تغص شوارع وأسواق العاصمة في الفترة الأخيرة بالراية الوطنية بمختلف أحجامها وكذا بلباس الفريق الوطني وصور أشبال سعدان وكل ما له علاقة ب"الخضراء" في تحضير مسبق للمقابلة المصيرية ضد المنتخب المصري التي باتت وشيكة. لا حديث للعام والخاص حاليا إلا عن مقابلة الجزائر ضد مصر. والكل معني بالأمر بحيث لا يقتصر الحديث عن الشباب المعروف عنهم ولعهم بكرة القدم بل امتد لجميع شرائح المجتمع أطفال، رجال، نساء وحتى العجائز والشيوخ..فالكل مع "الخضرا" كما نسمع في الأغاني الكروية ونرددها مع تحقيق كل فوز. البعض اعتبر اكتساح ألوان العلم الوطني للشوارع والشرفات والسيارات وحتى ملابس الشياب والشباب مناصرة قوية ليس فقط للفريق الوطني تشجيعا ومساندة له وإنما تعبير واضح عن الوطنية والانتماء الى هذا الوطن، مثلما قاله لنا شاب بشارع "طنجه" وسط العاصمة يبيع الألوان الوطنية إذ قال: "أختي احنا لا تنقصنا الروح الوطنية ..وكلنا مع الخضرا". وأضاف ان "حمى" الألوان الوطنية بدأت منذ السابع جوان الماضي بعد فوز الجزائر على مصر في مباراة الذهاب بالبليدة لحساب تصفيات المونديال، ثم ازداد الإقبال بعد كل فوز يحققه المنتخب الوطني لتعرف حدة الإقبال أقصاها مع تزايد حظوظ المنتخب للتأهل الى المونديال، بحيث لم تعد أمامه سوى كسب "جولة" مصر حتى يتأهل فعلا ويطلق بذلك العنان لأفراح الشعب الجزائري، وطبعا لا تكتمل الفرحة الا بالتلويح بالعلم الوطني وأغاني الشباب "الكروي" الذي أوجد أغاني كثيرة بالحان راقصة تزيد من نشوة الفرحة بالفريق الجزائري، بل أكد المتحدث انه من بين الزبائن الذين ترددوا عليه في الصائفة المنقضية بعض الألمان الذين اشتروا من عنده بعض الألبسة الرياضية بالألوان الوطنية وبعض المعاصم في شكل علم صغير. كذلك قال لنا أحدهم "نحن فخورون بارتداء العلم الوطني.. ومع برد هذه الأيام فانه لا أحسن من وضع وشاح الراية الوطنية ليقينا من لفح الصقيع ويجعلنا نشتم ريحة البلاد". حقيقة يبدو للمتجول بشوارع العاصمة وأسواقها كيف تزين ألوان العلم الجزائري المحلات، ليس فقط القرطاسيات أوطاولات الباعة الموسميين الذين اوجدوا لأنفسهم تجارة مربحة بكل المقاييس اذ ان وقوفنا للحظة أمام أحدهم بين لنا مدى الإقبال الكبير على شراء تلك الأشياء الكثيرة التي تحمل ألوان الأحمر..الأبيض والأخضر، فحتى باعة الملابس زينوا واجهات محلاتهم بكل لباس يحمل هاته الألوان الثلاثة. هناك الى جانب الراية الوطنية بمختلف أحجامها عديد الأشياء مثل الأوشحة، القبعات الرياضية، المعاصم، طاقيات وقلنسوات، قمصان وبذلات رياضية بألوان الفريق ولكل الفئات العمرية، حتى أننا لمحنا أحدهم يحمل طفلا صغيرا يرتدي بذلة رياضية "جزائرية" الألوان فبادرناه بالسؤال عن السبب فقال مباشرة "نحن نناصر الفريق الوطني..وأنا بطريقي لسوق بوزرينة بساحة الشهداء لاشتري بذلتين لابني الأخر (9 سنوات) وابنتي (12 سنة)..أما الراية الوطنية فاني امتلك منها الكثير وبمختلف الأحجام". كذلك صادفنا شابتين أمام طاولة زيّنت بالعلم الوطني بمدخل "الأقواس" تختاران من تلك السلع ما يوافق جيوبهما لما سألناهما السبب قالتا "احنا أيضا دزيريات ننتمي لهذا الوطن ومناصرة الفريق الوطني لا تقتصر على الرجال..النساء أيضا معنيات". وليس النساء أوالرجال أوالأطفال ممن يرتدون البذلات الرياضية بالعلم الوطني وإنما العجائز أيضا معنيات، بحيث صادفنا عجوزا ترددت على إحدى تلك الطاولات تسأل عن سلعة بعينها ابتكرت خصيصا للمناسبة والمتمثلة في مخدات دائرية الشكل مصنوعة بألوان العلم الوطني تتوسطها نجمة وهلال العلم..قالت أنها لمحت تلك المخدات بإحدى السيارات وهي تبحث عنها لتضعها بصالون منزلها..ثم قالت "تحيا الجزائر..ان شاء الله الفوز لنا". الملاحظ كذلك ونحن نتجول بالشوارع والأسواق ان من بين الأشياء الكثيرة التي تعرض للبيع وتحمل لون العلم الوطني هناك الساتر الذي يوضع على حافة السيارات وقد أخذ شكل علم وطني طولي مموج، هناك أيضا عطور السيارات رباعية الشكل أوالمثلثة والتي تسدل على المرآة العاكسة بالسيارة منها من يحمل صور لاعبي الفريق الوطني أوصورة رابح سعدان أوحتى العلم الوطني .هناك أيضا حقيبة اليد الرجالية وكذلك الممسكات التي توضع على الألبسة..وأشياء كثيرة للغاية لا يتسع المجال لذكرها. المهم أنها تحمل ألوان الجزائر..حتى ان بائعي القماش قد وضعوا على واجهات محلاتهم قطع النيلون الملفوفة بألوان الأحمر..الأبيض والأخضر تباع ب60 دج للمتر الواحد تسمح للراغبين بخياطة الراية الوطنية وما قد "يتفرع" عنها من أشكال بحسب الرغبة والمناسبة كذلك.. في الأخير تجدر الإشارة الى ان الحرب الإعلامية التي تدور رحاها بين إعلاميين جزائريي ومصريين كانت أيضا محور حديث كل من حدثناهم من باعة ومواطنين ولو ان "الحرب" الإعلامية تظهر بحدة من طرف أشقائنا المصريين الا ان ذلك لا يعني انه علينا كجزائريين الرد عليهم، يقول أحد الباعة مضيفا، يجب تهدئة الأوضاع بأي طريقة كانت ففي الأخير من حق كل طرف الحلم في الفوز وتحقيق التأهل للمونديال، أما ان نسب ونشتم من خلال الإعلام فهذا غير مقبول، وقال آخر "هذه فتن وأدعو الجميع ليعود الى "عقله" وخلونا في الروح الرياضية فهذا أحسن بكثير".