احتضنت مؤسسة "الشروق" الثلاثاء الماضي ندوة فكرية تحت عنوان "زوايا بلاد القبائل ودورها في إصلاح ذات البين" شارك فيها شيوخ الزوايا الناشطة في المنطقة وعدد من خريجها، ابرز المشاركون في الندوة الدور الذي لعبته تلك الزوايا منذ القدم في المجتمع الجزائري، كما أثاروا المشاكل التي تواجهها اليوم والتي تهدد بقاء هذه الزوايا التي صمدت لقرون في وجه كل التغيرات والمحاولات، وعلى رأس هذه المشاكل قضية الوضعية القانونية للزوايا وطلابها، واتفق المشاركون في الندوة على أن إعطاء وضعية قانونية للزوايا العلمية سيمكن من حماية المرجعية الدينية للجزائريين الى تتعرض الى عدة هجمات . * شيوخ زوايا بلاد القبايل في منتدى "الشروق": * "امنحونا وضعية قانونية نحمي المرجعية الوطنية" * * طالب شيوخ وخريجو زوايا منطقة القبايل السلطة باتخاذ خطوات قانونية لصالح طلبة الزوايا من أجل استمرار هذه المراكز في عطائها وعملها من أجل حماية الهوية الوطنية والمرجعية الدينية الجزائرية. * خلال الندوة الفكرية التي نظمتها مؤسسة "الشروق" للإعلام حول "زويا بلاد القبائل ودورها في إصلاح ذات البين" أثار شيوخ الزوايا قضية الوضعية القانونية للزوايا وطلابها، حيث ركز المتدخلون على الشروط الجديدة التي وضعتها وزارة الشؤون الدينية أمام المتقدمين لمسابقات توظيف الأئمة، وهي شروط أقصت المتخرجين من الزوايا الذين كانوا في السابق وحدهم المعنيين بهذه المسابقات. * وقد أثار الشيخ محمد الصالح آيت عجلت -شيخ زاوية سيدي يحيي العيدلي بتاموقرة- قضية غياب شهادات تمنح لخريجي الزوايا، وهو ما يؤثر سلبا على الإقبال عليها من طرف الشباب الذين يفضلون الانحياز الى مراكز التكوين المهني والمدارس الخاصة باعتبارها تمنح شهادات تفتح لهم أملا في إيجاد فرصة عمل مستقبلا، وهو نفس المشكل الذي تطرق إليه الشيخ محمد نور -شيخ زاوية سيدي عبد الرحمان الثعالبي- الذي يدير زاوية تضم 160 طالبا جلهم على وشك التخرج، لكن الشروط الجديدة للتوظيف في سلك الأئمة عطلت فرحتهم بختم حفظ كتاب الله، هذا الهاجس عبر عنه الشيخ محمد الطيب -مترجم معاني القرآن الى القبائلية- حين قال إن الأولياء أصبحوا يعبرون لشيوخ الزوايا عن مخاوفهم على مستقبل أبنائهم في حال ما إذا وجهوهم إليها بدلا عن مراكز التكوين المهني، وأصبحوا يقولون "اضمنوا لنا مستقبلا لأبنائنا نمنح لكم تربيتهم". * ومعلوم أن الزوايا ليس لها أي قانون خاص يحدد شروط الالتحاق بها، ولا يحدد مصير طلبتها الذين يتكونون من اطفال وشبان تسربوا من المدارس النظامية يختار أولياؤهم إلحاقهم بالزوايا من اجل استدراك تأخرهم العلمي وتحضيرهم للالتحاق بمعاهد تكوين الأئمة، لكن الشروط الجديدة لمسابقة التوظيف في سلك الأئمة لم تترك مجالا لطلبة الزوايا، مما دفع كثيرا من الناس الى العزوف عن التوجه إليها مفضلين الالتحاق بمراكز ومدارس تقدم شهادات معترف بها تبقي لهم املا في الحصول على وظيفة في المستقبل. * * العلامة محمد الطاهر آيت علجت: * "يجب أن يعاد الاعتبار للزوايا وطلابها لتستعيد الجزائر عزّتها