اتخذت وزارة التجارة لشهر رمضان المبارك جملة من الاجراءات الصارمة التي من شأنها أن تقضي على الممارسات التي ما فتئت تنال من المستهلك كلما حلّت المناسبات والأعياد تعرض سلامته وصحته للخطر. وكشفت المصالح التي جندت 4500 عون مراقبة عبر كامل التراب الوطني أن الأولوية خلال شهر رمضان لهذا العام أعطيت لمراقبة غرف التبريد ونوعية المواد المعروضة للبيع لاسيما سريعة التلف منها، وعلى رأسها اللحوم التي أعطت الوزارة بشأنها تعليمات مشددة، ومراقبتها انطلاقا من المذابح إلى تاجر التجزئة، كما جهزت أعوان الرقابة والتفتيش بوسائل حديثة تضمن الحصول على نتيجة بعض التحاليل بعين المكان دون اللجوء إلى المخابر واختصار الوقت لمعرفة ما إذا كانت هناك مخالفة أم لا. وبمقتضى البرنامج العمومي لضبط الرقابة الذي شرعت فيه السلطات العمومية والمتضمن تكثيف الوسائل المادية والبشرية للرقابة من خلال مخطط لتوظيف 7 آلاف عون جديد واقتناء 500 حقيبة محمولة للتحاليل الموضعية السريعة على المواد الحساسة وكذا إنشاء مخابر جديدة لمراقبة النوعية، تحرص مصالح وزارة التجارة على تجسيد العديد من القرارات بالإضافة الى ما تضمنه قانون حماية المستهلك الصادر خلال السنة الماضية، الذي أعاد ترتيب العديد من الأمور في الممارسات التجارية لاسيما تلك التي تمس مباشرة المستهلك. ولعل ما يشغل بال الوزارة الوصية بحلول شهر رمضان هو رقابة المنتوجات الغذائية خاصة منها سريعة التلف وعلى رأسها اللحوم بنوعيها ومشتقات الحليب التي تعتبر المواد الأكثر تسبباً في التسممات الغذائية، وسيعمل الأعوان المراقبون المتواجدون بالميدان والمقدر عددهم ب 4500 عون، في انتظار تدعيمهم ب 7 آلاف عون جديد، ألف منهم سيتم توظيفهم خلال هذه السنة، على مراقبة صلاحية غرف التبريد بمختلف أحجامها وجنس لحم الماشية المعروض للبيع... وفي هذا السياق أكد العياشي دهار مفتش الرقابة وقمع الغش بمديرية التجارة لولاية الجزائر أن أهم شيء سيتم التركيز عليه في الخرجات الميدانية الهادفة الى مراقبة بائعي اللحوم الحمراء والبيضاء ومدى احترام سلسلة التبريد ونوعية اللحم المعروض للبيع، مشيراً الى أنه بمجرد وقوع أي خلل في التبريد يعرض المادة للتلف ويجعلها غير صالحة، مما يشكل خطراً على المستهلك، موضحاً أن بعض الجزارين يبيعون لحم النعاج على أنه لحم كباش أو خرفان، وهو غش واحتيال بحكم القانون، كما يلجأ آخرون الى بيع لحوم ومواد غذائية أخرى مجمدة تعرضت مرات ''لعمليات وقف مقصودة'' لسلسلة التبريد، حيث يقوم العديد من التجار بتوقيف غرف التبريد والثلاجات ليلاً لاقتصاد الطاقة وتقليص الفواتير الكهربائية دون أن يبالوا بسلامة صحة المواطن. وتهدف هذه الإجراءات المتخذة الى القضاء على الممارسات التي تلحق أضرراً بالمستهلك من بينها التسممات الغذائية التي تسجلها الجزائر بمعدل 3 آلاف حالة في السنة، علماً أن هذه الظاهرة حسب مصادر متطابقة من وزارتي التجارة والصحة، في استقرار، خاصة منها الحالات الخطيرة، مرجعة ذلك الى العمل الجبار الذي يقوم به أعوان الرقابة رغم الإمكانيات المحدودة