يعتزم مركز البحوث القانونية والقضائية من خلال الدورة التكوينية التي نظمها أمس لفائدة أول فوج للمكونين في الوساطة القضائية إلى تمكين الوسطاء المعتمدين من التحكم في مرحلة أولى في تقنيات الوساطة المعمول بها على مستوى الدول الأوربية، بما يسمح بتكوين 1200 وسيط قضائي المعينين من وزارة العدل، حسبما أكده المدير العام للمركز السيد جمال الدين بوزرتيني. وأضاف السيد بوزرتيني على هامش إشرافه على الدورة التكوينية لفوج المكونين الأول من نوعه في الوساطة القضائية بإقامة القضاة ببن عكنون بالعاصمة بحضور خبراء ومختصين قضائيين من دولة بلجيكا أن هذه الدورة جاءت تنفيذا لتوصيات الملتقى الدولي المنعقد يومي 15 و16 جوان 2009 حول "ممارسة الوساطة"، في إطار التعاون القضائي الثنائي للجزائر مع الاتحاد الأوربي. وتابع المسؤول أنه تنفيذا لتوصيات هذا الملتقى فقد تم تكليف المركز بترقية الوساطة القضائية ومحيطها بالجزائر، وذلك في إطار السياسة المسطرة الهادفة إلى تكوين جميع الوسطاء القضائيين البالغ عددهم 1200، حيث يضطلع المركز بتوفير هذه المهمة كمرحلة أولى. وأوضح في هذا الصدد أن أهمية الموضوع وحداثة هذا الإجراء القضائي الجديد في الجزائر تطلب الاعتماد على الخبرة الأوربية في تكوين المكونين في هذا الاختصاص، بمواكبة التقدم الملحوظ على الصعيد الأوربي في هذا المجال. كما أكد المدير العام لمركز البحوث القانونية والقضائية أن هذه المرحلة ترتكز على عناصر فعالة تتحدد أساسا في الاستعانة بالخبرة الأجنبية المشهود لها بالطابع الطلائعي في ميدان العمل بالوساطة القضائية والتكوين فيها بدعم من الاتحاد الأوربي، إلى جانب انتقاء المكونين في هذا التخصص القضائي من بين الوسطاء القضائيين الذين تتوفر فيهم المؤهلات المناسبة لاستيعاب مضمون المادة وتدريسها، حيث يدعم هؤلاء بنخبة من القضاة ذوي تجربة. وبخصوص الأهداف المتوخاة من هذه الدورة الحالية التي تنشطها خبيرتان من بلجيكا وهما "كاترين أونري" وهيلينا ديباكير" ، أوضح السيد بوزرتيني أنها تكمن في تمكين المجموعة الأولى التي تضم 14 وسيطا قضائيا و6 قضاة من التحكم في تقنيات الوساطة وأحكام أخلاقيات مهنة الوسيط، وكذا الأساليب البيداغوجية لتدريس البرامج، مع إتاحة الفرصة للقضاة الباحثين بمركز البحوث القانونية والقضائية لإعداد الدروس المستمدة من برامج التكوين الوطني وتحضير مدونة أخلاقية الوسيط. كما أردف المسؤول أن المدة الزمنية المخصصة لهذه الدورة التكوينية والمقدرة ب5 أيام لاتكفي لوحدها لبلوغ الأهداف المسطرة، حيث سيتم تدعيمها مستقبلا بدورات تخصصية تهدف الى تدعيم المهارات لاسيما في ميادين النزاعات المتخصصة. ومن جهته، أشار السيد عيسى زلماطي المدير العام لبرنامج "تاياكس" الجزائر المبرم في إطار الشراكة مع الاتحاد الأوربي الى ضرورة تكوين شبكات اتصال وتواصل بين الإدارات الجزائرية ونظيراتها الأوربية تكون مبنية على التوأمة الحقيقة، لاسيما في مجال الوساطة القضائية والتي تستغرق لتحقيقها سنتين على الأقل بالنظر لصعوبة تجسيدها على مستوى هذه الإدارات. وقال إن "الوساطة القضائية معروفة ومعمول بها في عدة دول أوربية، إلا أن دخولها التشريع الجزائري لم يكن إلا بعد شهر فيفري 2008، وتم تفعيلها كآلية قضائية في فيفري 2009. ولهذا نسعى لتشجيع تفعيلها في كافة النزاعات القضائية وتبسيطها للمواطنين بالنظر لأهميتها في التوصل لحلول ترضي طرفي النزاع رغم تشعب الملف المتنازع عليه". وللاشارة، تعتبر الوساطة طريقا بديلا لفض النزاعات والخلافات القضائية، وهي وسيلة غير قسرية لمرافقة أطراف النزاع، حيث يكمن هدفها الأساسي في تسوية ودية للخلاف مع المحافظة على حسن العلاقات بين أطرافه. كما تنبع الوساطة من سلطان إرادة الخصوم، وترمي الى إعادة ربط الاتصال بينهم بوساطة طرف ثالث محايد ومستقل لا يتمتع بسلطة اتخاذ القرار، مع كونه يساهم في إنعاش الحوار وإعادة ربط العلاقات الاجتماعية. وهي بذلك تكون في جميع الحالات ثلاثية على عكس المفاوضات التي تدور أطوارها بين الطرفين المتنازعين.