لا يمكن لنا تفسير تنقل الرئيس الفرنسي إلى مالي الأربعاء الماضي للقاء الرهينة الفرنسي المفرج عنه مقابل منح الحرية لأربعة إرهابيين سوى أنه مراوغة ولعب على الورق المكشوف للسياسة الفرنسية في التعاطي مع ظاهرة الإرهاب. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل جاءت زيارة ساركوزي كتحد لدول المنطقة التي لم تستسغ قرار باماكو الذي اكتنفه الكثير من الغموض، في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات بضرورة تضافر الجهود لمحاربة الإرهاب بين دول الساحل بالتنسيق مع الجهات الدولية. ولعل ضرب باريس عرض الحائط الدعوات الدولية بعدم الانصياع لمساومات الإرهابيين ولا سيما منها دفع الفدية رغم نكرانها إقدامها على ذلك مع رهينتها بمالي، لدليل على عدم اكتراث المسؤولين الفرنسيين بمسألة تنسيق الجهود الدولية لمكافحة هذه الظاهرة العابرة للحدود، ليتبين هنا زيف قناعة باريس وإصرارها على الدوس على كل الجهود من أجل مصالحها الضيقة النابعة من الخلفيات التاريخية. فأسلوب الاستفزاز المعهود الذي تعتمده باريس في تعاطيها مع مسائل التعاون مع الجزائر يرهن كل الجهود التي من شأنها أن ترتقي إلى الأهداف المنشودة، ليتعدى ذلك المسائل ذات الارتباط الدولي كمحاربة الإرهاب الذي يعد من أبرز انشغالات المجموعة الدولية. فمن التناقض أن تدعي باريس تجندها لمحاربة الإرهاب في الوقت الذي تمارس فيه ضغوطات على دول أخرى من أجل الانصياع لمساومات الإرهابيين، وعلى المجتمع الدولي الذي حدد أطر تفعيل التعاون لمكافحة الإرهاب أن يتخذ موقفه من ذلك، من منطلق أن مثل هذا السلوك من شأنه أن يشجع دولا أخرى على الحذو حذو سياسة ساركوزي، ومن ثم ضرب الجهود الدولية في التصدي لهذه الظاهرة العابرة للحدود.