلي بن جديد الذي كان قائدا في المنطقة الشرقية، وقاما بتأبينه، وخاضا خطرا كبيرا، لأن الاستعمار الفرنسي سمع بأمر يدبر، وتم إدخال جثة فانون ليلا ودفن في إحدى الغابات بمنطقة الطارف، تدعى زيتونة، وكان ذلك في 12 ديسمبر 1961، وكان قد توفي في 6 ديسمبر من السنة نفسها، وهذه الرحلة وحدها يمكن أن تصنع فيلما بحد ذاته، وبعد الاستقلال، تم نقل رفاته إلى عين الكرمة، وكل عام يقوم سكان المنطقة بتكريم فانون، إذ بقي حيا في ذاكرة الجزائريين. وحسب رؤية سينماتوغرافية واضحة، أكد زحزاح، أن القمع الاستعماري وجرائمه يظهر من خلال إبرازه في الفيلم بشكل أوسع، حيث نجح فيلم "معركة الجزائر" لأن المخرج بونتيكورفو كان ذكيا، وجعل من الممثل الذي أدى دور الجنرال بيجار بطلا للفيلم، وليس العربي بن مهيدي الذي ظهر لبعض الوقت، لذلك كان وقع الفيلم أقوى لما ركز على الطرف الشرير، بالتالي يتضح الطرف الآخر من النزاع بأنه على حق ومظلوم، وأن نضاله مشروع. شدد المتحدث أيضا على أهمية فتح قاعات السينما، ذاكرا حديثه في مهرجان عنابة الذي وجهه للوالي، مطالبا بفتح القاعات المغلقة بالولاية، واسترسل في قوله، إنه بفتح قاعة واحدة في كل ولاية كل عام، سنحصد 10 قاعات سينما خلال 10 سنوات في كل ولاية، وهذا الأمر "جيد". في شأن آخر، أكد محدث "المساء" أن هناك جيلا شابا، لكن الجيدين لا يظهرون، بسبب كثرة المتطفلين في الميدان، وأصلا هؤلاء المجتهدون ليس لهم وقت، فغالبا ما يسعون في أعمالهم، ونجدهم يركضون وراء الدعم في كل مكان، من أجل إنتاج أفلامهم. وتابع المخرج يقول "حتى المسؤولون لا ينتبهون لهؤلاء، الكثير من المواهب الشابة مهمشة، وحتى أنا كنت مهمشا في وقت سابق، وفرضت نفسي بعد عناء طويل". وواصل "هناك العديد من الأفلام التي أخذت ميزانيات من صندوق الدعم التابع لوزارة الثقافة والفنون، ولم نرها، نجدها فقط على الورق"، مشيرا إلى أن السينمائيين الحقيقيين يشتغلون بصعوبة في الظل، وأنه عانى شخصيا من التهميش، وابتعد لفترة عن المجال لهذا السبب. وأشار زحزاح إلى أنه في العالم، هناك 95 بالمائة من ممتهني السينما لا علاقة لهم بالمجال، و5 بالمائة المتبقية هم المحترفون الحقيقيون، لأنه يمكن الغش في السينما، لأنها تجمع بين مهن كثيرة، عكس الفنون الأخرى، ويعملون في صمت دون أن يحدثوا أي ضجة، عكس الكثير من أصحاب الوجوه الوقحة.