توجت أشغال الدورة السادسة للجنة المشتركة العليا الجزائرية المصرية التي اختتمت ظهر أمس بالتوقيع على 19 اتفاقا لتعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، وأكدت تطابق وجهات نظر البلدين السياسية إزاء العديد من القضايا الدولية الراهنة· وقد أوضح رئيس الحكومة السيد بلخادم في كلمة له عقب مراسم التوقيع على الاتفاقات الجديدة بين الجزائر ومصر، أن أشغال اللجنة مكنت الطرفين من إجراء تقييم شامل وموضوعي للتعاون الثنائي في كل المجالات بالإضافة إلى تأكيد تطابق وجهات النظر السياسية إزاء العديد من القضايا الدولية الراهنة، مؤكدا حرص الطرفين الجزائري والمصري على أن تكون القرارات التي خرجت بها هذه اللجنة واقعية، تأخذ بعين الاعتبار مصلحة البلدين، وتعد "شاهدا على العناية القصوى التي توليها قيادتا البلدين لتعزيز التعاون الثنائي وتحقيق الاندماج الاقتصادي" · وشدد السيد بلخادم الذي ترأس أشغال اللجنة العليا مع نظيره مع رئيس مجلس الوزراء المصري السيد احمد نظيف، على سعي كل من الجزائر ومصر للوصول بالتعاون الثنائي إلى مستويات أعلى حتى يصبح نموذجا للتكامل والاندماج داخل الفضاء العربي، فيما أكد السيد نظيف من جهته أن الكم المعتبر من الاتفاقيات وبرامج التعاون الثنائية الموقعة في ختام أشغال هذه اللجنة تعد ترسيخا للآمال التي وضعها البلدان لتعزيز التعاون والشراكة، وتعبيرا عن رغبتهما في تطوير العلاقات التي تربطهما، منوها بالدور الفعال للجزائر ومصر في تحقيق المزيد من الاستقرار في الوطن العربي· وفضلا عن التوقيع على محضر أشغال اللجنة وكذا مذكرة تفاهم بين وكالة الأنباء الجزائرية ووكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، فقد وقع الطرفان الجزائري والمصري على أربع مذكرات تخص التعاون في مجالات الإعلام والمعارض والأسواق الدولية وتطوير المراكز التكنولوجية وكذا تفعيل النقل البحري· كما وقعا على 11 برنامجا تنفيذيا للتعاون الثنائي في مجالات التكوين والتدريب المهني والسياحة والشباب والرياضة وحماية البيئة والتعليم العالي والثقافة والتشغيل والقوى العاملة والشؤون الاجتماعية والإسكان والتنمية العمرانية· علاوة على بروتوكول تعاون وشراكة في قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وآخر يخص إرسال بعثة طبية مصرية إلى الجزائر، واتفاق يخص النقل الجوي ويقضي بتعزيز الرحلات الجوية الأسبوعية بين الجزائر ومصر وكذا اتفاقية تتعلق بتسليم جزء من الأرشيف السمعي لإذاعة صوت العرب المتعلق بالثورة الجزائرية إلى المركز الوطني للأرشيف· وكانت أشغال الدورة السادسة للجنة العليا الجزائرية - المصرية، افتتحت الخميس الماضي على مستوى كبار المسؤولين قبل أن تتوسع لتشمل مساء أول أمس رئيسا حكومتي البلدين· وجدد السيد عبد العزيز بلخادم في افتتاح الدورة استعداد الحكومة الجزائرية لتعميق وتوسيع التعاون الاقتصادي مع مصر في مختلف المجالات، مشيرا الى أن حجم التبادل التجاري بين الجزائر ومصر اقترب من 800 مليون دولار العام الماضي· وأضاف أن الجزائر مستعدة لإبرام اتفاقيات جديدة مع مصر وتطوير الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون الموجودة حاليا في إطار استكشاف كافة السبل التي تتيح إقامة علاقات مثالية بين البلدين" · مبرزا أهمية وحجم الاستثمارات المصرية بالجزائر حيث تأتي مصر في مقدمة الدول العربية التي استقطبها مناخ الاستثمار بالجزائر· ولدى تطرقه الى مسار انضمام الجزائر الى منظمة التجارة العالمية ثمن السيد بلخادم دعم المجموعة العربية في هذا الشأن في انتظار انضمام الجزائر الى منطقة العربية للتبادل الحر، مبرزا من جانب آخر الدور الذي يلعبه المتعاملون الاقتصاديون في البلدين من خلال منتدى رجال الأعمال المشترك الذي "يشكل أهم رافد لإحداث نقلة نوعية لعلاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين وإعطاء المزيد من الحيوية للشراكة بين مستثمري البلدين· كما نوه رئيس الحكومة في ختام أشغال المجلس الجزائري المصري لرجال الأعمال بأهمية استثمارات المتعاملين الاقتصاديين المصريين والتي تمس حسبه قطاعات استراتيجية بالجزائر، وأكد بالمناسبة