يواجه قطاع التكوين المهني بولاية الجزائر مشاكل بالجملة، عرقلت نمو القطاع وتطوره بالعاصمة على عكس باقي ولايات الوطن التي يعرف فيها هذا القطاع تقدما ساهم في التكفل بالطلب الاجتماعي للتكوين وتلبية احتياجات عالم الشغل، وبحسب المختصين فإن العلاقة بين التكوين المهني وسوق العمل بالعاصمة، ليست قائمة على مبدأ التكوين حسب الطلب بعد أن طغت مهن الحلوى والحلاقة على غالبية المتربصين المتخرجين، ليفقد القطاع الدور الذي يضطلع به كاملا بالولاية على الرغم مما يتوفر عليه من إمكانيات مادية ومالية. وقد شرح أعضاء المجلس الشعبي الولائي للعاصمة خلال دورتهم العادية المنعقدة نهاية الأسبوع الماضي، واقع قطاع التكوين المهني بالولاية بعد سلسلة من الزيارات الميدانية التي كشفت لهم العديد من النقائص الواجب تداركها، نظرا للدور الأساسي الذي يلعبه قطاع التكوين المهني في دفع عجلة الاقتصاد نحو التطور والتقدم، وقياسا بالعناية التي أعطيت له والأهمية القصوى التي أعادت له الاعتبار والمكانة التي لا تقل أهمية عن باقي القطاعات الحيوية الأخرى. وبحسب نواب المجلس الشعبي ألولائي فإن غالبية مؤسسات التكوين المهني بالعاصمة تفتقد العتاد اللازم للتكوين، حيث تبقى بعض الورشات في المراكز التكوينية تعاني من قدم ونقص التجهيزات، مما اثر سلبا على مردود المتربصين، حيث ما يزال المتربصون يتلقون دروسا على آلات قديمة ولا تفي بالغرض المطلوب، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالتخصصات الميكانيكية والكهربائية، حيث يتداول الطلبة على آلات وتجهيزات لا تعمل أو عتاد قديم، وكذلك بالنسبة للتلحيم حيث يشترك 4 إلى 5 طلبة في قطعة حديد واحدة للتلحيم والترصيص الصحي.. علما أن هذه التخصصات يزداد عليها الطلب في كل مرة. ولا تتماشى معظم الأجهزة مع العدد الهائل للمتربصين، بالإضافة إلى ذلك، فإن بعضا من هذه الأجهزة قديمة وغير صالحة للاستعمال كأجهزة الإعلام الآلي التي تتطور بشكل مستمر وسريع، غير أنها ظلت في مراكز التكوين حبيسة صناديق يصعب التحكم بها والاستفادة من تقنياتها، وبالتالي، فإن مردود الطلبة يبقى محدودا ونتائج الدروس تبقى نظرية. كما سجل النواب ملاحظات هامة تخص تموقع غالبية المراكز المنتشرة على تراب الولاية، في التي يقع اغلبها وسط العاصمة، فيما سجل غيابها في المناطق والأحياء البعيدة عن الوسط مثل الحميز، باش جراح، زرالدة، الدويرة، برج الكيفان، وهي المناطق التي تعرف كثافة سكانية وطلبا متزايدا في مجال التكوين المهني. وأشارت تقارير لجنة التشغيل، التكوين وإدماج الشباب، إلى نشاط عدد من المراكز الخاصة للتكوين المهني المعتمدة والتي بلغ عددها على مستوى العاصمة 131 مركز معتمد، ورغم هذا العدد الكبير إلا أن النقص لا يزال يلاحظ في الميدان، حيث أن المدارس المعتمدة لا يفي أغلبها بالغرض المطلوب منها ولا تحترم ولا تطبق ما ينص عليه دفتر الشروط، فهي مثلا لا تكون وفق الخصائص الموكلة إليها ولا تحترم المعايير التقنية والبيداغوجية من حيث تجاوزها لعدد المتربصين المطلوبين، كما ان غالبية المعاهد الخاصة لا تتوفر على عقد التكوين وغالبا ما تلجا إلى تغيير المقر وفتح ملحقات أخرى من دون رخصة قطاع التكوين. وقد ساهمت جملة المشاكل التي يعانيها قطاع التكوين المهني في بروز ظاهرة التسرب المهني بمعدلات مخيفة، أوعزها المختصون إلى غياب الأولياء وتحكمهم في توجيه أبنائهم، إلى جانب غياب التنسيق بين مديرية التربية والتكوين المهني. داعين إلى إعادة النظر في مهام مستشار التوجيه المهني، الذي يجب أن يكون دوره الأساسي، الإرشاد المهني أثناء التحاق المتربصين بالقطاع.