استذكر المشاركون في أشغال الملتقى الوطني الأول "الشهيد في الأدب الجزائري" الذي احتضنته المكتبة الرئيسة للمطالعة بسوق أهراس يومي الثاني والثالث نوفمبر الجاري، صورة شهيد الثورة التحريرية المجيدة في الشعر العربي. ودعوا إلى الاهتمام بكتابة الثورة؛ في محاولة لنفض الغبار عن إرث ثقافي أصيل ومتجذّر في المجتمع الجزائري. في هذا الصدد، دعا الدكتور ياسين خذايرية من جامعة "محمد الشريف مساعدية" بسوق أهراس، إلى الاهتمام بكتابة الثورة، وإثبات الهوية الجزائرية، وترسيخها في الأجيال القادمة؛ باعتبارها أعظم ثورة عرفها القرن العشرون. كما دعا الكتابَ والمبدعين للعودة إلى هذه الثورة، والكتابة عنها مرة أخرى، موضحا أن حجم الثورة وعظمتها لم يُواكَبا إبداعا، وتحتاج إلى إعادة الاهتمام بكتابتها، خاصة في هذه المرحلة. وواصل أن ما كُتب حول الثورة سواء في الشعر الجزائري أو الشعر العربي، يمكن أن يُضاف للذاكرة الوطنية، ثم يلقَّن للأجيال الجديدة، مع ضرورة إعادة النظر في المنهاج المدرسي الحالي، خاصة في بعض المواد الضرورية. وأكد الدكتور خذايرية في مداخلته بعنوان "الشعر والثورة التحريرية، مفدي زكريا نموذجا"، أن الجانب النفسي أو البسيكولوجي للشخصية الجزائرية وللبنية السوسيولوجية والاجتماعية للجزائريّين، يعبّر عن الآفاق الفكرية والثقافية للثورة التحريرية. وقال إن الشاعر الكبير مفدي زكريا مجّد الثورة، ومجّد الشعب. وتمثل شعريته ديوان الثورة الجزائرية بواقعها الصحيح وبطولاتها، فكان الشاعر مفدي لسانها؛ حيث نشر رائحة الوطنية بين الجزائريين والجزائريات، وقدّم من خلال نشاطه الشعري والسياسي، صورة مشرّفة للمثقف الملتزم. من جانبها، ذكرت الدكتورة سليمة لوكام من جامعة "محمد الشريف مساعدية" بسوق أهراس، في مداخلة بعنوان "الشهيدة في الرواية الجزائرية المكتوبة بالفرنسية"، المرأةَ الجزائرية المقاومة، من خلال قراءة في 3 نصوص لروائيين جزائريين، هم آسيا جبار، وزبيدة معامرية، وبوخالفة بيطام؛ حيث خُصّص عمل جبار للشهيدة من خلال رواية معامرية "الساعة ال23" ، و"شارع الحرية" لبوخالفة بيطام. وتوصّلت الدكتورة لوكام إلى أن الحديث عن المرأة الجزائرية قليل جدا، خاصة المرأة الشهيدة. وقالت: " ذلك يرتبط، ربّما، بسياقات اجتماعية وثقافية، تجعل الحديث عن المرأة حديثا هامشيا بالنظر إلى ما لحق هذه المرأة من ويلات، واغتصاب، وممارسات لاأخلاقية في هذا الجانب؛ ما يفسّر قلة حضور المرأة الشهيدة في الروايات؛ حيث يتم الحديث عن زوجة الشهيد، وأخت الشهيد، وأم الشهيد، لكن المرأة الشهيدة يُمر عليها مرور الكرام ". أما الدكتور حاتم كعب من جامعة "العربي بن مهيدي" بأم البواقي، فتحدّث في مداخلته "الكتابة والشهيد: قراءة في سلسلة أمجاد الجزائر 1830- 1962 قصة أحمد طالب نموذجا"، عن أهمّية المقاومة الثقافية. وقال إنها رسائل يمكن استشرافها من خلال أشكال الخطابات المختلفة؛ كتابة كانت أم مشابهة؛ كخطاب الهامش، والأغنية الشعبية، والقصيدة، والنكتة والسيرة الشعرية، وغير ذلك من الخطابات، التي تنفتح على العديد من المغامرات الثقافية، فيما أكد البروفيسور باديس فوغالي من جامعة "العربي بن مهيدي" بأم البواقي في مداخلته الموسومة ب "تجربة الشعر الشعبي الجزائري في تمجيد الثورة التحريرية"، أن الأمم التي لا تحتفي بجسامها وبيومياتها وبالمشاعر والمواقف التي تؤرّخ لتاريخها، أمم ميّتة. والجزائر واقفة بأبنائها وبناتها، ورجالها ونسائها، مضيفا: " لولا الشهداء لما كنا ننعم، اليوم، بالحرّية في ربوع وطننا العزيز ". من جهته، استدعى الدكتور عبد الخالق بوراس من جامعة "العربي التبسي" بتبسة، صورة الشهيد في الشعر العربي، اختصره في الشعر الشعبي من الطارف إلى بير العاتر. وقال إن الشعر الشعبي كان يمثل لسان حال الجزائريين، وورقة تاريخية تسرد ماضيهم المجيد، مشيرا إلى أن الشعر الشعبي كان له صيته في الثورة التحريرية المظفرة. وأوضح الأستاذ شكري لعلالقة مدير المكتبة العمومية للمطالعة بسوق أهراس ورئيس الملتقى، أن تنظيم الملتقى تزامن مع الذكرى 70 لاندلاع الثورة التحريرية؛ في محاولة لاستحضار صورة الشهيد في الأدب الجزائري، والشهيد الذي ضحّى بالنفس والنفيس من أجل أن تحيا الجزائر حرّة مستقلة. وقال "نسعى إلى ترسيخ هذا الملتقى، على أن يكون في كل سنة بعنوان وموضوع جديد، وهذا من أجل إثراء المشهد الثقافي بولاية سوق أهراس، وتسليط الضوء على العديد من النقاط الهامّة، سيما أن الثورة الجزائرية لم تأخذ حقها من الجانب الأدبي. ومن جانبه، دعا الأديب والإعلامي كمال بونعاس من جامعة سوق أهراس، للتواصل مع الفضاءات الثقافية، والتنسيق معها، وهو ما دعت إليه وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي. ويرى بونعاس موضوع "الشهيد في الأدب الجزائري" ، من المواضيع التي لم يُشتغل عليها سابقا. وقال إن صورة الشهيد من المفترض أن تحظى باهتمام الجامعة.