تستقبل المرأة القسنطينية شهر رمضان الكريم بتحضير أمور عديدة تنطلق من بداية فصل الربيع، حيث تعمل على تقطير الورد والزهر والعطرشة بواسطة القطارة، هذا الجهاز الذي تملكه أغلب العائلات القسنطينية العريقة، حيث توضع هذه المحاليل المقطرة في قارورات عازلة للضوء لتفادي التفاعل الكيميائي، وتدخل هذه المحاليل في صنع الحلويات والطعام لإعطائه نكهة خاصة، حيث يستعمل ماء الورد في صنع الحلويات وماء الزهر لإضافته للقهوة، أما العطرشة للطبخ والعجائن. تمتاز المائدة القسنطينية وخاصة مائدة ناس السويقة بطبق الجاري الذي يحضر بالفريك الناعم والطماطم المجففة، ويصحب بطبق آخر وهو ''الطبيخ'' الذي يحضر بلحم البقر خالي الدسم في مرق أبيض متكون من البصل والفلفل الأبيض، حيث يبيت في الثلاجة ليلة كاملة ويصفى اللحم ثم المرق في شاش، ليضاف إليه الزعفران والنشاء والعسل الحر ويحرك الكل على نار هادئة حتى يصبح الخليط على شكل ''جولي'' ويضاف له اللوز، ثم يسكب في صينية وعندما يبرد ويتماسك يقطع مربعات ويقدم كطبق حلو، إلى جانب طبق شباح الصفرة أو طبق السفرجل والبرقوق بالبصل الذي يقدم أثناء السحور في الليلة الأولى من رمضان. ويتجه الرجال والنساء نحو المساجد لأداء صلاة التراويح، ثم إلى بيوت الأقارب والأهل حيث يجتمع الكل أمام صينية الشاي النحاسية التي توضع عليها الكثير من الحلويات ومنها ''الجوزية، حلوة الترك، حلوة الحلقومة، مقروط اللوز المعسل، والصامصة أما في الشطر الثاني من السهرة تقدم المرأة ''السماط'' وهو المحلبي بالفواكه وخبز الشريك الرائد لدى الخبازين. أما سحور قسنطينة فيختلف حسب الفصول ففي فصل الصيف تحضر النساء المسفوف أو الرفيس بالجوز والذي يحضر بطريقة مختلفة دون إضافة التمر، أما خلال الشتاء تحضر المرأة طبق المثوم أو شطيطحة دجاج للسحور. وفي ليلة السابع والعشرين تقوم المرأة بإعداد طبق خاص بالمناسبة مثل التريدة أو المدقوق أو شخشوخة الظفر، وتخرج الصدقة للمساجد كما جرت العادة أن يشتري سكان الأحياء الزلابية وقلب اللوز التي ترسل للمساجد ليتناولها المصلون بعد الانتهاء من ركعة الوتر بعد ختم القرآن الكريم، كما تخرج زكاة الفطر والصداقات على المحتاجين بهذه الليلة المباركة، وتعتبر ليلة السابع والعشرين آخر ليلة يلتقي فيها الأقارب وهي معروفة بليلة الفراق ولا يلتقي هؤلاء إلا في يوم العيد.