ناقش الأستاذ صالح الشقباوي أول أمس بمقر الجمعية الثقافية "الجاحظية" إشكالية الصراع الأيديولوجي الفلسطيني الإسرائيلي على المكان· في البداية توقف الأستاذ الجامعي صالح الشقباوي عند مصطلح "الأيديولوجيا"، مؤكدا أن لهذا الأخير سعة ومدلولات تتنوع بتنوع استعمالاتها الأكادمية، وأشار إلى أن هناك أكثر من مائة وستة وأربعين تعريفا للأديولوجيا حصره لوي التوسير في علاقة المعاناة التي تربط الناس بعالمهم، فهم لا يعبرون عن علاقتهم مع ظروف عيشهم بل عن الكيفية التي يعيشون فيها"· أما محمد سبيلة فعرفها بأنها:"الظاهرة الفكرية والثقافية العامة المؤطرة للمجتمع" واعتبرها الأستاذ المحاضر الحدث المؤسس والمرجعي للدولة، موضحا أن هناك أنواع مختلفة من الأيديولوجيات، عدد منها الأيديولوجية الماركسية القومية، الدينية، الليبرالية والوطنية··· وغيرها· وفي حديثه عن الأيديولوجية الصهيونية، أشار ضيف الجاحظية إلى أنها نسق بنيوي من المعتقدات والبنى والأفكار والأهداف السياسية جمع المثنولوجيا مع البرغماتية لإقامة دولة وتشكيل الكيان الصهيوني· وقد صنف الأستاذ المحاضر احتلال المكان كبداية للصراع بين الصهاينة والفلسطينيين مؤكدا أن الأرض الفلسطينية لم تكن المستهدفة في البداية بحيث طرحت قبلها رواند وقبرص كمكان لإنشاء الدولة الصهيونية ولم يتم الاستقرار على أرض كنعان إلا بعد مؤتمراليهود الرابع المنعقد سنة 1904· لتبدأ مرحلة التهويد وإحلال آل صهيون محل الفلسطينيين واقتلاعهم من أرضهم وتهجيرهم وتشتيتهم بين الأقطاع·وأوضح أستاذ الفلسفة أن الفكرالصهيوني قام على مبدأ أن هناك أرض بلا شعب وشعب بلا أرض· وعلى تأويل صهيوني للتوراة وأسطورة مفادها أن فلسطين هي "أرض الميعاد" وأن "اليهود أمة"· ومن جهة أخرى أكد المتحدث أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي لا تملك حدودا واضحة وتصنف نوعين من الحدود، حدود سياسية وأخرى توراتية، ويقصد بالحدود التوراتية حسبه موطئ قدم الجندي الإسرائيلي فحيثما وصلت أقدام الجندي الإسرائيلي تلك حدود دولة اليهود لذلك فهم يميزون بين حدود الدولة وحدود الحكم حدود إسرائيل من الفرات إلى النيل· كما أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تبقى هويتها غير واضحة المعالم -يضيف الأستاذ الشقباوي- لأنها تضم شتات وخليط أقوام من أقطار الأسرض المختلفة· وتنبأ الأستاذ المحاضر بفشل المشروع الصهيوني لثلاثة أسباب رئيسية، أولها الأزمة البنيوية والتاريخية التي يعانيها الكيان الذي تأسس على نفي الآخر الفلسطيني، وفشله في تحقيق هذه الغاية وفي إسكات التاريخ وطمس معالم الهوية الفلسطينية، وكذا تفجر التناقضات الأيديولوجية ونجاح الفلسطيني في تفكيك هيمنة اليهود على التاريخ· وفي محاولة تقديم قراءة لمستقبل الصراع، أشار الشقباوي إلى وجود ثلاثة خيارات، أولها تأسيس دولة فلسطينية عاصمتها "القدس"، وهو الخيار الأمثل، أو إنشاء دولة ثنائية القومية وأخيرا إنشاء دولة تذوب في العلمانية، وهذان الخياران الأخيران- يقول المحاضر- مستحيلان، واعتماد الخيار الأول تواجهه العديد من المشاكل، أهمها تأجيل قضايا الحل النهائي كالقدس واللاجئين وكذا استمرار إقامة الجدارالعازل الذي يأكل 24 بالمائة من أراضي الضفة الغربية، وإقامة المستوطنات التي تحتل 42% من أراضي الضفة الغربية،بالإضافة إلى الارتباط شبه الكلي بين الاقتصاد الفلسطيني والإسرائيلي· وأنهى الأستاذ صالح الشقباوي محاضرته بالتأكيد على أن حل القضية الفلسطينية يكمن في اعتراف إسرائيل بالحق الفلسطيني·