خرج الرئيس الباكستاني برويز مشرف عن صمته يوما بعد هزيمة حزبه في الانتخابات العامة، أول أمس، ليؤكد بطريقة ضمنية أنه لن يتخلى عن منصبه كرئيس لباكستان حتى وإن فازت أحزاب المعارضة بأغلبية مقاعد البرلمان· وقطع الرئيس مشرف الشك باليقين أمس حول مستقبله السياسي وأكد أنه باق في منصبه حتى وإن اضطر لتكييف أسلوب تسييره لأمور الدولة الباكستانية وفق المعطيات التي أفرزتها انتخابات الأحد الماضي، وذلك ردا على كل النداءات التي طالبته بالرحيل بعد أن فقد شرعيته الشعبية· وقال مشرف عبر بيان لوزارة الخارجية الباكستانية إنه سيعمل من أجل اقامة ائتلاف متجانس، مع أحزاب المعارضة بمبرر المحافظة على تسيير الجيد لأمور الدولة وتحقيق التنمية والسلم في البلاد· وحاول الرئيس الباكستاني التعامل مع نتائج الانتخابات بروية بعيدا عن أي تسرع بل وذهب إلى حد التقليل من أهميتها في إحداث تغيير في السياسة العامة وتوجهات إسلام أباد الداخلية والدولية بعد أن أكد أن الانتخابات دعمت مكانة القوى المعتدلة في البلاد· ويجهل ما إذا كان هذا الموقف الرسمي الأول من نوعه للرئيس الباكستاني نابع من قناعة ثابتة أم أنه موقف جاء هكذا لتخفيف قوة الصدمة التي تركتها نتائج الانتخابات على نفسيته وهو الذي كان يطمح لأن يضمن أغلبية مريحة في المجلس النيابي الوطني وحتى في الأقاليم تمكنه من إتمام عهدته دون متاعب مع أحزاب المعارضة التي أعلنت صراحة رفضها لسياسته، وهو ما يدفع إلى التساؤل عن الغاية من عرض الرئيس مشرف لإقامة ائتلاف حكومي متجانس وهو يدرك مسبقا أن عرضه لن يلقى أي صدى ايجابي من طرف حزب الشعب والرابطة الاسلامية على اعتبار أنهما أكبر الفائزين في موعد الأحد الماضي· ولم يتأخر الحزبان في الدخول في قبضة حديدية مع مشرف وأعلنا رفضهما القطعي لكل فكرة تعايش مع خصمهما التقليدي وأبديا في مقابل ذلك رغبة في اقامة تحالف نيابي بينهما من أجل تحجيم دور الرئيس مشرف في إدارة البلاد من خلال استخدام البرلمان منبرا للاعتراض على كل سياسة مستقبلية لباكستان ولاترقى الى تصوراتهما بخصوص تسيير شؤون باكستان· وبدأت التكهنات تتلاحق تباعا حول مستقبل العلاقة بين الرئاسة الباكستانية والحكومة التي ستنبثق عن تركيبة البرلمان الجديد وخاصة في حال توصل حزبي المعارضة الرئيسيين حزب الشعب وحزب الرابطة الإسلامية الى إقامة تحالف بينهما لكسر هيمنة الرئيس على أمور السياسة الباكستانية· وذهبت أسوأ التكهنات إلى طرح فكرة استعمال الحزبين لقوتهما النيابية للإطاحة بالرئيس مشرف قبل انتهاء عهدته في حال توفرهما على أغلبية الثلثين·وهو طرح ذهب آخرون الى طرح مقاربة مناقضة له عندما أكدوا متتبعون باحتمال لجوء الرئيس إلى استباق كل مسعى للمعارضة للإطاحة به من خلال إقالة الحكومة وحل البرلمان والدعوة الى انتخابات عامة مسبقة· وضمن هذه المقاربات المتناقضة، فإن أطراف اللعبة السياسية الباكستانية مرشحة للدخول في لعبة شد حبل عنيفة قد تعصف بأحد الطرفين· ولكن ماذا لو وجد حزب الفقيدة بنظير بوتو وخصمها السياسي العنيد نواز شريف صعوبة في تحقيق الانسجام والتوصل إلى تحالف برلماني بسبب صراعات خفية بينهما·الأمر مطروح والمؤكد أن الرئيس مشرف سيسعد لخبر في هذا المنحى وسيجعله يتنفس الصعداء والبدء في الاستثمار في هذه الخلافات للبقاء بمثابة الرجل القوي في باكستان·