بمجرد أن يحل علينا شهر رمضان المبارك ومنذ يومه الأول يدخل هذا الشهر قفص الاتهام مباشرة من بابه الواسع، ويحكم عليه بالدليل القاطع أنه المسؤول الأول والمباشر عن كل نرفزة أو عراك أو غضب أو خطأ يحدث بين المواطنين فالناس يتنفسون الصعداء إذ وجدوا شماعة يعلقون عليها أخطاءهم. فنصادف كثيرا أينما ذهبنا وحيثما حللنا في شهر رمضان اتهام الصيام بوقوفه وراء كل المشاكل، فإذا ركبنا الحافلة وشب خلاف بين الراكب والسائق نسمع ''وقيلا غلبوا رمضان'' او ''واقيلا راك صايم'' وإن حدث ودخلنا الى السوق حيث يكثر الحديث عن الصوم نسمع مثلا بعض الباعة من الذين يتطاولون على الزبائن يرددون العديد من العبارات ومنها ''راهو غالبو رمضان'' او ان حدث ونسي الزبون دفع الأثمان أو أخذ ما ابتاعه يقال له مباشرة ''باين بلي راك صايم'' او عبارة ''الصيام ما خلا لو حتى عقل'' وغيرها كثير وكثير... هذه الكلمات تجعلنا نتساءل، على من كانت تقع المسؤولية في حال الخطأ أو الغضب أو النسيان.. أو.. أو.. قبل حلول شهر الصيام؟ ولما يتحول شهر رمضان إلى متهم مدان مسؤول على اندفاع بعض الناس من الصائمين ؟ أم أن هذا دليل قاطع على أن بعض الصائمين لا يفقهون من الصيام إلا التوقف عن الأكل والشرب، ولا يدركون المعنى الحقيقي للصيام وما يتطلبه هذا الشهر من التزامات كصون اللسان وشد النفس والأمر بالمعروف وتجسيد لمعاني التآخي والتسامح والتآزر والتضامن والتكافل. لذا لا يسعنا في هذا المقام إلا الوقوف موقف الشاهد على براءة هذا المتهم، وندعو إلى التوقف عن توجيه أصابع الاتهام إلى هذا الشهر الفضيل والبحث عن شيء آخر ترمى عليه سفاهة وسخف البعض من الناس.