توج الاجتماع الرابع رفيع المستوى الذي ترأسه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ورئيس الحكومة الإسباني خوسي لويس رودريغز ثباثيرو، أول أمس الخميس، بمدريد بتصريح مشترك أبرز ضرورة تكريس الطابع الاستراتيجي للعلاقات الثنائية وآفاق تطويرها في مختلف مجالات التعاون، وأكد تطابق وجهات نظر البلدين حول قضايا الأمن والقضايا الإقليمية. وقد عكس التصريح الختامي المشترك الذي كلل القمة الجزائرية-الإسبانية التي احتضنتها مدريد بمناسبة الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس بوتفليقة على رأس وفد وزاري هام إلى هذا البلد الصديق الإرادة المشتركة للبلدين في دفع التعاون الثنائي إلى مستوى أسمى تطبيقا لمعاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار التي وقعت بين الدولتين في أكتوبر 2002 بمدريد. كما عكس مضمون التصريح المشترك المستوى الراقي للمحادثات التي جمعت رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مع رئيس الحكومة الاسبانية السيد خوسي لويس رودريغاز ثباتيرو، على هامش الاجتماع رفيع المستوى الذي عكف على وضع تقييم دقيق للعلاقات الثنائية وآفاق تطويرها في مختلف مجالات التعاون. وتوسعت بعد ذلك المحادثات السياسية بين الطرفين لتشمل أعضاء وفدي البلدين، حيث ضم الوفد الجزائري وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد نور الدين يزيد زرهوني ووزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي ووزير الطاقة والمناجم السيد شكيب خليل ووزير الأشغال العمومية السيد عمار غول، فيما ضم الوفد الإسباني وزراء الشؤون الخارجية السيد ميغال أنخيل موراتينوس والداخلية السيد ألفريدو بيريز روبالكابا والصناعة والسياحة والتجارة السيد ميغال سيباستيان والتجهيز السيد خوسي بلانكو. وأشار التصريح الختامي للقمة الجزائرية الإسبانية إلى أن أشغال هذا الاجتماع الرابع رفيع المستوى سمحت بدراسة الوضعية الحالية للحوار والعلاقات الثنائية وآفاق تطويرها، مع التطرق إلى بعض المسائل الإقليمية الراهنة التي تهم البلدين وخاصة على مستوى المغرب العربي وحوض المتوسط والصحراء الغربية والساحل وإفريقيا، مبرزا بأن جو التفاهم المتبادل الذي ساد المحادثات يعكس الوضعية الممتازة التي تعرفها العلاقات الجزائرية الإسبانية والثقة المتبادلة وإرادة وطموح البلدين في توسيع وتعميق علاقاتها قصد إقامة شراكة تستوحي كل العناصر التي تنبني عليها علاقات بلدين مجاورين يتقاسمان نفس الرؤية المستقبلية. من جانب آخر أوضح البيان أن الجزائروإسبانيا تدعوان إلى اعتبار الأزمة الاقتصادية والمالية بغض النظر عن تأثيراتها السلبية فرصة لإنهاء واستكمال مسارات التكييف وإنعاش وعصرنة اقتصادهما وتقليص الفوارق وخلق فرص لتوفير مناصب الشغل والاستثمارات، كما أكدتا التزامهما على مستوى الاتحاد الأوروبي بالنسبة لإسبانيا وفي الإطار الإفريقي والعربي بالنسبة للجزائر بمكافحة التغير المناخي، ومواصلة العمل قصد التوصل إلى اتفاقات تشمل التزامات أكثر طموحا لتفادي الاحتباس الحراري وتشجيع اللجوء إلى الطاقات المتجددة قصد ضمان التنمية المستدامة. وأعرب الطرفان عن ارتياحهما للتقدم المحقق في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين في سياق مسار تفتح الاقتصاد الجزائري والديناميكية الإيجابية للنمو التي شهدتها الجزائر في السنوات الأخيرة، مثمنين ما سجل مؤخرا من توسيع شبكات الربط والمواصلات جوا وبحرا بين البلدين، ومعبرين عن ارتياحهما لنهاية انجاز أنبوب الغاز البحري المباشر "ميدغاز"، وعن إرادتهما المشتركة على تطوير مشاريع الربط المستقبلية التي تعزز الاتجاه القائم نحو التواصل المادي والترابط الاقتصادي والاستراتيجي بين البلدين ولاسيما في مجال الربط الكهربائي في إطار تنفيذ المخطط الشمسي المتوسطي. وأعربتا أيضا عن ارتياحهما لاستكمال تحكيم مشروع "قاسي الطويل"، مع تأكيد قرارهما بتجاوز العراقيل التي قد تقف أمام علاقاتهما الطاقوية وتعزيز جو الثقة المتبادلة. وفي حين جدد التصريح المشترك الذي توج الاجتماع عزم البلدين على مواصلة جهودهما لتجسيد الشراكة الاستراتيجية في مجال الطاقة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، أثنى على ديناميكية المؤسسات الاسبانية ومساهمتها الفعالة في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، مشيرا