مرضى في رحلة بحث عن مخابر مرجعية لإجراء التحاليل

رغم إقرار المختصين بأن الخطأ وارد لقلة خبرة بعضها

تتسبب بعض مخابر التحاليل الطبية في إرباك المرضى، بسبب الأخطاء التي ترتكب عند إجراء التحاليل، حيث يقدم بعضها معلومات خاطئة، يوصف على أساسها العلاج، الأمر الذي دفع بالكثيرين، حسبما رصدته "المساء"، إلى اختيار المخابر المناسبة قبل إجراء التحاليل، والمطالبة بتفعيل الرقابة على الذين يرتكبون أخطاء كثيرة، تكون ضريبتها صحة المواطن.
رصدت "المساء"، في هذا الشأن، مجموعة من الحالات الواقعية على ألسنة بعض الأطباء، من الذين تمكنوا من اكتشاف الأخطاء التي تقع فيها بعض مخابر تحاليل الدم وبالصدفة، والتي تعكس، حسب بعض الأطباء، "لا مبالاة بعض المخابر" أو "قلة مهنيتهم وحاجتهم إلى تفعيل الرقابة على نشاطهم"، خاصة وأن الأمر يتعلق بحياة وصحة والمواطنين، ولعل من بين الشهادات التي سجلت في هذا السياق، للطبيبة العامة "سميرة. ب"، لرجل مسن، خضع لفحص طبي لديها، ونظرا لاشتباهها باحتمال إصابته ببعض أمراض الشيخوخة، طلبت منه إجراء بعض التحاليل، غير أن التحاليل التي جاء بها تشير، حسبها، إلى تسجيل ارتفاع كبير في الكولسترول في الدم لديه، غير أن أعراض المرض لا تظهر عليه، الأمر الذي ولد لديها الشك، فطلبت منه إعادة التحاليل مرة أخرى، ولكن في مخبر آخر، كانت قد وجهته إليه، والذي تعود المركز الصحي على العمل معه بالنظر إلى كفاءة طاقمه الطبي.
وقال الطبية: "وبالفعل أدركت أن هنالك خطأ وقع في التحاليل، وكدت أن أصف له دواء على أساسه، لولا أني تريثت"، وذكرت أن مثل هذه الأخطاء التي تقع فيها بعض المخابر، قد تتسبب في تعريض حياة المريض للخطر، خاصة إن كان الأمر يتعلق بوصف بعض الأدوية، التي تتعارض مع صحة المريض.
من بين الحوادث أيضا، التي أبت إلا أن تستعرضها بالنظر إلى خطورتها، حالة أخرى لطفل رضيع جاءت به أمه حتى يتم فحصه ووصف دواء له على أساس انه يعاني من نوبات السكر بناء على ما جاء في التحاليل التي خضع لها، وبعد الاشتباه في مدى صحة التحاليل، طلبت الطبيبة إجراء تحاليل أخرى في مخبرين مختلفين، وبالفعل تبين بأن المخبر وقع في خطأ، وأن الرضيع لا يعاني من أي أعراض للسكري، وأكدت المختصة أن مثل هذه الحوادث تصادفها بصورة دورية، وعند الاشتباه في التحاليل بعد فحص المريض، وطرح الكثير من الأسئلة عليه، نطلب إعادتها في بعض الأحيان مرتين أو ثلاث مرات لحمايته، معتبرة أن الأمر يتعلق بوصف أدوية، قد تتحول إلى سموم، إن تم تقديمها للشخص الخطأ، داعية بالمناسبة، إلى تفعيل الرقابة على نشاط بعض المخابر، خاصة تلك التي يشتبه الأطباء في وجود أخطاء في تحاليلها بصورة دورية.
اقتربت "المساء"، من بعض المواطنين لمعرفة "على أي أساس يتم اختيار مخابر التحاليل الطبية"، إذ أجمع عدد من المستجوبين، بأن اختيار المخبر يتم بناء على توجيهات من يعرفونهم في العائلة، بحكم أن بعض المخابر تأخذ شهرتها نتيجة تردد بعض أفراد العائلة عليها، وينصحون بها باقي أفراد العائلة، بينما أشار آخرون، إلى أنهم يبحثون عادة عن أقرب المخابر إلى منازلهم أو أماكن عملهم، حتى يكون من السهل التردد عليها لجلب نتيجة التحاليل.
بينما أشار آخرون، إلى أنهم يطلبون النصيحة من أطبائهم، بالنظر إلى الحوادث التي وقعت لهم مع بعض المخابر، والأخطاء التي تم تسجيلها عند إجراء تحاليلهم، وحسبهم، فإن بعض المخابر أصبح يتم استبعادها بالنظر إلى كثرة الشكاوى المقدمة، نتيجة الأخطاء الكثيرة التي ترتكب، حيث اكتسبت سمعة سيئة، ومع هذا تزال تنشط، الأمر الذي يتطلب، حسبهم، تفعيل عنصر الرقابة على هذا النوع من الأنشطة الحساسة، التي تتوقف عليها صحة وحياة المريض.
الخطأ وارد والمخابر مدعوة للتحلي بالخبرة المطلوبة
من جهتها، أوضحت لمياء سونة، طبيبة بمصلحة حقن الدم في مستشفى "فرانس فانون"، بأنه حقيقة تستقبل مصالح المؤسسة الصحية عددا من الحالات التي تأتي من أجل التأكد من صحة بعض التحاليل، وهي المخابر التي يطلق عليها اسم المخابر المرجعية، خاصة فيما يتعلق بتحديد زمرة الدم، التي تختص بها مراكزهم، أو للتأكد من بعض التحاليل المشكوك فيها، مشيرة إلى أنه لا يمكن الجزم في مصداقية مخابر دون أخرى، بسبب وجود بعض العوامل، مثل العتاد المستخدم ومدى تكوين الطاقم الطبي، ولكن الأكيد، حسبها، فإن الخبرة تلعب دورا كبيرا في صحة ما يجري تحليله من دم، لأن الفريق المكون تكوينا جيدا أكيد أن عمله سيكون نزيها ومتقنا، لافتتا في السياق، إلى أن ما ينبغي التأكيد عليه، أنه لا يمكن القول إن بعض المخابر ترتكب الكثير من الأخطاء، وإنما نقول بأنها "تفتقر للخبرة اللازمة".
وحسب الطبيبة لمياء، فإنه على مستوى مركز حقن الدم كثيرا ما تصادفهم بعض الحالات التي تكون مستعصية، مثل البحث عن زمرة الدم مشكوك فيها، مشيرة بقولها: "نجد في بعض المخابر زمرة دم باسم معين، وفي مخابر أخرى نجده باسم آخر"، وبالتالي تختم المتحدثة، بالتأكيد أن "الخطأ وارد"، و ما على المريض إلا استشارة طبيبة، الذي ينصحه، خاصة إن كان على اطلاع ببعض المخابر التي سبق له وأن تعامل معها، بالتالي يمكنه توجيه مريضه إلى ما يراه مناسبا.