وكرامتها" * * طالب العلامة محمد الطاهر آيت علجت السلطات الجزائرية بإعادة الاعتبار للزوايا، مذكرا بدورها في تكوين الأجيال قبل وأثناء ثورة التحرير، مشيرا إلى أنها كانت تقوم بأدوار الدولة ككل من خلال عمل متكامل. * واستشهد الشيخ آيت علجت في حديثه، بمقولة الدكتور يحيى بوعزيز "لو وجدت الزوايا في الأندلس لما خرج المسلمون منها"، وهي المقولة التي دعّمها الوزير الأول أحمد أويحيى في تعبيره عن العشرية السوداء بالقول "لو حافظنا على الزوايا لما ظهر في الجزائر أنبياء جدد". * وتحدث ضيف المنتدى عن الأدوار الايجابية التي تلعبها الزاوية في تكوين الأجيال، قائلا "كانت الزوايا مرابط المرابطين للجهاد، تنشر العلم وتصلح بين الناس، وتقوم مقام دولة بأكملها قبل الاستعمار وأثناء وجوده، فهي تقوم بكل ما تؤديه الدولة من خدمات تعليمية وتربوية". * وذكر الشيخ أن الزاوية تمتاز دون غيرها من الهيئات بالتطبيق، ولا تكتفي بالأمور النظرية بل تلزم طلبتها بالتطبيق. * وذكر العلامة آيت علجت بالفترة الاستعمارية، حيث تعرضت الزوايا إلى تضييق كبير من طرف المستدمر، "حوربت الزوايا محاربة شنعاء، وفرض على الشيوخ تعليم القرآن الكريم دون تفسيره، وحظر تعليم التاريخ والجغرافيا فيها". * وتأسف الشيخ لعدم إقبال الطلبة حاليا على الزواية، مفسّرا الأمر "بعدم تشجيعهم ليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع"، واقترح في ذات الجلسة "إذا أرادت السلطات أن تعيد للجزائر عزّتها وكرامتها، فعليها أن تهتم للزوايا وتجعل لطلابها مستقبلا رسميا، وتعطيهم أملا في الحصول على الوظائف الرسمية ولا يهمشوا في المجتمع". * كلمة المدير العام لجريدة " الشروق " علي فضيل : * "المجتمع يتعرض إلى هزات ولا بد من تفعيل دور الزوايا من جديد " * * نوه مدير عام جريدة "الشروق" السيد علي فضيل، بدور الزوايا بمنطقة القبائل في إصلاح ذات البين، ودورها في حل النزاعات والخصومات بطريقة ودية وفق مبادئ الشريعة الإسلامية، مؤكدا بأنه بقدر ما المجتمع الجزائري متمسك بقيمه وأصالته، هناك هزات أصبح من الضروري تفعيل دور الزوايا من جديدة، واصفا الزوايا بكونها مؤسسات اجتماعية أدت ولا تزال تؤدي دورها منذ سنوات عديدة، ومن أجل إعادة تثمين هذا الدور المهم -يُضيف المدير العام علي فضيل- لا بد من إبراز وتوريث قيم ومبادئ الزوايا للأجيال القادمة والصاعدة، من أجل إعادة المجتمع إلى منابعه الأصلية المتمثلة في القيم والأصالة، بالرغم من أن هذه المؤسسات شهدت محاولات عديدة لطمسها، إلا أنها بقيت صامدة رغم إمكاناتها المحدودة والقليلة جدا . * الشيخ صالح صالح: * "زوايا بلاد القبايل كانت صداعا للاستعمار" * * * تطرق الشيخ صالح صالح إلى الظروف التاريخية التي مرت بها الزاويا العلمية في بلاد القبايل، حيث كانت جزءا من الأشياء التي سعت فرنسا لمحاربتها، هذا الاستعمار حسب الشيخ صالح صالح وضع ثلاث نقاط ضمن أولوياته تتمثل في كل من محاربة اللغة، التاريخ، والدين، وباعتبار الزاوية مركزا للحفاظ على هذه الأشياء حارب الاستعمار هذه