استمتع مؤخّرا جمهور الفن الرابع بباتنة ب''الخامسة'' الذي يعدّ ثاني عمل مسرحي للمسرح الجهوي لتيزي وزو ''كاتب ياسين''، وذلك في سهرة رمضانية بدار الثقافة ''محمد العيد آل خليفة'' التي احتضنت العرض بحضور ضيوف مميّزين شاءت الأقدار أن يرمى بهم في دار العجزة. العرض الفني الذي استغرق أزيد من ساعة ونصف من الزمن تفاعل معه الجمهور في صمت، وجاء في فضاء كوريغرافي اعتمد على الجسد وتلويناته في حركة دؤوبة للممثّلات اللواتي قدّمن الفرجة وتشكيل النصّ بصريا على الخشبة التي جلبت إليها الأنظار لتبحر في مضمون المسرحية بطلاتها واستطعن في هذا الحيز الزمني رصد مادة البحث في جماليات العرض المسرحي الذي أثّث الفرجة وبلورها فنيا وشكّلها جماليا. واعتمدت المخرجة حميدة آيت الحاج على الأهمية السينوغرافية والدلالية في تشكيل الفرجة باعتبارها مؤشّرا فنيا وجماليا يشكّل العرض ويؤطّرها سيميائيا، وهو ما تجلى في هذا العمل المسرحي ''الخامسة'' الذي يروي حكاية خمس نساء، خمسة أقدار متصارعة ومتداخلة، في أحداث متواصلة بطلاتها يتقاربن ويتناصرن في قالب هزلي ساخر، فيعشن حالتهن في كوميديا، وشيئا فشيئا ينفصلن عن قدرهن ويحكين ويشرحن حالتهن في جوّ أرادته كاتبة ومخرجة العمل حميدة آيت الحاج فكاهيا، ويجسّد أدوار ''الخامسة'' كلّ من ياسمينة عبد المؤمن، فايزة أمل، كريمة سكري، صونيا عز الدين وأمينة بلجودي. وما يحسب للمخرجة القديرة حميدة آيت الحاج التي تناولت قضايا اجتماعية حنكتها في المجال إذ تعدّ من المخرجات المسرحيات القليلات في الجزائر، سبق لها وأن أخرجت العديد من الأعمال المحلية أو العالمية للركح على غرار ''النهر المحوّل''، ''فاظمة'' بالأمازيغية وغيرها من الأعمال، كما حاكت الفضاء الخارجي محاكاة حرفية أو فنية كالفضاء الواقعي بكلّ مكوّناته التصويرية القائمة على الانعكاس المباشر في التقاط تفاصيل الواقع.