منذ طفولتها كانت السيدة رقية بن كريمة تحب الطرز، الخياطة والرسم، ولما كبرت سخرت حسها الفني في صناعة مزهريات بالبلاستيك، لكن عناء الحصول على هذه المادة الأولية جعلها تلجأ إلى مشتقات النخيل، لتحول حرفتها الفنية نحو صناعة قطع ديكور مميزة. كانت تجمع في عملها بين البلاستيك وبعض المواد المستخرجة من الأشجار لتنتج مزهريات وتبيعها لبعض المؤسسات، ورغم نجاح تجارتها إلا أنها في المقابل كانت تواجه عناء الحصول على مادة البلاستيك، والتي كانت تفرض عليها التنقل من ولاية ورقلة إلى ولاية سطيف. رأت في ذلك مشكلة، لكنها تدبرت لها الحل، وبالنتيجة لم يعد البلاستيك مادتها الأولية، حيث صارت تتفنن في صناعة قطع وأدوات متنوعة بمشتقات النخيل.. لم لا والأمر يتعلق بمادة أولية مجانية متوفرة في ورقلة؟.. هكذا فقط انطلقت السيدة رقية منذ سبعة أشهر في صنع قطع فنية بعضها موجه للديكور وبعضها الآخر للاستعمال اليومي. وتتحدث الحرفية عن بعض تفاصيل عملها ''عملي يتطلب قبل كل شيء الحصول على مشتقات النخيل مثل ''الكرناف''، صبغة طبيعية ومادة عشبية، وهي كلها مواد طبيعية تجنب أضرار المواد الكيماوية، إضافة إلى كونها اقتصادية.. ويبقى علي أن أعتمد على مخيلتي لابتكار الشكل الجمالي للقطع التي أصنعها، وعادة عندما أصنع قطعة فنية خشبية بتصميم معين لا أكرر النموذج الذي اعتمدت عليه في صنعها، لأني إنسانة تحب التجديد بطبعها''. مصابيح، سلات وقطع أخرى مختلفة هي عصارة عملها الفني الذي يكلفها تعبا ذهنيا كبيرا، نظرا لإصرارها على روح التجديد في كل مرة.. غير أنها في المقابل تعلمت الكثير من الصبر، لأن الأمر يتعلق بحرفة تتطلب جهدا كبيرا بدءا بالحصول على ''الكرناف'' من النخيل، والاعتناء بهذه الأخيرة لتجنب تعرضها للتسوس، ومرورا بالخيال الذي يبتكر تصاميم خاصة وانتهاء بالعمل اليدوي الذي يحول مشتقات النخيل إلى أدوات وقطع مختلفة. وتغتنم السيدة رقية (أم لأربعة أطفال) فرصة التخصص في صناعة مشتقات النخيل التي لها جذورها العميقة في المناطق الصحراوية عامة لصناعة أدوات تقليدية تخلى عنها الناس في الوقت الحاضر، لكن طبعا بإضافة بعض اللمسات لمواكبة روح العصر، مما يجعل المنتوج قابلا للاستهلاك، ومن الأمثلة على ذلك الحصير الذي تصنعه الحرفية وفقا لتصاميم عصرية ليوضع فوق الأرائك، بعض الأطباق ومواد التغليف الخاص بالمناسبات. وأخيرا تقول محدثتنا الحرفية ''على هذا النحو يمكنني أن أضرب عصفورين بحجر واحد، حيث أسعى لإيجاد مجالات استهلاكية لمنتجات هذه الصناعة التي تدفع إلى العودة إلى الطبيعة وإحياء التراث في نفس الوقت، فهدفي هو إنتاج منتج طبيعي ليس فيه أضرار تهدد صحة الناس ولا يحتاج إلى تجهيزات، فضلا عن مساهمته في توفير مناصب شغل''.