الانتقال من عالم الحرف إلى عالم الفن التشكيلي، خطوة فعلها حجوجة أحمد بن يوسف، الذي اتخذ من "الطاجين" و"السيّار" و"الهيدورة" ورموز أخرى من التراث الجزائري، دعائم يعبر من خلالها عن إبداعه ويحكي فيها قصصا صنعها من خياله المستوحى من الأساطير الجزائرية. استعمل أحمد في تحفه الفنية رمز "القوري" الذي يدل على حيوان الماعز، بحيث وضع رموزا معينة أخذها من المفروشات التقليدية الجزائرية في مجموعة من الطواجين ووضع في أعلى كل منها دائرة يحكي فيها جزءا من قصة القوري التي استنبط أحداثها من التراث الجزائري المتنوع، وأضفى عليها الكثير من خياله الغزير. أحمد أو الذي لقب نفسه ب"الهب لوهيبو"، نسبة لحيوان البوم الذي يحبه والذي يرمز للحكمة عند الإغريق، يقول أن الماعز رمز كان يستعمل في القديم وهو حيوان أليف عايش الإنسان الجزائري منذ عصور ما قبل التاريخ، مضيفا أنه اختار هذا الرمز، عوض رموز أخرى، لأنه خاص بالجزائر. واعتبر احمد أن اعتماده على الطاجين مثلا أو حتى السياّر (الغربال)، كخلفية للتعبير عن فنه بدلا من استعماله للوحة يعود إلى حبه لكل ما هو تقليدي وتراثي، فانتقل من عالم الحرفية إلى عالم الفن التشكيلي، من خلال وضع لمسات فنية على أدوات منزلية وتحويلها من أداة لها قيمتها المنزلية إلى تحفة فنية، إما من خلال تلوينها أو إضفاء مواد عليها مما يدخلها في عالم الحداثة. فوضع أحمد سلسلة من الطواجين بعنوان "حلقة الإغراء"، بحيث رسم في كل طاجين رمزا معينا ووضع جزءا من قصة هذه السلسلة في دائرة، التي تحكي قصة الماعز "القوري" الذي يلاحق غزالا أعجبه إلى غاية الصحراء وهناك يتحول هذا الغزال إلى الشخصية الأسطورية "لالا اوملا" التي ترسم حول القوري حلقة الإغراء. وتحدث "هيب لوهيبو؛ (الذي بدأ مسيرته الفنية في المدة الأخيرة بعد تقاعده من عمله)، أيضا عن اهتمامه بالإحساس الفطري الذي يستطيع في أي لحظة أن يطفو على سطح شخصية الإنسان ويغير من تصرفاته. وبالنسبة لمشاريعه فيقول أنه بصدد التحضير لسلسلة أخرى عن القوري دائما مستطردا في قوله: "أتمنى أن أجد الإمكانيات اللازمة لكي أواصل مسيرتي وان استمر في التجديد واستعمال مواد أخرى".