يحب الأطفال في عمر السنة لمس الأجسام التي يجدونها في المنزل، استخدام أقلام التلوين لرسم أشكال على طريقتهم الخاصة على الجدران أو في أي مكان آخر.. كما يستهويهم إلقاء الأدوات أرضا للاستمتاع بصوتها وهي تنكسر، وتفكيك ألعابهم أيضا.. فكيف يكون رد فعل الأمهات إزاء هذه الفوضى التي ينشرها الأطفال؟ وماذا يقول الخبراء بخصوصها؟ أمور كثيرة تستهوي الصغار الذين تقل أعمارهم عن سنتين، منها إفراغ محتوى الخزائن والأدراج والعبث بأغراض أشقائهم، خربشة الكتب أو تمزيقها، بعثرة الأشياء التي يجدونها في طريقهم غير آبهين بالنتيجة.. وهذه الأمور باجتماعها تضيف أعمالا للأم التي تجد نفسها مطالبة بإزالة آثار الفوضى التي ينشرها الطفل في مختلف أرجاء المنزل. سألنا الإعلامية "حياة.م" وهي أم لطفلة عن رد فعلها فأجابت "فوضى الطفل في عمر السنة لم تكن بمثابة مفاجأة بالنسبة لي.. فقد كنت مهيأة نفسيا لتقبلها، ذلك أنني اطلعت على خصائص هذه المرحلة العمرية من خلال بعض الكتب والمقالات والأنترنت، فأدركت أن الطفل عندما يخطو خطواته الأولى يحدث فوضى "إيجابية" تعني أنه ينمو نموا طبيعيا، مما ساعدني على اتخاذ بعض الاحتياطات مثل إبعاد بعد الأدوات الحادة عن ابنتي." وتضيف "هي قضية يتحكم فيها مستوى الوعي ببساطة، فهذا الأخير حال دون فقداني لأعصابي، لكن أعترف بأني كنت أتعب كثيرا، بسبب عملية إعادة الترتيب التي كانت تجعلني في موقف يرهق الأعصاب ويدمع العين ضاحكا في آن واحد، خاصة عندما تلجأ طفلتي إلى الخزانة لتفرغ كل ما أتت عليه يدها وتطرحه أرضا!" وتروي السيدة "نهاد.ن" أم لطفلين "كنت أدرك بأن الفوضى مرحلة طبيعية يمر بها الأطفال، لكن عندما بدا لي أن الفوضى التي كان يحدثها طفلي فاقت الحدود، ساورتني الشكوك، فلجأت إلى طبيب طمأنني بأنها مؤشر طبيعي ولا شيء يدعو للقلق، ورغم ذلك كنت أفقد أعصابي عندما أفشل في السيطرة على الفوضى التي يحدثها ابني، فهو لا يتوقف عن الحركة، وأنا لا أتوقف عن المراقبة خشية أن يتعرض للحرائق أو أن يستهلك بعض المواد الخطيرة، أو أن يقع من الشرفة، صراحة إنها مرحلة مرهقة!" ويختلف الأمر قليلا بالنسبة للسيدة "سعاد.ك" موظفة، والتي كانت تفقد أعصابها بسبب الفوضى التي كان ينشرها طفلها، تقول "كنت أقلق كثيرا، بل أثور أحيانا، خاصة عندما ينقل أواني المطبخ إلى مختلف الغرف"، ثم تضيف "كان الضغط يدفعني في بعض الأحيان إلى ضربه أو التعامل معه بخشونة، لكن مع مرور الوقت تأقلمت مع الفوضى التي يحدثها، وأدركت تلقائيا أنها مرحلة طبيعية في حياته." لا تقلقي.. الفوضى تحفز المهارات!
يقول الخبراء في هذا الخصوص إن الأطفال في عمر السنة يبدأون في اكتشاف العالم وفق طريقتهم الخاصة، فيستهويهم إلقاء الأشياء أو ركلها من باب الفضول، حيث يساعد ذلك على تحفيز مهاراتهم، لذا ينبغي على الأم أن لا تتوتر، بل أن تتعامل مع الأمر بهدوء، كأن تستبدل الأشياء القابلة للانكسار بالكرة مثلا حتى تقل درجة الفوضى التي يمكن أن يحدثها. وينبه الخبراء إلى أنه من الضروري ترك الطفل ليخربش ويرسم كما يحلو له، ذلك أن استخدام اليدين والعقل يساعده على أن يكون مبدعا، فالمطلوب إعطاؤه الورق ليرسم بعيدا عن الجدران، كما لا ينبغي أن تنزعج الأم من الطفل عندما يلمس الطعام أو يلقي به، فهو يريد ببساطة أن يكتشف إذا كان يحدث صوتا عند ملامسته للطعام وإلقائه، كما أنه يستمتع بعملية فك الألعاب وإعادة تركيبها حسب خياله ليكسر رتابة الحياة. أما بخصوص رغبته في إفراغ الخزائن والأدراج واللعب بمختلف الأشياء التي يجدها في البيت، فهي وسيلة من وسائل التعلم عند الطفل الذي يحب أن يشبع رغبته في لمس الأشياء، وأن يمارس هواية الإفراغ، وما على الأم سوى الحرص على إبعاد الأدوات التي قد تسبب له الأذى مثل الأدوية ومواد التنظيف والسكاكين. وبالمقابل يمكن للأم أن تملأ صندوقا مصنوعا من مواد غير مضرة مثل القماش أو البلاستيك، وتضعه أمام الطفل ليقوم بتفريغه، لتساعده بذلك على تجديد ذهنه ومهاراته دون أن يتسبب في نشر الفوضى. وينصح الخبراء الأم بأن لا تقلق وأن لا تلجأ إلى معاقبة الطفل، لأن ما يفعله في هذه المرحلة العمرية هو تجربة تعليمية بالنسبة له، وسرعان ما سيتوقف عن نشر الفوضى وممارسة هواية إلقاء الأشياء بعد أن يصبح في عمر السنتين، حيث يتحسن استيعابه الذهني.