أن هذا المجلس المشترك سيستفيد من الدعم الكامل للسلطات الجزائرية كونه سيساهم في مرافقة الحركية الجديدة للعلاقات الاقتصادية بين البلدين· من جهته أكد رئيس مجلس الوزراء المصري السيد احمد نظيف الثقة التي يحظى بها الاقتصاد الجزائري لدى المستثمرين المصريين في كافة قطاعات النشاط الاقتصادي، معبرا عن ارتياحه لتطور القطاع الخاص وإسهامه في إعطاء المزيد من الدفع للعلاقات بين البلدين· وأشار المسؤول المصري إلى أن الثقة المتبادلة بين البلدين ووزنهما على الصعيدين الإقليمي والدولي تعد من العوامل التي تفرض تعميق وتنويع الشراكة والتبادل التجاري بينهما، معربا عن أمله في إنتاج وتسويق منتجات مشتركة جزائرية مصرية نحو الأسواق الدولية، ومجددا حرص بلاده على تسهيل إقامة المشاريع ورفع كل الحواجز التي تقف في وجه حركة رؤوس الأموال· على صعيد آخر، وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي في تصريح على هامش أشغال اللجنة المشتركة العليا الجزائرية المصرية، إمكانيات التعاون بين البلدين في قطاع الطاقة، مشيرا إلى أن وزراء وخبراء البلدين تمكنوا من تحديد الإمكانيات المشجعة للتعاون في قطاع الطاقة حيث سيتم إنشاء شركات مختلطة، من شأنها تعزيز التعاون في مجال التنقيب وتمييع الغاز· واعتبر السيد مدلسي الذي ترأس إلى جانب نظيره المصري السيد أحمد أبو الغيط لجنة المتابعة أن الجزائر اكتسبت مع مصر تجربة هامة في قطاعات رسخت تواجدها حاليا لاسيما قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية المرشح للتطور مستقبلا في الجزائر، مشيرا إلى انه من بين المجالات التي تم تحديدها للتعاون الثنائي قطاع الصناعة الذي يعتبره من أكثر القطاعات تطورا، حيث سجلت الجزائر، حسب الوزير، حضور المصريين في مجال صناعة مواد البناء، في انتظار تجسيد مشاريع لتطوير فروع صناعية أخرى وبالخصوص صناعة الحديد والصلب والألمنيوم· وأوضح في السياق أن قطاع البناء والأشغال العمومية يعد من بين القطاعات التي يعرف فيها الإستثمار العربي حضورا منذ بضع سنوات في مفهومه الأوسع الموجه للسكن وكذا لمجالي الفندقة والسياحة، مشيرا بعد أن ذكر بأن مصر تعتبر الشريك الأول للجزائر في مجال الاستثمارات خارج المحروقات، إلى أن المبادلات التجارية بين البلدين تضاعفت بعشر مرات خلال السنوات السبعة، وان هناك ثلاثين نصا قانونيا تنظم التعاون الجزائري المصري· بدوره وزير الخارجية المصري السيد أبو الغيط أبرز أهمية العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين والتي تزداد توطيدا سنة بعد سنة، داعيا الى تطويرها وتجاوز كل ما من شأنه أن يعيق تطويرها· وإلى جانب عقد اجتماع لمجلس رجال أعمال البلدين الذي تم على هامش أشغال اللجنة العليا تم تنظيم معرض لكبريات الشركات المصرية، حضرته نحو 20 مؤسسة عاملة في مجالات الاتصالات والطاقة والحديد الصلب والبناء والاستشارات الهندسية وقدمت إلى الجزائر لبحث سبل تطوير مشاريع شراكة مع مؤسسات جزائرية· وبمناسبة هذه التظاهرة التي زارها السيدان بلخادم ونظيف كشف وزير الصناعة وترقية الاستثمارات السيد عبد الحميد طمار عن بعض المشاريع الاستثمارية المصرية المنتظر تنفيذها بالجزائر، مشيرا على وجه الخصوص إلى انجاز مصنع للاسمنت بولاية الجلفة بقيمة 400 مليون دولار، فتح نسبة 35 بالمائة من رأسمال شركة الاسمنت لزهانة بولاية معسكر بقيمة تقارب 45 مليون دولار، إنشاء مصنع للصلب من تنفيذ مجموعة "عز" بمنطقة "جن جن" بولاية جيجل بقيمة 2 مليار دولار، إضافة إلى مشروع ضخم للامونياك بقيمة 2,2 مليار دولار بارزيو· وبخصوص المبادلات التجارية بين البلدين، تمت الإشارة إلى أن قيمة الصادرات الجزائرية نحو مصر بلغت 100 مليون دولار نهاية السداسي الأول من 2007 مقابل 60 مليون دولار تمثل قيمة الواردات الجزائرية القادمة من مصر خلال هذه الفترة، كما تم التأكيد على أن مناسبة انعقاد اللجنة العليا المشتركة العليا وما صاحبها من لقاءات بين المتعاملين الاقتصاديين من البلدين، شكلت فرصة لدعم الاستثمارات المصرية في الجزائر البالغة 4 ملايير دولار، والمتوقع أن ترتفع الى خمسة 5 ملايير دولار خلال العام الجاري·