الزاويا. * * وفي سياق الحديث عن المضايقات التي كانت تحدث، ذكر الشيخ صالح أن فرنسا كانت تسمح بنشاط كل الديانات الأخرى، غير أن الحاكم الفرنسي كان هو من يُعين الإمام في المسجد، كما أنها كانت تتجسس على الزوايا وتسعى لمنع تعليم التاريخ والجغرافيا والحساب فيها، كما تطرق ضيف ندوة "الشروق" إلى المعاني السامية التي يتميز بها المجتمع القبائلي منذ القدم، حيث وبمجرد ذكر كلمة "قال الله تعالى" تخشع النفوس. * * * * آيت سوكي محمد آكلي (أستاذ جامعي وخريج زاوية سيدي يحيي العيدلي): * * "زوايا بلاد القبائل توسطت بين الناس والدول" * * * تطرق الدكتور محند آكلي آيت سوكي الى الوساطات والمصالحات التي اشرفت عليها زوايا بلاد القبائل التي قال انها لم تكن فقط بين الأفراد والعوائل وإنما حسمت صراعات بين الدولة والجماعات المؤثرة، ومثل لذلك بتدخل زوايا بلاد القبائل لوقف التمرد الذي خاضته الزاويتين التجانية والقادرية ضد الدولة العثمانية، كما بين خريج زاوية سيدي يحيي العيدلي طريقة عمل الزوايا، وأساليبها في الصلح التي تختلف حسب الحالات، وقال إن الزوايا كانت لا تدخر أي جهد من اجل تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين، والوصول الى ما يرضي الطرفين معا، والخروج بجلسة صلح، يضمن خلالها عدم عودة الخلاف بعد حين، ودعا المتحدث في الأخير إلى تفعيل دور الزوايا خاصة في منطقة القبائل التي أضحت مستهدفة من قبل حملات التنصير. * * الدكتور محمد الشريف كتو (أستاذ جامعي ومسير زاوية تيفرا ناث لحا): * "نطالب الزوايا أن تستعيد دورها في فض الخلافات الفكرية والسياسية" * * * نبّه الدكتور محمد الشريف كتو إلى أن الإصلاح المطلوب من الزوايا حاليا هو في الخصومات التي ظهرت مع التعددية الحزبية والصراع الفكري الذي ترك بصماته على تناسق المجتمع ووحدته، مطالبا بمناقشة هذه المسألة. * وقال الدكتور إن هذا النوع من النزاعات يخلق التصدّعات في مجتمعنا، ولا يمكن إصلاحها إلا بدراستها والتوغل فيها، داعيا الزوايا ورجال العلم الشرعي للعب دورهم في هذا المجال. * وضرب الدكتور كتو مثلا بالصلح الذي كان في منطقة القبائل قبل سنوات الاستقلال، والذي جرى في منطقة واضية، ودارت أحداثها بين أتباع مصالي الحاج وبعض من عناصر جبهة التحرير الوطني، وعلى الرغم من أنها تعلقت بأشخاص من الثوار، إلا أن الزاوية تمكنت من إيقاف الخلاف بينهما، على يدي الشيخ مصطفاوي أرزقي الذي ذكر بمعاني الوحدة وحرمة الدماء وقيمة الصلح. * وأراد الدكتور بهذا الأنموذج الذي ساقه أن يكون الصلح في العهد الحالي على هذا المستوى، وأن لا يقتصر فقط على الخلافات البسيطة والنزاعات الفردية. * وعقب على مثاله أن ما كانت تقوم به الزوايا من صلح في الفترة الاستعمارية كان يشوش على مبدأ "فرّق تسد" الذي كانت تتبناه الإدارة الاستدمارية، لذا تم اعتقال الشيخ مصطفاوي يومين بعد عقد الصلح. * * الشيخ مأمون القاسمي (رئيس الرابطة الرحمانية للزوايا الجزائرية): * * "أطراف في الداخل والخارج تحاول تحريف التاريخ وإلحاق الظلم بالزاويا" * * * يرى