كشفت الحكومة عن الإجراءات الخاصة بإنشاء المراكز الثقافية بالخارج التي اقرها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في اجتماع مجلس الوزراء شهر أوت الماضي، وأوكلت لها مهمة ترقية الثقافة الوطنية بتنوعها في الخارج مع مراعاة قوانين البلد المضيف. ووقع رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة المرسوم المحدد للقانون الأساسي النموذجي للمراكز الثقافية الجزائرية في الخارج، حيث صنف كل مركز يتم إنشاؤه على أنه "مؤسسة عمومية ذات طابع إداري يتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وهو مؤهل لإبرام كل عقد ضروري لإقامته وسيره في البلد المضيف مع إمكانية استحداث ملحقات لبعض المراكز" . ويخضع إنشاء أو حل أي مركز ثقافي في الخارج لموافقة من وزارة الشؤون الخارجية ويتم إنشاؤه بموجب مرسوم رئاسي ويوضع تحت وصاية الوزارة الوصية وشدد المرسوم الرئاسي على ضرورة أن تراعي عملية إنشاء المركز الى القوانين المعمول بها في البلد المضيف قصد الحصول على تسهيلات وتعاون من طرف سلطات ذلك البلد. ويتولى المركز مهمة إعداد وتنفيذ برامج النشاطات الثقافية الهادفة إلى نشر الثقافة الوطنية في الخارج في إطار تطبيق السياسة الوطنية في المجال الثقافي، ويكلف خصوصا بالتعريف بالتراث الثقافي الوطني وقيم الهوية وتثمينها والمحافظة عليها، والعمل على ترقية الثقافة الجزائرية ونشرها، والتعريف بالتقاليد والفنون الشعبية الوطنية والصناعة الحرفية التقليدية وإبراز قيمتها، وتشجيع الإبداع ونشر الأعمال الفكرية، وترقية الفيلم والكتاب الجزائري وكذا كل إبداع فني جدير بالاهتمام وتدعيم نشر ذلك، وتشجيع الاحتكاك ما بين الثقافات بهدف التعريف بالثقافة الوطنية وتعزيز مكانتها في العالم، وتوسيع الفضاءات ومجالات الثقافة، وتشجيع الاتصالات بين المثقفين والباحثين والمبدعين والفنانين الجزائريين والأجانب، وتنظيم برامج نشاطات ثقافية لفائدة أعضاء الجالية الوطنية بالخارج، وتسهيل وتشجيع مشاركة الجالية الوطنية بالخارج في التنمية الاجتماعية والثقافية للبلاد، وتنظيم تبادلات ثقافية وفنية مع المؤسسات الأجنبية المماثلة، والمساهمة في تنظيم التظاهرات الثقافية الوطنية أو الدولية المتصلة بمجال نشاطها والتكفل بها ماليا، والتعريف في الجزائر على الخصوص بالإبداعات الفنية والفكرية للجالية الوطنية بالخارج، وتنظيم مكتبة وقاعة للقراءة وميدياتيك. وحسب المرسوم؛ فإن المشرفين على هذه المراكز يتعين عليهم الاهتمام أكثر بكل مكونات التراث الوطني والعمل على نشرها وخلق مجالا للاحتكاك مع التراث العالمي. وتخضع المراكز الثقافية الوطنية بالخارج الى مسؤولية رئيس البعثة الدبلوماسية ويديرها مجلس إدارة يترأسها هذا الأخير ويتكون من ممثلي ثماني وزارات من بينها الثقافة والسياحة والتربية الوطنية والشؤون الدينية إضافة الى ممثلين عن جمعيات الجالية الوطنية لذلك البلد. ويتولى مجلس الإدارة بموجب المرسوم إعداد برنامج خاص بنشاط المركز يمتد الى عدة سنوات، يأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات المالية لتجسيد ذلك، لكن لا يتم تطبيقه إلا عندما ينال موافقة وزارة الشؤون الخارجية، كما تبدي الوزارة أيضا ملاحظات بالقبول او الرفض بخصوص مداولات مجلس إدارة المركز فيما يخص جميع القرارات المتخذة. وتضع وزارة الخارجية المركز تحت الرقابة فيما يخص الأموال التي يتلقاها على شكل هبات من طرف حكومات او جمعيات او أطراف أخرى في البلد الموجود فيه، حيث أن "كل مداولات مجلس الإدارة المتعلقة بالميزانية والحسابات الإدارية وعمليات الاقتناء والبيع والإيجار الخاصة بالعقارات وقبول الهبات والوصايا لا تكون نافذة إلا بعد الموافقة الصريحة عليها من قبل الوزير الوصي ووزير المالية" . ويعد مجلس الإدارة تقريرا سنويا حول نشاطه يرفع الى رئيس الجمهورية والسلطة الوصية. وصادق مجلس الوزراء المجتمع في 26 أوت الماضي على المرسوم المتضمن إنشاء تلك المراكز، وأكد الرئيس بوتفليقة أن التوجه نحو إعادة الاعتبار للثقافة الوطنية والتعريف بها في الخارج لم يكن مسموحا لولا نجاح الجزائر في استعادة الأمن والسلم. واعتبر أن إنشاء هذه المراكز يعتد امتدادا للتظاهرات الثقافية الكبرى التي نظمتها الجزائر خلال السنوات الأخيرة سواء أتعلق "بسنة الثقافة الجزائرية بفرنسا" أو المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني أو بتظاهرة "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية" التي ستجرى سنة 2011 . يأتي قرار إنشاء هذه المراكز في سياق نظرة شاملة لإعادة الاعتبار للنشاط الدبلوماسي الجزائري من جميع النواحي وتدارك النقائص المسجلة في الاعتناء بالجالية، حيث تقرر إنشاء مجلس خاص بها.