أشاد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بالتقدم الملموس الذي حققه قطاع العدالة في مجال تكييف التشريع الوطني وتحسين الخدمات القضائية، داعيا إلى ضرورة تعزيز مسار الإصلاحات بشكل أكبر وباستمرار، ولا سيما من خلال وضع الآليات الضرورية للمحافظة على المكتسبات المحققة واستكمال المشاريع الموجهة للدعم النوعي للموارد البشرية وتعزيز برنامج عصرنة تسيير دوائر الاختصاص القضائي وكذا إنجاز الهياكل. وأبرز السيد بوتفليقة خلال اجتماع تقييمي مصغر خصصه لقطاع العدالة في الثامن سبتمبر الجاري، التقدم الملموس المحقق في هذا القطاع ''الذي قطع خطوات كبيرة، سواء تعلق الأمر بتكييف التشريع الوطني أو تحسين الخدمات القضائية بهدف تقديم أفضل خدمة للمواطن وتسهيل ظروف الاستفادة من خدمات العدالة وضمان حماية حقوق المتقاضين''، مشددا في الوقت نفسه على أن هذه الإنجازات ''لا ينبغي أن تنسينا ضرورة تعزيز مسار الإصلاحات بشكل أكبر وباستمرار''، وحث بالمناسبة الحكومة على ضرورة وضع الآليات الضرورية والإجراءات اللازمة للمحافظة على المكتسبات المحققة، واستكمال المشاريع المدرجة في إطار البرامج المخصصة لهذا الغرض، لا سيما تلك الموجهة للدعم النوعي للموارد البشرية وتعزيز برنامج عصرنة تسيير دوائر الاختصاص القضائي وكذا إنجاز الهياكل. كما أشار رئيس الدولة في نفس السياق إلى ''ضرورة مواصلة عملية تخصص القضاة الذين هم مدعوون للبت في نزاعات على قدر كبير من الصعوبة''، ملحا في الوقت نفسه على وجوب عمل الحكومة على مواصلة الإنجازات في ميدان تطوير المهن الوسيطة للعدالة وتسريع مسار إصلاح مهنة المحامي الذي يعد الشريك الأهم في عمل العدالة. واستمع السيد بوتفليقة خلال الاجتماع التقييمي إلى عرض قدمه وزير العدل وحافظ الأختام، حول مدى تقدم تنفيذ برنامج إصلاح قطاع العدالة والأعمال المسجلة في إطار البرنامج الخماسي 2010-,2014 حيث أبرز العرض أن عملية تنفيذ إصلاح قطاع العدالة التي جاءت تطبيقا لتوجيهات وتعليمات رئيس الجمهورية، شملت مجموعة واسعة من النشاطات خصت في آن واحد تكييف ومراجعة التدابير القانونية والتنظيمية وتنمية الموارد البشرية وعصرنة تسيير القطاع وتدعيم الهياكل والوسائل، وأخيرا إصلاح نظام المؤسسات العقابية. وتهدف أعمال تكييف ومراجعة هذه التدابير إلى ضمان حماية أكبر للحريات والحقوق الأساسية للمواطنين وتسهيل الاستفادة أكثر من العدالة وكذا تعزيز إجراءات حماية المجتمع من كافة إشكال الإجرام. وقد شملت عملية تطوير الموارد البشرية تدعيم عدد القضاة والتحسين المتواصل لمؤهلاتهم من خلال تنفيذ برنامج تكويني هام، حيث انتقل عدد القضاة من 2500 قاض في مطلع سنة 1999 الى 4055 قاض في آخر جويلية ,2010 من بينهم 5,38 بالمائة نساء. مع الإشارة إلى أن هناك دفعتان في طور التكوين بالمدرسة العليا للقضاء يقدر عددهما الإجمالي ب583 طالب. وأشار العرض إلى أن تنفيذ برنامج طموح لتحديث العدالة سمح بتطوير العدالة الإلكترونية بهدف تلبية أفضل لطلب المواطن وبصفة خاصة طلب المتقاضي في علاقاته مع مختلف المؤسسات القضائية، كما سمح إدخال التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال بتحقيق تحسن محسوس للخدمة العمومية وتلبية احتياجات المواطنين بفضل وضع أنظمة تسيير ومتابعة آلية لملف العدالة والمساجين. ويمكن نظام التسيير الآلي لصحيفة السوابق العدلية المواطن من السحب الفوري لهذه الصحيفة في أي مكان من