من ناحية، وكذا التكفل الطبي الجيد، تطبيقاً لقرار وزارة الصحة بفتح عيادات تعمل 24 ساعة على ,24 خلال فترة الصيف، لتتواصل كذلك خلال رمضان، فضلا عن توفير الأدوية مع التركيز على العمل التحسيسي، وتؤكد مديرة الرقابة وقمع الغش بوزارة التجارة السيدة حسينة لبكيري من جهتها أن الرقابة التي تتكفل بها المصالح المعنية لا بد أن تكون مرافقة بعملية تحسيس المواطن لحثه على توخي الحذر والحيطة عند اقتنائه للمواد سريعة التلف والحرص على عدم الإقبال على السلع المعروضة في ظروف غير لائقة أو مطابقة للشروط الصحية اللازمة. البلديات ملزَمة بتفعيل مكاتب النظافة والصحة لحماية المستهلك لأن مهمة حماية المستهلك ومراقبة الأسواق والتجار لا تقع على وزارة الصحة التجارة فقط بل هي مسؤولية تتقاسمها جميع القطاعات، فإن ممثلة وزارة التجارة تدعو إلى تفعيل دور مكاتب النظافة والصحة بالبلديات للمساهمة في الجهود التي تبذلها القطاعات الوزارية الأخرى في حماية المستهلكين وتعزيز مهمة أعوان قمع الغش ومراقبة الجودة والنوعية مشيرة إلى أنه يتوجب على الجماعات المحلية لعب دور أكبر في جهود مراقبة التجار وحماية المستهلكين موضحة أن أحكام قانوني البلدية والولاية تعطي البلديات صلاحيات واسعة في هذا المجال، مشيرة إلى صعوبة المهمة بسبب ضعف الوسائل البشرية المتوفرة لمصالح المراقبة، حيث لا يكفي 4500 ألف عون لمراقبة 3,1 مليون تاجر في بلادنا، علما أنه تقرر توظيف 1000 عون مراقبة جديد العام الجاري ضمن عملية توظيف 7000 آخرين في السنوات الخمس المقبلة، إلا أن الأمور مرشحة للتحسن بفضل الجهود المبذولة من طرف الحكومة التي التزمت بتزويد هذه المصالح بالوسائل الضرورية، وهنا بإمكاننا التساؤل هل ستلعب البلديات دورها المنوط بها في ردع الممارسات التجارية المخالفة للقانون كعرض المواد الغذائية كالخبز والبيض وحتى اللحوم البيضاء وأحشاء المواشي في الأرصفة ببعض الأسواق الشعبية، رغم أنها تخضع لشروط محددة. وزارة التجارة تستنجد بجمعيات حماية المستهلك وقصد إشراك المجتمع المدني في الجهود المبذولة الرامية إلى الحفاظ على حقوق المستهلك في حماية صحته وسلامته، قررت وزارة التجارة الاستنجاد بجمعيات حماية المستهلك لإشراكها في العمل الميداني بفعالية أكثر، وذلك بتأطيرها وتزويدها بالوسائل الضرورية، فهذه الجمعيات متواجدة بعدد لا بأس به عبر الوطن، حسب وزارة التجارة، إلا أنها لا تبرز في الميدان لأسباب عدة، مما جعلها مجهولة أمام المواطن الذي لا يعرف ما يجب فعله عند تعرضه للضرر. وتؤكد مصالح الوزارة على أهمية دور جمعيات حماية المستهلك، في التحسس والعمل على نشر ثقافة الاستهلاك لدى المواطن، لاسيما ما تعلق بمخاطر استهلاك المواد سريعة التلف، مشيرة إلى تسجيل تحسن ملحوظ في عمل هذه الجمعيات في السنوات القليلة الماضية، خاصة خلال الحملات التحسيسية، داعية إياها اليوم الى تفعيل أدائها والرقي به الى المستوى المطلوب، علما أنه في الدول المتقدمة نجد أن حماية المستهلك تقع على عاتق هذه الجمعيات وليس على أعوان الرقابة كما هو الحال عندنا.