كشف ممارسون في الصحة ل"المساء" عن تراجع كبير في ممارسة الرياضة لدى الفرد الجزائري، ما يجعله عرضة لأمراض تتربص بصحته وأشاروا إلى أن قلة الحركة انتشرت بشكل كبير بين عدة فئات من المجتمع، معلنة عن ارتفاع كبير في معدلات البدانة، كما يظهر أن الأسرة الجزائرية لا تشجع بناتها بشكل خاص على ممارسة الرياضة ما يسبب مشكلا آخر يطرح على مستوى استخلاف أجيال الرياضة النسوية في الجزائر. مع التقدم في السن تزداد حالات الوهن والقلق ومظاهر الشيخوخة، إذ يفقد القلب القدرة على ضخ الدم بعد سن النضج بنسبة 1 سنويا، وتنخفض سرعة تدفق الدم في الذراعين إلى الرجلين بنسبة 30 - 40 بعمر الستين عما تكون لدى الراشدين الشباب، ومع تقدم العمر كذلك تقل كمية الهواء التي يخرجها الإنسان بعد نفس عميق تدريجيا، ولكن هناك علاج ناجع لكل تلك الحالات أو على الأقل إنقاصها بممارسة بعض الأنشطة البدنية أو الرياضة، يقول الدكتور حمودي أحمد ممارس طب عام إنه يمكن تأخير معظم حالات الوهن ومظاهر الشيخوخة بممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم وبمعدل نصف ساعة يوميا على الأقل، ولكل عمر ما يناسبه من التمرين البدني بعد أخذ نصيحة الخبراء في المجال، ومن فوائده الثابتة تحسين وظيفة القلب والجهاز التنفسي وازدياد قوة العضلات ومتانة العظام وتدني احتمال الإصابة بالكآبة وتحسن المظهر العام وصحة البشرة، وخصوصا بشرة الوجه بسبب ازدياد تدفق الدم والأوكسجين إلى الوجه والرأس، ويضيف الدكتور أن الرياضة تساهم أيضا في الحفاظ على مستوى السكر والضغط وعضلات الجسم المختلفة، وإلى غير ذلك من الفوائد العديدة والمتنوعة التي يجنيها الجسم البشري إثر ممارسته للنشاط الرياضي، وبالإضافة إلى كل ما سبق فهي العامل الأول وراء المحافظة على الرشاقة والجمال والحيوية، ناهيك عن كونها عنصرا من عناصر رقي الشعوب وتقدم الأمم والتي تستند في التنمية والتطوير على الأسس العلمية الصحيحة، "لكن للأسف نلاحظ عدم اهتمام كلي لدى الجزائريين بأهمية الرياضة رغم أننا نحث مرضانا دائما وأبدا على ممارسة نشاط رياضي ما، أبسطه المشي لنصف ساعة يوميا أو حتى السباحة لتقوية الجهاز التنفسي، كون أكثرية المشاكل الصحية المترددة علينا تعاني مشاكل في الجهاز التنفسي. كذلك هناك انقطاع يكاد يكون كليا لدى المرأة فيما يخص ممارسة الرياضة، فحتى وإن كان نشاط المرأة في المطبخ بصفة خاصة وفي أعمال التدبير المنزلي بصفة عامة (كالكنس والمسح وغسل أدوات المائدة ووضع مشتريات الأغذية في الثلاجة أو تخزينها في الصناديق أو الخزانات الصغيرة) يعتبر نشاطا معتدلا، إلا أنه من الممكن زيادة كثافة النشاط المنزلي أحيانا مثلما هو الحال عند إزالة الغبار من على السجاد أو الستائر أو غسل الملابس باليدين، ومن المفيد كذلك الإقلال من استخدام السيارة وتفضيل المشي من حين لآخر لما لذلك من فوائد كبيرة على الصحة". المجتمع لا يحفز المرأة لتمارس الرياضة قد تؤدي بعض العادات والثقافات الاجتماعية للمجتمع إلى عزوف المرأة عن ممارسة الأنشطة الرياضية، فالقليلات هن اللواتي يدركن حقيقة أهمية الرياضة وآثارها الايجابية على الصحة، وحتى وإن كن يدركن هذه الحقيقة إلا أن أسبابا كثيرة تقف عائقا أمام ممارستهن للرياضة سواء في النوادي الخاصة أو حتى بمفردهن. كما تقف طبيعة العمل طيلة اليوم والأسبوع وراء هبوط مستوى اللياقة البدنية للمرأة التي لا تجد متسعا من الوقت لممارسة بعض النشاط الرياضي بل هناك من النسوة من يعتبرن عملهن بحد ذاته رياضة، هكذا ترى سيدة استوقفناها بالشارع وسألناها عن مكانة الرياضة في حياتها فأجابت متسائلة "أليس ذهابي لمقر عملي رياضة؟ أنا أمشي يوميا قرابة نصف ساعة عند ذهابي إلى مقر عملي ومثله من الوقت لدى عودتي مساء للمنزل، أما عن فكرة ممارستها لرياضة في النوادي تقول "لم أفكر أبدا في الموضوع لأن ارتباطاتي كثيرة ولا أريد زيادة هم آخر" . سيدة أخرى كانت تسرع الخطى مع أبنائها الثلاثة المتمدرسين، رسمت بسمة على وجهها وقالت "هم الدنيا وارتباطاتنا المهنية وغير المهنية جعلت الرياضة من آخر اهتماماتنا، قبيل سنوات كنت أمارس "الإيروبيك" مرتين في الأسبوع بعد أن تعاقدت المؤسسة التي أعمل فيها مع ناد رياضي خاص، كنت أمارس ذلك ما بين الثانية عشر والواحدة زوالا من يومي الأحد والثلاثاء، ولكن مع كبر الأطفال زادت انشغالاتي وبدأ الإحساس بالتعب يتسرب إليّ فتركت حصص الرياضة ولم تعد مطلقا في اهتماماتي حاليا، وأنا مقابل ذلك أحس بندم شديد". أما أمينة التي كانت منهمكة في اقتناء بعض الاحتياجات من مساحة تجارية استعجبت لسؤالنا وقالت بأسف شديد "صحيح الرياضة مهمة للغاية للصحة النفسية والجسدية ولكن الحياة العصرية بكل امتيازاتها أرغمتنا على التخلي عن عدة أمور ذات أهمية كبرى ومنها الرياضة". وفي السياق ذاته تقول جميلة (صحفية) إن الرياضة تحدث بالنسبة لها توازنا مهما في حياتها، وإن كان الوقت هو الفيصل في كل ما نقوم به، وتؤكد أنها تلتزم بممارسة الرياضة حتى في الأيام المضغوطة بالعمل، كما تؤكد أن الوقت الشاغر من صنعنا نحن لذلك فإن أمر ممارسة الرياضة بالنسبة إليها لا يشكل حدثا إضافيا من اللازم إدراجه ضمن المخطط اليومي أو الأسبوعي: "الرياضة بالنسبة لي ممارسة ذات أهمية قصوى لذلك أمارسها بشكل يومي في المنزل، اشتريت بعض العتاد الرياضي الذي يمكنني من ممارسة بعض الأنشطة الرياضية في المنزل. فلسنوات كنت متعاقدة مع ناد خاص مارست حينها الإيروبيك وكذلك الركض في القاعة ولأن عملي يأخذ مني كامل الوقت لم يعد بإمكاني الاستقلال ببعض السويعات وممارسة الرياضة في أحد النوادي، لذلك اشتريت عتادا رياضيا لأنني تعودت على الرياضة ولا يمكنني إزاحتها من قاموسي، ولكني أتأسف حقا على تضييع الممارسة الجماعية للرياضة في بعض الأندية، كما أتأسف لنظرة المجتمع "الجاهلة" لكل امرأة تحاول الركض مثلا في الصباح الباكر وهي النظرة السلبية التي تقتل الإرادة الفردية في ممارسة أي نشاط رياضي". في ذات السياق أشار صيدلي إلى أن الرياضة في المجتمع الجزائري تقتصر بشكل كبير على الرجال دون النساء، فالرجل يمارس الركض مثلا أو أية رياضة أخرى أما النساء فإنهن يكتفين ببعض الأعشاب أو الأقراص لتخسيس الوزن. 60 من البنات يقدمن شهادة الإعفاء من الرياضة! من جهة أخرى فإن ما يؤرق العاملين في المجال الصحي والرياضي ليس تحفيز الناس على ممارسة الرياضة فقط، بل كيف تصبح الرياضة عادة يومية أو شبه يومية تمارس مدى الحياة. فنظرا لإيمانهم بأهمية الرياضة في تنمية الجوانب العقلية والبدنية والنفسية والاجتماعية للفرد تنمية صحية شاملة متكاملة، يعكف البعض على إيصال فكرة تنمية حب الرياضة لدى النشء من الجنسين، وإن كانت المشكلة لدى البنات تبدو أكثر جدية، إذ يشير سليم مدرب رياضة الإيروبيك بناد خاص إلى أن هناك بعض العقبات والظواهر التي تقف حائلا أمام البدء أو الاستمرار في ممارسة الرياضة لعل أهمها عدم تشجيع الأسرة للفتاة، ويشير المتحدث إلى نقطة هامة هو افتقار الرياضات التنافسية للبنات من الأجيال الجديدة التي تحمل المشعل، وفي هذه النقطة بالذات قال أستاذ الرياضة نعمان عبد الغني إن الرياضة النسوية في مجتمعنا تعاني من الإهمال وعدم الاهتمام بها، إذ أصبحت هذه الرياضة بلا مرجع أو اتحاد مركزي خاص بها يضمن الإستراتيجية في العمل. وبصراحة فإن واقع الرياضة النسوية متدهور ولا يشجع للحديث عنه أو الإفصاح عن مستقبله، وبالرغم من وجود بعض الفرق النسوية ذات قاعدة متينة تساعد القاعدة الرياضية النسوية على تطوير أساليب التدريب، لكن الافتقار إلى الأجيال الجديدة من الفتيات الرياضيات هو المشكل القادم والسبب عدم تشجيع الأسر للفتاة حتى تمارس الرياضة، والدليل أن هناك نسبة قد تصل إلى 60 من البنات يقدمن شهادة طبية للإعفاء من مادة الرياضة وهذا مشكل كبير.