استطاعت العلاقات الجزائريةالجنوب افريقية المتميزة على مدار أكثر من عقد من الزمن، أن تضفي البعد الاستراتيجي على الشراكة التي انتهجتها البلدان في السنوات الأخيرة لا سيما بعد التوقيع على اتفاقات ومذكرات تفاهم توجت زيارة الرئيس الجنوب افريقي السيد زوما الى الجزائر الأسبوع المنصرم. لقد سمحت العلاقات الممتازة والحركية الدبلوماسية بين البلدين، بتفعيل عمل لجنة التعاون العليا الجزائريةالجنوب افريقية بانعقادها في الجزائر تزامنا مع زيارة رئيس هذا البلد الصاعد في افريقيا والعالم الثالث، حيث كللت أشغالها بالتوقيع على ستة اتفاقات وبرامج ومذكرات تعاون من بينها وأهمها، الاستعمال السلمي للطاقة النووية وإطلاق مشاريع ذات بعد قاري كتجسيد مشروع مجموعة من الأقمار الصناعية لتسيير الموارد الافريقية والبيئية والذي بادر به البلدان مع نيجيريا وكينيا، وهو بذلك مثال يحتذى به على المستوى الثنائي والجهوي. إن البعد التاريخي المتميز في علاقات البلدين وإرادتهما السياسية في التعاون الثنائي والقاري في إطار اتفاق الشراكة الاستراتيجية لتنمية افريقيا (النيباد)، دفع بقيادة البلدين الى ترجمة هذا التعاون من خلال إطار قانوني يغطي عدة قطاعات لا سيما التجارة، التكنولوجيات الجديدة والدفاع، الطاقة، الفنون، الثقافة والاتصال والرياضة. وتبرز الاتفاقات الستة التي توجت أشغال اللجنة العليا المختلطة في اجتماعها بالجزائر، أن البلدين قررا تنويع علاقات التعاون لتمس قطاعات شتى، من الاستعمال السلمي للطاقة والسياحة والرياضية الى العمل والضمان الاجتماعي مع التأكيد على تعزيز علاقات التعاون المتميزة في مجال الصحة والصناعة الصيدلانية والفلاحة. وقد أدى تفعيل علاقات التعاون وتنويعها بين الجزائر وجوهنسبورغ الى تأكيد رجال الأعمال في البلدين على فرص الأعمال والاستثمار، مثلما أوضحوا ذلك في ختام أشغال منتداهم المنعقد بالجزائر الأسبوع الماضي، حيث تقدم الجانب الجزائري باقتراح للطرف الجنوب افريقي بتحويل عمل التجارة الى عمل استثمار وذلك من أجل معالجة عامل البعد الجغرافي بين البلدين وتعزيز علاقاتهما الاقتصادية لا سيما من خلال إقامة استثمارات مباشرة، تسمح بمد علاقات التعاون وتطويرها إلى القطاعات والميادين الأخرى ويتضح من خلال الاتفاقات الموقع عليها، أن علاقات البلدين السياسية الجيدة ستدفع الى الانتقال من المبادلات التجارية والتي قدرت سنة 2009 ب 175 مليون دولار معظمها واردات، إلى التركيز على الاستثمار في قطاعات الفلاحة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة والصيدلة والسياحة وكذا القطاع المالي. وما يحفز البلدان ورجال أعمالهما على إعطاء دفع قوي للمبادلات الاقتصادية، هو الخطة الخماسية التي اعتمدتها الجزائر لتعزيز الحركية الاقتصادية والاجتماعية، بغلاف مالي ضخم قيمته 286 مليار دولار، تريد من خلاله الجزائر أن تنوع علاقاتها مع دول العالم من دون نسيان أشقائها الأفارقة وبالأخص الدول التي توصف بذات الاقتصاديات المندمجة، على غرار جنوب افريقيا التي ترى بدورها في الجزائر بلدا محوريا في القارة السمر