قرر المرصد الجزائري للمرأة التابع لأكاديمية المجتمع المدني الجزائري ولأول مرة إقامة دورة تدريبية تدوم ثلاثة أيام لفائدة مقدمي الخدمات الصحية (القابلات)، حيث تمحور موضوع الدورة حول الجانب الإنساني والروحي لمهنة القابلة. على أن تعمم هذه الدورات التدريبية عبر كافة ولايات الوطن حتى يستفيد أكبر عدد ممكن من القابلات. تعد مهنة القابلة من أقدم المهن، عرفت عدة تطورات عبر الزمن من حيث تقديم الخدمات، وشيئا فشيئا أصبحت مهنة مستقلة في حد ذاتها، تتطلب لممارستها الخضوع إلى تكوين نظري وتطبقي حتى تتمكن القابلة من مواكبة كافة التطورات الحاصلة في مجال الصحة، ومن أجل مساعدة هذه القابلات على تقديم خدمات أحسن للمرأة اجتهد المرصد الوطني للمرأة على إقامة دورات تدريبية لتدعيم القابلة من خلال إيجاد بعض الحلول لانشغالاتها، لأن ذلك من شأنه أن يمكن هذه الأخيرة من تقديم خدمات أحسن، وحول هذا صرحت ل"المساء" السيدة شائعة جعفري رئيسة المرصد الوطني للمرأة قائلة "بما أن المرصد الوطني للمرأة هيئة استشارية تابعة لأكاديمية المجتمع المدني الجزائري وتعنى بكل القضايا المتعلقة بالمرأة فقد قررنا هذه المرة التوجه إلى النشاط النسوي في دور التوليد، كون هذه الخدمات موجهة بالدرجة الأولى للمرأة، حيث فتحنا دورات تدريبية ركزنا فيها على تحسين الخدمات الموجهة للمرأة من خلال التطرق إلى الجانب الإنساني الذي يحث عليه دينانا الحنيف فالدين معاملة". وحول سبب تسليط الضوء على الجانب للإنساني في مهنة القابلة، أضافت المتحدثة أنه بعيدا عن المشاكل التقنية والصعوبات التي تواجهها القابلة عند آداء مهمتها، فلابد أيضا من رفع النقاب على الطريقة التي ينبغي للقابلة أن تعامل بها المرأة من حيث كيفية الاستقبال والتحاور وكيفية تقديم النصيحة أو الخدمة الصحية، حتى تحظى المرأة بنوعية عالية من الخدمات، وهو الجانب الذي ظل إلى وقت طويل منسيا غطته المشاكل التقنية التي تعانيها القابلة، والتي يأتي على رأسها قلة عدد القابلات، حيث يبلغ عددهن في الجزائر 9000 قابلة فقط وهو عدد قليل. تحسين الخدمات مرهون بالتكوين المستمر للقابلة اعتبرت المشاركات في الدورة التكوينية التي أقيمت بالمعهد الوطني للتكوين البيداغوجي الشبه طبي بحسين داي مؤخرا مثل هذه المبادرات بمثابة همزة وصل بين المكلفين بالتكوين وقطاع الصحة ومقدمي الخدمات الذين يمكنهم من طرح انشغالاتهم وتبادل وجهات النظر والعمل على الرفع من مستواهم، من خلال الاستفادة مما يقدم في الدورات لأن الرفع من مستوى القابلة مرهون بالتكوين المستمر وهو الأمر الذي تشتكي منه اغلب القابلات، حيث حدثتنا القابلة ليلى كركاش قائلة "إن عمل القابلة يعد من أصعب المهن، لأنها في بعض الأحيان عند غياب الطبيب تكون ملزمة على العمل بمفردها واتخاذ بعض القرارات السريعة لإسعاف المرأة، خاصة فيما يتعلق بالولادة، وحتى تتمكن هذه الأخيرة من تقديم خدمة صحية في المستوى، لابد أن تخضع بصورة مستمرة إلى التوعية والتحسيس من خلال التكوين، وينبغي كذلك أن يكون محتوى الدورات التدريبية مستمد من واقع القابلة، أي من خلال التقرب منها ومعرفة أهم المشاكل التي تعانيها في مقر عملها، كقلة القابلات، بحيث نجد مثلا في قطاع صحي قابلة واحدة فقط، إلى جانب مشكل قلة الإمكانيات كالاكتظاظ الذي تشهده بأقسام الولادة". إنسانية القابلة يظهر في عملها كأخصائية نفسانية وحول ما إذا كانت القابلات تراعين الجانب الإنساني والأخلاقي في معاملتها مع المرأة أكدت لنا بعضهن أن عملهن كقابلات يبدأ أولا بالتركيز على الجانب النفسي للمرأة، حيث أكدت "ذهبية مدبال" قابلة بالقطاع الصحي لباب الوادي أن عملها مع المرأة يبدأ أولا بجعل هذه الأخيرة تشعر براحة كبيرة من خلال فتح باب النقاش حول مشكلها الصحي، لأن شعورها بنوع من الحب في المعاملة يسهل على القابلة مهمة حل مشكل المرأة. "ففي بعض الحالات نواجه نسوة يرفضن حملهن مثلا وبالتالي فمشكلتهن نفسية أكثر منها صحية"، بينما علقت القابلة كريمة مشتي قائلة "من المفروض أن تكون لدينا قابلات وقابلات أخصائيات نفسيات مثلما هو معتمد بالدول المتقدمة، لأن هذا الحل من شأنه إحاطة المرآة بكل ما يلزم من العناية، ويعني أيضا تقديم خدمات ذات جودة عالية، وأن هذا لا يتحقق إلا بالزيادة في عدد القابلات والاعتماد على التكوين المستمر والمتواصل لهن".