استنفرت فعاليات المعارضة المصرية أمس قواعدها حول كلمة سواء عبرت من خلالها عن رفضها المطلق لحالة الخنق السياسي المفروضة في البلاد وإصرارا منها على وضع حد لهذه الوضعية التي كممت كل صوت رافض لمنطق الحزب الحاكم منذ قرابة ثلاثة عقود عبر ذريعة قانون الطوارئ. وأعاد البرلمان المصري أمس بأغلبية ساحقة التصويت على مذكرة حكومية لتمديد هذا القانون الذي عرض خطوطه العريضة الوزير الأول المصري أحمد نظيف. وتحركت أحزاب وشخصيات المعارضة المصرية أمس على خلفية قرار تمديد العمل بهذا القانون للعامين القادمين بمبرر يتكرر كل عام وهو محاربة الإرهاب والاتجار في المخدرات. ونفت أحزاب المعارضة والعديد من المنظمات الحقوقية الدولية ذرائع الحكومة المصرية وأكدت أنها مبررات واهية ولا تستند إلى أي أساس وان الهدف الحقيقي من وراء تمديد العمل بهذا القانون الاستثنائي إنما يهدف إلى خنق الحريات وقمعها في وضعية مفروضة منذ ثلاثة عقود. ورغم تبرير أحمد نظيف لدى تقديمه لذرائع مطلب حكومته بعدم اللجوء إلى استعمال الإجراءات الاستثنائية إلا في حالات محاربة الإرهاب والمخدرات إلا أن تلك التعهدات لم تقنع أحزاب المعارضة التي تكرس لديها شك من نوايا الحكومة التي تحاول التظاهر في كل مرة بحسن نيتها ولكنها لا تتأخر في زجر المعارضة قبل تجار المخدرات والإرهابيين بإجراءاتها الاستثنائية. وهي الحقيقة التي ستتأكد وخاصة وان الشعب المصري مقبل على انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى وأخرى نيابية شهر أكتوبر القادم ورئاسية العام القادم والتي بدأت تثير حركية متنامية لكسر هيمنة الحزب الحاكم. وهو الخطاب الذي حاول وزير الشؤون القانونية المصري مفيد شهاب التأكيد عليه عندما قال أن هذا التمديد ليس له أية علاقة بأية رزنامة انتخابية ولا يحمل أية نوايا سياسية. وفي نفس الوقت الذي كان فيه احمد نظيف يعرض مبررات حكومته من اجل تمديد حالة الطوارئ في البلاد تجمع مئات المعارضين إمام مقر مجلس الشعب المصري رافعين شعارات معادية للحكومة ولقانون الطوارئ في نفس الوقت الذي رفع فيه متظاهرون آخرون شعارات رسمت عليها هيكل لأجساد بشرية للتعبير عن تذمرهم من تدهور الوضع المعيشي للمصريين ومجسدات لمصريين وحبل حول أعناقهم في تلميح إلى حالة الطوارئ التي قيدت كل حركية في البلاد. ويبدو أن الاعتراض على الاستمرار في فرض حالة الطوارئ في مصر بدأ يأخذ بالتدريج بعدا دوليا بعد أن طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الأمريكية أمس السلطات المصرية بوقف العمل بهذا القانون الذي جعل من مصر دولة بوليسية. وهي الصورة التي شكلت محور الانتقادات التي وجهتها اللجنة الأممية مجلس حقوق الإنسان المجتمع مؤخرا بمدينة جنيف السويسرية. واعتبرت المنظمة الحقوقية الأمريكية أن التوضيحات المصرية لم تكن في الواقع سوى مجرد ''تغطية'' لنوايا غير معلنة بدليل أن السلطات المصرية عادة ما تشير إلى أنها تلتزم بإجراءات محدودة في مجال محاربة الإرهاب والاتجار في المخدرات ولكنها في الواقع تتعداها لقمع الحريات السياسية والعامة. للإشارة فإن القانون الساري العمل به منذ السادس أكتوبر سنة 1981 تاريخ اغتيال الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات يمنح لأجهزة الشرطة مطلق الحرية لاعتقال وحبس أي مشتبه فيه تحت تهمة وإحالتهم على محاكم استثنائية لا تقبل الطعن في أحكامها تحت طائلة قانون الطوارئ.