يلتقي اليوم بالعاصمة الأمريكية الرئيس الفلسطيني محمود عباس والإسرائيلي شمعون بيريز ووزيره الأول بنيامين نتانياهو وملك الأردن عبد الله الثاني والرئيس المصري حسني مبارك في لقاء برتوكولي ومأدبة عشاء يقيمها على شرفهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما إيذانا ببدء مفاوضات السلام المباشرة بعد توقف قارب العامين. صورة تتكرر في كل مرة تروج فيها الإدارة الأمريكية لعملية سلام ميؤوس منها مع اختلاف فقط في الوجوه التي تلتقطها عدسات المصورين وكاميرات القنوات العالمية ولكن نتيجتها تبقى في النهاية معروفة مسبقا ولا يمكنها هذه المرة أيضا أن تخرج عن دائرة الفشل المحتوم. وهي النتيجة التي انتهت إليها كل جولات المفاوضات التي بدأت قبل 17 عاما رغم التصريحات المفرطة في التفاؤل للمتربعين على كرسي البيت الأبيض الأمريكي منذ جورج بوش الأب الذين لا يقرون بفشلهم إلا بعد مغادرتهم المكتب البيضاوي ليأتي رئيس آخر يعيد نفس السيناريو ونفس التصريحات والوعود التي لا تتحقق. ويستأنف الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي مفاوضات السلام في أجواء من التشاؤم طبعت مواقف طرفي الصراع وكل المتتبعين الذين أكدوا أن لقاء واشنطن لن يكون سوى مجرد ضربة إعلامية لرئيس أمريكي قدم الكثير من الوعود ضمن شعار ''نعم بإمكاننا تحقيق التغيير'' ولكنه تيقن بعد عام ونصف أن التغيير المرجو تحقيقه لن يكون بتلك السهولة وخاصة إذا تعلق الأمر بنزاع متشابكة خيوطه بمثل ما هو قائم في منطقة الشرق الأوسط. والواقع أن الإدارات الأمريكية لم تشأ إلقاء ثقلها كقوة اولى في العالم لطي صفحة هذا النزاع لحسابات استراتيجية مقصودة ولو كانت تريد فعل ذلك لأمكنها وكان يكفيها فقط الضغط على إسرائيل لتطبيق القرارات الدولية لإنهاء هذا الصراع الذي عمر لقرابة سبعة عقود. وغياب دور أمريكي فاعل في كل عملية السلام منذ انطلاقتها سنة 1993 هو العامل الذي افشل كل المفاوضات ومؤتمرات السلام السابقة وهو الاحتمال الذي سيتكرر هذه المرة أيضا بعد أن توالت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بنية إفشال جولة مفاوضات يوم غد والتزام الإدارة الأمريكية الصمت مع أن كل المتتبعين أكدوا أن عقدة الحل تبقى بين أيدي الرئيس الأمريكي دون سواه. وهو صمت لا يجد أي تبرير له في وقت توالت فيه تصريحات المسؤولين الإسرائيليين لفرض الأمر الواقع على الجانب الفلسطيني وكان آخرها تلك التي أدلى بها أمس رئيس الكيان الإسرائيلي شمعون بيريز الذي أيد إقامة دولة فلسطينية إلى جانب اسرائيل ولكنه شدد التأكيد على أن تكون ''منزوعة السلاح'' والزعم أن أي حل آخر سيكون ذا أبعاد خطيرة. ولم يمنع مثل هذا الموقف المجحف في حق الفلسطينيين والذي سيفرغ المفاوضات من معناها شمعون بيريز ليؤكد على ضرورة عدم التشاؤم والقول بالفشل المسبق للمفاوضات مع انه هو الذي أفشلها عن قصد حتى قبل أن تبدأ. ولكن لنأخذ بنصيحة بيريز وان نغلب التفاؤل في التعامل مع هذه الفرصة التي أرادت الولاياتالمتحدة أن تقنع العرب بأنها تاريخية من اجل إنهاء النزاع في المنطقة ونتابع انطلاقتها ونرى المنحى الذي تأخذه ودرجة تصلب وليونة مواقف مفاوضي الطريفين. ولكن المؤكد أن المتشائمين سوف يتأكدون أنهم لم يخطئوا التقدير وان استباقهم الأحداث لم يكن مغاليا فيه وان تصريحات المسؤولين الإسرائيليين كان اكبر دليل على فشل مبرمج لمفاوضات لم تأت في وقتها المناسب.