التراب الوطني، كما يمكن للمواطنين المقيمين في الخارج سحب هذه الصحيفة على مستوى الممثليات الدبلوماسية والقنصلية في نفس الظروف. من جانب آخر مكن برنامج تعزيز وتطوير الهياكل والوسائل من استلام 59 منشأة قضائية جديدة وإعادة تأهيل الهياكل العملية وتوفير الوسائل والظروف التي تسمح بتقديم خدمات فعالة لفائدة المتقاضين وكذا تهيئة 10 مقرات لمحاكم إدارية. وحظي إصلاح المنظومة العقابية باهتمام بالغ من طرف السلطات العمومية، حيث سجل تقدم ملحوظ بفضل تطبيق مجموعة من الأعمال تخص أساسا مراجعة الإطار القانوني والتنظيمي للسياسة العقابية وإنجاز هياكل تخضع للمعايير الدولية وتعزيز أنسنة ظروف الحبس وتحسين التغطية الطبية للمساجين وبرامج إعادة التربية وإعادة الإدماج الاجتماعي للمساجين، علاوة على تحديث طرق تسيير إدارة السجون. وقد ترجمت كافة هذه الإنجازات التي تم تجسديها في إطار إصلاح العدالة بتحسن نوعي للخدمة العمومية للعدالة، تجلى بشكل أساسي في التحكم في آجال معالجة القضايا والتحسن المعتبر لتنفيذ قرارات العدالة الذي بلغ 54,93 بالمائة سنة ,2009 تحسن نوعية الخدمات القضائية، ولاسيما من خلال تسليم قرارات العدالة ووثائق أخرى في آجال قصيرة، تسهيل الاستفادة من العدالة من خلال توسيع المساعدة القضائية وتدعيم انفتاح المؤسسة القضائية على محيطها وإنشاء شباك وحيد على مستوى الجهات القضائية، فضلا عن توفير الوسائل اللازمة لمكافحة كافة أشكال الإجرام وخاصة عبر إنشاء الأقطاب القضائية المتخصصة وكذا إبرام 81 اتفاقية دولية للتعاون القضائي. وفي إطار هذه الإنجازات سيواصل قطاع العدالة ضمن البرنامج الخماسي 2010-2014 عملية إثراء ومراجعة النظام التشريعي الذي يرمي على وجه الخصوص إلى تعديل العديد من النصوص القانونية وتعزيز مهن مساعدي العدالة وتنظيم المحكمة العليا ومجلس الدولة والشروع في أول عملية لتقنين الأحكام الجنائية المتضمنة في النصوص الخاصة، فضلا عن إعداد نصوص تنظيمية تتعلق بالتقسيم القضائي والمحاكم الإدارية. كما سيتم في إطار نفس البرنامج إعداد نصوص قضائية تتعلق بالتكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال والتجارة الإلكترونية والبصمة الجينية. وسيساعد هذا البرنامج في مواصلة الجهود الخاصة بتحسين نوعية الخدمات في مجال العدالة المدنية والعدالة الجنائية وفي تعزيز وترقية الموارد البشرية وفي تطوير الهياكل القضائية والوسائل، حيث سيشرع قطاع العدالة في استلام 24 مجلسا قضائيا و65 محكمة و10 محاكم ادارية و5 ملحقات للمحاكم و5 مراكز جهوية للأرشيف علاوة على المقرات الجديدة لوزارة العدل والمدرسة العليا للقضاء ومركز البحوث القانونية والقضائية ومدرسة وسطاء العدالة، فيما سيتم استكمال هذا البرنامج بإطلاق مجموعة من المشاريع الموجهة لتعزيز قدرة القطاع من الهياكل. وأبرز عرض وزير العدل عزم القطاع على مواصلة إصلاح قطاع المؤسسات العقابية بنفس الكثافة بهدف تجسيد العمليات المدرجة في إطار المخطط الخماسي 2010-,2014 مشيرا إلى انه علاوة على استلام المشاريع الجاري إنجازها، ستتركز الجهود على الشروع في إنجاز مجموعة من مشاريع المنشآت واقتناء التجهيزات الضرورية من أجل تسيير أفضل للمؤسسات العقابية وتحسين ظروف الحبس والأمن والتغطية الصحية للمحبوسين. كما ستتواصل في إطار ذات البرنامج عملية تعزيز وترقية الموارد البشرية بغية السماح بتكفل أفضل بأعمال إعادة التربية والإدماج الاجتماعي للسجناء.