شكلت الطيور الدخيلة على الجزائر، في السنوات الأخيرة، مادة دسمة للباحثين بجامعة البليدة "1" (سعد دحلب)، لفهم ماهية هذه الطيور، وطريقة تأقلمها مع المناخ وتكييفها مع البيئة، والآثار المترتبة على تكاثرها، مثل طائر البلشون الأبيض واليمامة، اللذان سجلا تواجدا مكثفا في السنوات الأخيرة بالجزائر، وآخرها طائر المينا الهندي، الذي أدرج هو الآخر في القائمة البحثية، إذ أكد الدكتور جمال بن جودي، أستاذ التعليم العالي والبحث العلمي بجامعة البليدة "1"، كلية العلوم الطبيعة والحياة، وجود الكثير من المغالطات حول طائر المينا الهندي، خاصة ما تعلق منها بالجانب السلبي على البيئة، والذي يجري البحث فيه، على أن يتم إظهار نتائجه قريبا. وحول أهمية البحث العلمي حول كل ما يتعلق بالكائنات الدخيلة على الجزائر، خاصة ما تعلق منها بطائر المينا، وتأثيرها على النظام البيئي، والإضافة العلمية التي تقدمها في حماية النظام الإيكولوجي، كان ل"المساء"، هذا الحوار مع الدكتور جمال بن جودي. ❊ حدثنا عن تأثير الطيور الدخيلة على النظام البيئي في الجزائر؟ ❊❊ عند الحديث على الكائنات الدخيلة على الجزائر، نركز كثيرا على الطيور، كونها من الكائنات التي تهاجر خلال مواسم معينة، وتعود إلى مواطنها، لكن المفارقة في السنوات الأخيرة، أن بعض الطيور ليست مهاجرة واستوطنت في الجزائر، ولعل من بين هذه الطيور، نذكر اليمامة، التي لم تكن موجودة أو أن تواجدها قليل، حيث دخلت إلى ولاية عنابة في سنوات التسعينات، لكن في السنوات الأخيرة، زاد عددها بشكل كبير، ما جعلنا كباحثين، ندرجها ضمن بحوثنا العلمية لمعرفة الأسباب والتأثيرات على البيئة، شأنها شأن طائر البلشون الأبيض وطائر المينا الهندي، هذا الأخير أدرج ضمن القائمة البحثية، ويجري دراسة كل ما له علاقة بهذا الطائر، خاصة في الشق المرتبط بالتأثيرات السلبية على البيئة والإنسان. ❊ في رأيك، ما هي الطرق التي تدخل بها إلى الجزائر ما دام أنها ليست مهاجرة؟ ❊❊ في الحقيقية، طرق دخول هذه الطيور غير المهاجرة إلى الجزائر مختلفة، غير أن الأكيد أن العامل البشري هو السبب الرئيسي في دخولها، ومن ثمة تأتي عوامل أخرى عبر الموانئ في سفن الشحن، أو عن طريق التجارة غير الشرعية لمثل هذه الطيور، التي يتم جلبها بهدف الزينة، ومنه يجري التخلص منها دون إدراك مخاطر تواجها في البيئة، وعلى التوازن الإيكولوجي، وفي هذا الخصوص، نذكر مثلا، صنفا آخر من الطيور، وهو الببغاء، من الكائنات التي تهرب من الأقفاص بسبب الإهمال، لكن بعد هروبها إلى البيئة تتكاثر وتنتشر، غير أن هذا لا يعني بأن هذا النوع من الطيور كلها يمكنها التأقلم، لأن بعض الطيور التي تربى في الأقفاص، تجد صعوبة في الاستمرار، ومن هنا تظهر أهمية البحوث العلمية حول هذه الطيور الدخيلة. ❊ هل يمكن لبعض الطيور أن تكون مهاجرة، ومن ثمة تستوطن في بلد ما مثل الجزائر؟ ❊❊ حقيقة، هناك بعض الطيور التي أثبتت، تبعا لبعض الدراسات التي قمنا بها على مستوى الجامعة، أنها في أصل الشيء من الطيور المهاجرة، مثل البلشون الأبيض وطائر اللقلق، غير أنها لم تعد من الطيور المهاجرة، ومن هنا يطرح الإشكال، لأن الطائر الذي يدخل إلى الجزائر في موسم معين، ومن ثمة يغادر، لا يحدث خللا بيئيا، لأن وجوده مؤقت، ولكن عند وجود بعض العوامل، مثل التغيرات المناخية وتدخل الإنسان، أصبحت بعض الطيور مستوطنة، الأمر الذي يهدد النظام الإيكولوجي. ❊ أين وصلت الأبحاث حول طائر المينا الهندي؟ ❊❊ طائر المينا الهندي، حيكت حوله الكثير من القصص، خاصة ما تعلق منها بالأضرار التي يسببها على البيئة والإنسان، ولكن حسب تقديراتنا الأولية، كل ما قيل عنه غير صحيح إلى حد ما، فهو من فئة طيور الزرزور، ويفترض أنه ليس من الطيور المهاجرة، ينتقل من منطقة إلى أخرى، وعادة ما يكون الإنسان هو المتسبب في تنقله، وبعدما أطلقت حملة لصيده اخترنا على مستوى جامعة "سعد دحلب"، التكفل بدراسة كل ما يتعلق بهذا الطائر دراسة علمية تشمل طريقة تكاثره، وتنقله وطعامه، وطريقة عيشه في إطار دراسة ماستر، من أجل الخروج بدراسة علمية ومعلومات دقيقة حول هذا الطائر، لتحديد ما إذا كان حقيقة يشكل خطرا، أم أنه من الطيور النافعة، أما الحديث عن تكاثره، ففيه نوع من المبالغة، لأن أي حيوان لديه أعداء تساعد على توازنه، بالتالي فإن وجود مثل هؤلاء يجعلون تواجده غير مزعج، ومن ثمة فإن الدراسة البحثية ستسمح بالفصل في خطورة هذا الطائر من عدمه، وفي كيفية التعامل معه. ❊ ما هي الإضافة التي تقدمها مثل هذه البحوث العلمية؟ ❊❊ الهدف من البحوث العلمية على هذا النوع من الطيور الدخيلة، ليس القضاء عليها، إنما البحث في العوامل التي جعلتها تستوطن المكان، ومدى التأثير على التوازن البيئي، وإن كان تواجده يشكل خطرا على البيئة، من أجل طرح واقتراح الحلول بطريقة علمية لا تضر بهذا النوع من الطيور. ❊ كلمة أخيرة. ❊❊ يجري على مستوى جامعة "سعد دحلب"، القيام بالكثير من البحوث العلمية الهامة، التي تقدم إضافة نوعية تخدم البيئة بطريقة علمية، والأكيد أنه فيما يخص طائر المينا الهندي، ينتظر في القريب، طرح دراسة معمقة حول كل ما يخص هذا الطائر الدخيل والفصل في ماهيته وتأثيره المحتمل على النظام البيئي، والذي يوحي كملاحظة أولية، بعدم خطورته، لأن تأثيراته السلبية في دولة معينة، لا تعني بالضرورة أنها نفسها في دولة أخرى.