ساهم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس بأديس أبابا بمداخلة في إطار النقاش العام حول موضوع "تكنولوجيات الإعلام والاتصال في إفريقيا: تحديات وآفاق من أجل التنمية" الذي دار في إطار القمة ال14 للاتحاد الإفريقي. فيما يلي نصها الكامل: "فخامة الرئيس السيدة والسادة رؤساء الدول والحكومات السيد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي أصحاب المعالي والسعادة حضرات السيدات والسادة دعوني في المستهل أعرب لكم عن تهاني الحارة بانتخابكم رئيسا للاتحاد الإفريقي وأؤكد لكم دعمي التام في اضطلاعكم بمهامكم السامية. إن من سبقكم في هذه المهمة قائد الثورة الليبية أخي معمر القذافي يستحق التنويه والثناء من لدن جمعيتنا على ما تحلى به من إخلاص وتوثب وإصرار في خدمة مثل الاتحاد الإفريقي وتشييده. فخامة الرئيس لقد جاءت الفجوة الرقمية لتنضاف إلى العوائق وجوانب الضعف والهشاشة التي تسهم في تهميش إفريقيا في الاقتصاد العالمي وفي تيارات التبادل الدولية. يشكل تقليص هذه الفجوة تحديا من التحديات التي تكتسي طابع الأولوية بالنسبة لكل بلد من بلداننا ولشبه مناطقنا ولقارتنا. وليس من قبيل المصادفة أن الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (النيباد) حددت تكنولوجيات الإعلام والاتصال ضمن الرهانات الأكثر إلحاحا لإنعاش التنمية وتحسين ظروف معيشة الشعوب الإفريقية. إن إفريقيا هي أكثر القارات تأخرا في مجال تطوير واستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال على أهميتها البالغة في الالتحاق بركب الاقتصاد القائم على المعرفة. ومن ثمة يتعين علينا تطوير منشآتنا القاعدية بالتركيز على قابلية الربط بالسرعة العالية جدا مع إيلاء عناية خاصة في الوقت ذاته لسياسة الأسعار لتمكين ذوي الدخل الضعيف من الساكنة من الاستفادة هم كذلك من منافع الشبكات الإعلامية. فلقد باتت تكنولوجيات الإعلام والاتصال أدوات ضرورية في كافة المجالات الحيوية بالنسبة لتنميتنا. وبالإمكان تسخير التكنولوجيات هذه في خدمة السياسة الجوارية التي تتيح تقديم خدمات عمومية مباشرة للمواطنين والعاملين في الحقل الاقتصادي وتوصيلهم بالإعلام الرسمي العمومي. والواقع يؤكد أن تحديث الاقتصاديات يرتبط ارتباطا وثيقا بمسارعة جملة العاملين الاقتصاديين والاجتماعيين إلى تملك التكنولوجيات الرقمية وبتطوير رأس المال البشري أساسا عن طريق الاستثمار في التعليم والتكوين وفي البحث والإبداع. وقد باشرت الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (نيباد) شتى المشاريع التي من شأنها أن تؤمن تنمية مستدامة لبلداننا وتربط القارة بالاقتصاد العالمي. وفي هذا الشأن سجلنا بارتياح أن خطة العمل 2010-2015 التي وضعها الاتحاد الإفريقي والنيباد أعطت أولوية بالغة لمجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال والموقف المرحب بخطة العمل هذه الصادر عن شركائنا في التنمية إنما يجعل منها أرضية واعدة لتعاوننا معهم إذ يمكننا الاستفادة من خبرتهم في هذا المجال. وإن إنجاز وربط شبكات الطرق السريعة للمعلومات على المستوى شبه الجهوي على غرار شبكة الألياف البصرية الرابطة بين أبوجا وزندر والجزائر العاصمة لقمينان بتسيير مسار إدماج إفريقيا بفضل إنشاء ركيزة استناد حقيقية قادرة على نقل المعلومات بسرعة كبيرة. وسيسهم القمر الصناعي راسكوم بعد تثبيته في مساره في تعزيز قدرات الاتصال البينية الإفريقية. لقد احتضنت الجزائر من 7 إلى 9 ديسمبر 2009 الندوة الإفريقية الثالثة حول العلوم والتكنولوجيات الفضائية في خدمة التنمية المستدامة. وقد دعت الندوة هذه إلى إحداث إطار تعاون جهوي من شأنه تسهيل ضم الوسائل البشرية والمادية المتوفرة في البلدان الإفريقية في كل قطاع من قطاعات المجال الفضائي وبالخصوص منها تلكم المخصصة لمراقبة الأرض. ومن هذا الباب ستدعى الوكالات الفضائية ومراكز استغلال الأقمار الصناعية ومعالجة صور الأقمار الصناعية والجامعات المشاركة في نشر العلوم والتكنولوجيات الفضائية إلى التعاون في مجالات الاتصالات السلكية واللاسلكية والاستشعار عن بعد والأنظمة الإعلامية الجغرافية وأنظمة تحديد المواقع. إن تشكيل كوكبة من الأقمار الصناعية الإفريقية المتخصصة في مراقبة الأرض قريبا تحت تسمية "كوكبة تسيير الموارد الإفريقية (ARMC)" بمشاركة ثلاث بلدان إفريقية لحد الآن من شأنه أن يعزز قدرات الوقاية من التصحر ومحاربة غزو الجراد وإدارة تبعات الكوارث الكبرى. وبالنظر لأهمية وأبعاد برنامج الأممالمتحدة للوقاية من الكوارث الكبرى وإدارتها عن طريق الأداة الفضائية فإن تفعيل مكتبي الجزائر العاصمة وأبوجا الجهويين سيمكن من الوصول سريعا إلى المعطيات التي توفرها الأقمار الصناعية ومن الاستفادة من المساعدة التقنية واستغلالها أقصى استغلال في سبيل التخفيف من وقع الكوارث وآثارها. والجزائر اعتبارا لشساعة ترابها الوطني أطلقت برنامجا واسعا للنهوض بالعلوم والتكنولوجيات الفضائية من خلال تثبيت أول قمر صناعي جزائري لمراقبة الأرض في مداره عام 2002 بما أتاح تطوير تطبيقات في مجالات البيئة وتهيئة الإقليم والموارد المائية والصيدية والمنجمية والفلاحة والسكن والعمران والنقل. وسيتم في بحر الثلاثي الثاني من هذا العام إطلاق قمر صناعي ثان لمراقبة الأرض تعويضا عن القمر الأول يفوق سابقه من حيث الأداء باثنتي عشرة مرة. كما سيتم تصنيع قمر ثالث توأم القمر الثاني بالجزائر ليطلق خلال سنة 2013. وإذا اقتضى الأمر ذلك ستوضع المحطات الفضائية هذه تحت تصرف البلدان الإفريقية في إطار ثنائي أو متعدد الأطراف للتعاون وتبادل المساعدة. فخامة الرئيس إن إفريقيا لتزخر بإمكانات بشرية وطبيعية هامة. وتعبئتها لفائدة تكنولوجيات الإعلام والاتصال إنما هي مقتضى يستدعي ضم الجهود على مستوى القارة قاطبة" .