إلى أن اسبانيا أصبحت من بين أهم المستثمرين في الجزائر، وأن البلدين يتطلعان إلى دفع هذه الاستثمارات أكثر في قطاعات محركة للتنمية في الجزائر. وفي سياق متصل اتفق البلدان على ترقية التعاون في مجال الري والفلاحة، ودعم مشاركة المؤسسات الاسبانية في البرنامج الوطني للتجهيز العمومي 2010 -2014 معتبرين أن الأزمة الدولية الحالية تسمح بتجاوز المنطق التجاري والخوض في منطق مشاريع مشتركة وتحقيق التكامل والانفتاح المتبادل للأسواق. وبادرت الحكومتان باتصالات حول مشروع الميثاق الاورومتوسطي الخاص بالطاقة والتغير المناخي الذي يرتكز على ريادة الجزائر في مجال الغاز وإسبانيا في مجال الطاقات المتجددة، حيث سيتم في هذا الغرض إنشاء مجموعة عمل ثنائية، كما اتفق الطرفان على مواصلة المباحثات لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، إيلاء ظاهرة الهجرة الأهمية التي تستحقها من خلال معالجة ملائمة تقوم على التشاور والتعاون وضرورة مواجهة أسبابها العميقة. والتزمت الحكومتان بتشجيع وتسهيل التبادلات البشرية بين البلدين، مرحبين بتأسيس منتدى الصداقة الاسباني الجزائري الذي يعتبر وسيلة واعدة لترقية الصداقة بين البلدين خاصة بين فعاليات بالمجتمع المدني. ويسعى الطرفان إلى تعزيز تعاونهما الثقافي، من خلال التوقيع قريبا على مذكرة تفاهم ثقافية، معتبرين إدراج دراسة الإسبانية كلغة أجنبية في المنظومة الجامعية الجزائرية عنصرا هاما في مخطط التقارب، وهنأت اسبانياالجزائر على التظاهرة التي ستحتضنها تلمسان سنة 2011 كعاصمة للثقافة الإسلامية معربة عن استعدادها للمساهمة في إنجاح هذا الحدث، ويدرس الطرفان في المجال العلمي والتقني والثقافي والتربوي، إمكانية تكييف المخطط المدير الجديد 2009-2012 للوكالة الاسبانية للتعاون الدولي من اجل التنمية. وعلى صعيد التعاون الأمني، عبر البلدان عن انشغالهما بخصوص الوضع بمنطقة الساحل وأبديا قناعتهما بضرورة التعاون بين مجموع بلدان منطقة الساحل، واستفادتها من دعم ومساعدة الشركاء الإقليميين، معربين في هذا السياق عن ارتياحهما لمصادقة مجلس الأمن الأممي على اللائحة 1904 التي تعزز الأحكام المتضمنة في اللوائح 1373 حول تمويل الإرهاب ومكافحته و1267 حول تمويل نشاطات المجموعات الإرهابية. كما أشادا بالتعاون الوثيق في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، معربان عن ارتياحهما بشأن التعاون الثنائي في مجال العدالة وكذا التعاون المؤسساتي الثلاثي إسبانيا-الاتحاد الأوروبي-الجزائر من أجل مرافقة ودعم إصلاح العدالة في الجزائر. والتزمت الجزائروإسبانيا بالعمل معا قصد ضمان التحضير الجيد ونجاح القمة الثالثة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا المقررة في السداسي الثاني 2010. الرئيس بوتفليقة يعبر عن ارتياحه لتطور العلاقات الثنائية وفي نهاية زيارته الرسمية لإسبانيا عبر رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في برقية وجهها إلى ملك إسبانيا خوان كارلوس الأول عن ارتياحه الكبير لتطور علاقات التعاون بين البلدين، مشيرا إلى أن هذه العلاقات ما انفكت تنمو لفائدة الشعبين الصديقين، كما عبر بالمناسبة لملك إسبانيا عن شكره الصادق على حفاوة الاستقبال الذي حظي به والوفد المرافق له خلال الزيارة التي دامت يوما واحدا. كما عبر رئيس الجمهورية في برقية أخرى وجهها لرئيس الحكومة الاسبانية السيد خوسي لويس رودريغز ثاباتيرو عن ارتياحه للنتائج التي توجت اللقاء الذي جمعهما أثناء زيارته الرسمية، ولفحوى المحادثات التي ميزت الاجتماع الرابع رفيع المستوى الذي جمع الطرفين، معربا عن قناعته بأن هذا اللقاء سيكون له لا محالة إسهام هام في تعزيز أواصر الصداقة والتعاون بين الجزائرواسبانيا. وكان رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة خلال زيارته بمدريد ضيف مأدبة غداء أقامها على شرفه رئيس الحكومة الإسبانية السيد خوسي لويس رودريغاز ثباتيرو. وتجدر الإشارة إلى أن هذا اللقاء رفيع المستوى يعقب ذلك الذي انعقد بالجزائر في 12 ديسمبر 2006 بمناسبة الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الاسبانية إلى الجزائر، ويندرج في إطار تطبيق معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار التي وقعت في أكتوبر 2002 بمدريد خلال زيارة الدولة التي قام بها الرئيس بوتفليقة إلى إسبانيا.