أوضح الكاتب محمد بوعزارة، أنّ السياسي الجزائري لا يكتب مخافة أن تثير كتاباته مشاكل وردود أفعال عنيفة، فيما أشار الباحث المختصّ في علم الاجتماع، ناصر جابي إلى أنّ السياسي يخشى تحوّل كتاباته إلى شهادة تحاسبه في يوم من الأيام. قدمّ الكاتب والنائب في المجلس الشعبي الوطني، محمد بوعزارة، أول أمس بمنتدى المجاهد، آخر مؤلفاته تحت عنوان ''أخرجوا منها انتم'' باللغة العربية، بمشاركة الباحث ناصر جابي وسط حضور اختلط فيه السياسي بالمثقف، وقال بوعزارة إن إصداره الأخير عبارة عن مقالات كتبها في جرائد مختلفة ومن بينها ست مقالات حول ما نتج عن مقابلتيّ الجزائر - مصر بالقاهرة والسودان، مستهجنا كلّ الأقوال المشينة التي صدرت من ساسة ومفكريّ ومثقفيّ وفنانيّ وإعلاميّ مصر، وكذا عقد حكام هذا البلد مجلس حرب، فيما وصف لمناقشة الموقف. واعتبر الكاتب أن هاتين المبارتين كان يمكن أن تؤكدا على العوامل المشتركة بين البلدين ومن بينها بناء الأزهر على أيدي الكتاميين الجزائريين وغيرها بدل العكس. مضيفا أن عدم وجود رد رسمي على كل ما حدث هو أكبر رد عن ذلك. وفي نفس السياق، قال المتحدث إن محاولة التدخل في الشؤون الجزائرية - المغربية والقول إن العلاقات بين البلدين غير جيدة، أمر غير مقبول، معتبرا انه رغم بعض الخلافات بين البلدين إلا أنه لم يتم أبدا الانزلاق نحو لغة سب رموز البلدين، لا من المسؤولين ولا من الإعلاميين، مستشهدا في ذلك بتلقيه تعليمات عدم الإساءة إلى المملكة المغربية حينما كان مسؤولا عن برنامج إذاعي بعنوان ''مغرب الشعوب''. من جهته، أكد ناصر جابي، أن أحد أسباب ما سمي بالأزمة الجزائرية - المصرية، يكمن في أننا لم نعرّف المصريين ولا العرب الآخرين بأنفسنا، بسبب كتاباتنا القليلة، فالجزائري لا يكتب والمصري لا يريد أن يعرف الآخر. مضيفا أن السياسي لا يكتب إلا نادرا رغم تحقيق الكتابات التاريخية والمذكرات الشخصية لمبيعات هامة في الجزائر. وتساءل جابي لماذا لا يكتب الجزائري وبالأخص السياسي؟ مرجعا ذلك إلى اعتقاد غير سياسي بأن كتاباته يجب أن تحدث ضجة كبيرة وحتى أن تغيّر العالم، بينما الكتابة عبارة عن تجربة يومية يقوم بها الإنسان، أما السياسي- يضيف المتحدث - فيخاف من أن تتحول كتاباته إلى شهادة يحاسب عليها مثلما حدث لفرحات عباس عندما كتب انه بحث عن الأمة الجزائرية ولم يجدها، ليحاسب إلى اللحظة على ما كتبه رغم مرور زمن ورغم كتابته عن أمور أخرى. واعتبر جابي أن بوعزارة كسر القاعدة من خلال دخوله هذه المغامرة وكتابته عن حدث معين، ليشكل بذلك وسيلة للتأريخ الثقافي والاجتماعي للبلد. كما طالب جابي بضرورة تثقيف السياسة لإخراج من التسيير اليومي والقضايا الشخصية. مستأنفا قوله انه لا توجد دراسة واحدة حول جبهة التحرير الوطني من طرف جزائري، بل كل ما كتب كان من طرف الفرنسيين الذين زيّفوا أكثر من حقيقة. وتحدث جابي مطولا عن أهمية الكتابة، فقال إن عملية جمع أعمدة في كتاب، تلقى رواجا كبيرا في العالم العربي، وأن القارئ يستحسن هذا النوع من الكتب. مضيفا أن الإشكال يقع في ديمقراطية الكتابة أي في حرية الكتابة بدل الخوف منها، في حين تشهد الجزائر ما يسمى ديمقراطية القراءة، أي انتشار التعليم وثمن الكتب المعقول. وأكد نفس المتحدث أهمية أن نعرّف العالم العربي بالدرجة الأولى بالتحسن الذي نعيشه في كل مجالات الحياة، وبالأخص عن طريق الكتابة من طرف الأساتذة والإعلاميين والساسة، أي نسوّق الوجه الجميل للجزائر. وعاد جابي إلى كتاب بوعزارة فقال أنه يضم أعمدة كتبها في الصحافة، تعرّف الجزائر من خلال مسيرة أشخاص وتجاربهم، وكذا تعرف الحياة الثقافية والسياسية وكيفية تسيير المؤسسات الثقافية. وفي الأخير، كشف بوعزارة عن قرب إنشائه مدونة تحيك خيوط العلاقات بينه وبين الآخر، سواء كان في الداخل أو الخارج. كما طالب من السياسيين والصحافيين بتدوين أعمالهم في كتب قد تصبح في يوم من الأيام ذات قيمة.