تؤكد عملية القتل المبرمج التي نفذتها قوات خاصة إسرائيلية ضد متضامنين إنسانيين مع سكان قطاع غزة أن تبعاتها ستنقلب سلبا على العلاقات الإسرائيلية-التركية بعد استشهاد عشرة من ركابها وغالبيتهم العظمى يحملون الجنسية التركية. واضطر الوزير الأول التركي طيب رجب اردوغان لقطع جولة كان يقوم بها إلى أمريكا اللاتينية بعد بلوغه خبر اغتيال مدنيين أتراك كانوا على متن سفينة ''ما في مرمرة '' التي كانت تقود أسطولا إنسانيا من ستة سفن محملة بمختلف المواد الغذائية والإنسانية . وفي اول إجراء عملي استدعت أنقرة سفيرها في تل أبيب احتجاجا على هذا التصرف المتعجرف والتحدي العلني للمجتمع الدولي ولكل القوانين الدولية التي فضلت إسرائيل التعامل بواسطتها مع قضية إنسانية كان يمكن احتواؤها بطرق سياسية ودبلوماسية تماما كما حدث مع القوافل الثلاثة التي سبق وان أفرغت شحن مساعداتها دون أية مشاكل تذكر. وأكدت مصادر دبلوماسية تركية أن أنقرة ستطالب مجلس الأمن الدولي لعقد اجتماع طارئ لبحث تداعيات مثل هذا الاعتداء. وأدركت حكومة الاحتلال خطاها متأخرة وطالبت رعاياها بعدم التوجه إلى تركيا مخافة الانتقام من منهم وعقابا لهم على تصرفات حكومتهم العنصرية والتي تبقى الدولة الوحيدة في العالم التي ترفض الامتثال للقانون الدولي بل أنها لا تفوت أية مناسبة للاستهتار به وتأكيد تحديها له. ولا يستعبد أن يؤدي هذا الانزلاق التي تسببت فيه إسرائيل إلى قطع العلاقات الثنائية بين أنقرة وتل أبيب وخاصة وان عملية استهداف القافلة الإنسانية يعد بمثابة القطرة التي أفاضت كأس التوتر الحاصل في علاقات البلدين والتي عرفت منحناه الأسوأ منذ عدوانها على قطاع غزة نهاية سنة 2008 رغم العلاقات الاستراتيجية إلتي كانت تجمعهما منذ سنة .1996 ويتأكد تصعيد اللهجة التركية تباعا على خلفية هذه الجريمة حيث أكد الوزير الأول التركي طيب رجب اردوغان أن ما أقدمت عليه إسرائيل يعد ''إرهاب دولة حقيقي'' في اعنف تصريح لمسؤول سياسي تركي . وكانت وزارة الخارجية التركية اكدت قبل ذلك أن هذه العملية ستؤدي إلى انعكاسات لا يمكن إصلاحها في علاقات البلدين في نفس الوقت الذي تم فيه استدعاء السفير الإسرائيلي أغابي ليفي إلى مقر الخارجية لتقديم توضيحات على هذه الجريمة. وذكرت الخارجية التركية انه يتعين على إسرائيل أن تتحمل تبعات تصرفها المارق والمنتهك للقانون الدولي. وعقد نائب الوزير الأول التركي بولانت اغرانغ أمس اجتماعا طارئا ضم مسؤولين سامين كان من بينهم وزير الداخلية وقائد قوات البحرية وقائد العمليات العسكرية لبحث الوضع في نفس الوقت عاد فيه الوزير الأول التركي من زيارة كان يقوم بها إلى دولة التشيلي وقطع الجنرال ايلكر باسبوغ قائد هيئة أركان الجيش التركي زيارة كان يقوم بها إلى مصر مباشرة بعد وقوع الاعتداء الإسرائيلي. وشهدت العاصمة التركية أمس خروج أكثر من 10 آلاف متظاهر للتنديد بالجريمة الإسرائيلية في انتظار أن تعم هذه المسيرات كل المدن التركية وهو ما سيجعل حكومة الوزير الأول التركي تحت ضغط الرأي العام في تركيا والذي سيجد في هذا العدوان فرصة أخرى للمطالبة بقطع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي المحتل.