إنّ النشاط الديني والثقافي والعلمي الذي تقوم به الزوايا وتتميز به، لابد أن تتوفّر له هياكل ومرافق مثل المكتبات لما فيها من مراجع وكتب، من شأنها أن تؤدّي دورا هاما للقارئ والمثقّف والباحث وطلاب العلم والمعرفة، ولا شكّ أنّ المكتبة العرفانية المقامة بالزاوية التجانية الأم الموجودة بمدينة قمار بولاية الوادي، لها مزايا تنفرد بها وتعرف من خلالها، خاصة أنها موجهة أساسا إلى جمهور القراء على أوسع نطاق. تعدّ المكتبة هيكلا علميا متعدّد الأوجه، محتوياتها تغطي مختلف مجالات الثقافة واللغة والأدب والنقد والتاريخ والدين. وتأسّست المكتبة العرفانية منذ إنشاء الزاوية التجانية وتبلغ عدد المؤلّفات الموجودة بها أزيد من 4 آلاف كتاب. منها 50 بالمائة باللغة الفرنسية، ذات مواضيع متعدّدة في التاريخ، الثقافة العلمية والدراسات الخاصة بالقضايا الإفريقية والعالم الثالث بصفة عامة من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كما تحتوي المكتبة على حوالي 15 بالمائة من الكتب المتنوّعة في القصة والأدب وعلم النفس، إضافة إلى احتوائها على كمّ هائل من المجلات العربية والفرنسية، أمّا الكتب الدينية فتقدّر نسبتها بحوالي 20 بالمائة وتتناول العديد من المواضيع في الفقه والعبادات والقرآن، كما يوجد بالمكتبة المصحف الجمعاوي الشريف وهو مصحف يبلغ طوله 34 سم وعرضه 24 سم. وتضمّ المكتبة العرفانية العديد من الكتب التجانية الخاصة بالتصوف من بينها ''أسرار المنهج الرباني''، ''الأنوار المحمدية''، ''المنجاة الكبرى''، والملفت للانتباه في هذه المكتبة هو توفّرها على المجموعة من المخطوطات تحمل في طياتها تراثا دينيا متنوّعا كعلوم القرآن والحديث الديني ومن بينها مخطوط ''الجامع الصغير من حديث البشير النذير''، وهو مجلّد أوراقه صفراء متينة وبالية وفيه الكثير من الثقوب، ويتألّف المخطوط من 180 صفحة مرقّمة ترقيما ''هنديا''، كما أنّ هذا المخطوط يعود إلى 18ربيع الأول سنة 907 هجري، وهو لصاحبه محمد محمد بن مراد. إلى جانب هذا هناك مخطوطات بعنوان ''العهود المحمدية'' وقد خطّه الشيخ الصالح بن أحمد بن صالح القماري في الثامن والعشرين من شهر شعبان سنة 1300 هجري، وهو عبارة عن غلاف حالته جيدة ومكتوب باللونين الأحمر والأسود ويتحدّث فيه صاحبه عن التصوّف والطريقة التجانية. كما يوجد بالمكتبة العرفانية مخطوط آخر بعنوان ''الأنوار القدسية بين العهود المحمدية'' للشيخ سيدي عبد الوهاب الشعراني، وهو عبارة عن مجلّد لا يزال في حالة جيّدة، إضافة إلى توفّر بهذه المكتبة الثرية على مخطوطات للقرآن الكريم، مما جعلها قبلة لطلبة العلم ومحبي المطالعة، وكذا الباحثين من أجل إنجاز أعمالهم الأدبية والعلمية وغيرها من الدراسات الفكرية والثقافية.