عندما نطلع على الإنجازات المحققة في قطاع العدالة من تدعيم للمرافق القضائية والموارد البشرية وتحسين أوضاع السجون، فان ذلك يعكس الاهتمام الذي يحظى به القطاع الذي نهشته الأزمة الأمنية التي عرفتها البلاد خلال العشرية الماضية. ولا أحد يمكنه أن ينكر هذه الإنجازات في سياق إعادة بناء الصرح المؤسساتي للدولة، غير أن ذلك لا ينفي بأن المسار يبقى طويلا من أجل بلوغ الأهداف المنشودة لاسيما بخصوص محاربة آفات الرشوة والفساد في المجتمع. والمؤكد أن ذلك لا يمكنه أن يتحقق بالتجهيز وتدعيم المرافق القضائية بالوسائل التكنولوجية المتطورة وحدها، طالما لم تنفض الذهنيات المتحجرة الغبار عنها ولم تساير المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية للبلاد لأن العدالة روح تجسده الإمكانيات. فجميل أن نستجيب لحاجيات العمل القضائي ونوفر له الأدوات اللازمة لضمان سير الملفات ومعالجتها في مدد قصيرة، لكن الأجمل أن نشهد دورا اكبر للعدالة في قضايا مازالت تنغص إداراتنا ومجتمعنا بشكل عام لتعزيز ثقة المواطن بعدالته.قد يحتاج كل ذلك إلى وقت اكبر لتغيير الذهنيات هذا صحيح، لكن العمل لابد أن يتركز على استحداث إطار جديد من اجل بلوغ هذا الهدف ،، والمسعى يجب أن ينطلق من لدن أهل الاختصاص طالما أن وسائل العمل متوفرة لديهم، والأهم من كل ذلك تفعيل القوانين والسهر على تطبيقها لأن التعاطي مع قضايا المجتمع بحاجة لأن ينظم القطاع نفسه أولا بتطهيره من الشوائب التي تعترض عمله حتى يتسنى له العمل باستقلالية كاملة.