الشيخ مأمون القاسمي أن الإصلاح في الزوايا يكاد يتشابه عبر كل الزوايا، حيث تتدخل في مختلف النزاعات العقارية وغيرها، التي تنشأ على حدود أراضي الاعراش، معرّفا ببعض مساعي الزاوية القاسمية المتعلقة بلم شتات الفرقاء والجماعات المتنازعة لسنوات. * وذكر شيخ الزاوية القاسمية أنها في عز الأزمة التي مرت بها الجزائر، لم تنقطع الوفود عن تلك الزاوية التي كان يأتيها مريدوها من كل حدب وصوب وعلى غير موعد. * وتأسف الشيخ القاسمي على تحريف التاريخ قائلا "هذا التاريخ الذي أراد له البعض في الداخل والخارج أن تحرّف حقائقه وظلم كثيرا من المؤسسات في ماضيها وأعمالها، فضلا عن محاولات إطفاء نورها وتعطيل عملها". * وأشاد الشيخ بتجربة الزاوية مع التعريف بتاريخ الدولة الجزائرية "قبل عشر سنوات اتصل بي الأمين العام لوزارة التربية والتعليم، واقترح أن تعقد ندوة دورية لأساتذة التاريخ في الزاوية عبر 25 ولاية، وتم ذلك فعلا، وبعد نهاية الأشغال، اطلع الأساتذة على وثائق تاريخية ومكتبية للزاوية، وعبّروا عن أنها حقائق تاريخية لا يمكن لهم أن يتعرفوا عليها خارج الزاوية، إلى درجة أنهم اعترفوا بالحرف الواحد أنهم كأساتذة تاريخ لم يقرؤوا التاريخ كما وقفوا عليه هناك". * وتأسف القاسمي لإغفال طلبة الزوايا، مذكرا بأنه تم تقديم اقتراحات منذ ثلاثة عقود للوزارة الوصية، لإنشاء نصوص تنظيمية وتشريعية، تؤهل طلبة الزوايا ليكونوا أئمة مساجد، إلا أنها بقيت مجرّد اقتراحات، مضيفا أنه تم تهيئة 35 طالبا حفظوا القرآن الكريم وأجادوا تعلم اللغة العربية، إلا أنهم لم يستفيدوا من تلك المناصب لغياب الترسانة التشريعية التي تسمح لهم بذلك. * * محالة لونيس (ممثل عرش آث جناد): * "القول بسيطرة التيار اللائكي على منطقة القبائل بهتان" * * وصف محالة لونيس، ممثل عرش آث جناد، ما يروج له البعض من أن التيار اللائكي هو المسيطر في منطقة القبائل ب "البهتان"، مبديا دهشته من لجوء بعض الأطراف إلى الدفاع عن المنصرين باسم حرية المعتقد. * وقال لونيس، الذي يحظى بحضور قوي في منطقة زواوة، بأنه "لا يمكن السكوت عن الدعايات المغرضة التي تقدم سكان المنطقة على أنهم من التيار اللائكي رغم تمسكهم التام بالهوية الإسلامية". * وأوضح ذات المتحدث في مداخلته بأن تراجع دور الزوايا التي همشت في الآونة الأخيرة فسح المجال لبعض الأحزاب والتيارات للتغلغل أكثر ونشر صورة غير واقعية عن توجهات سكان المنطقة. * وذكر لونيس أنه حتى نظام تاجماعت الذي يعتبر المؤسسة التقليدية الأولى التي يحتكم إليها في منطقة القبائل في فض الخصومات والنزاعات نقوم على مبادئ إسلامية محضة عكس ما يروج له البعض. * * سعيد معوّل (مدير التكوين بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف): * "الزوايا بثت روح المقاومة ورفض الاستعمار في الجزائريين" * * * يرى سعيد معوّل، مدير التكوين بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، بأن "المكانة الروحية المرموقة التي تتمتع بها الزوايا في منطقة القبائل تعود إلى كونها ورثت العلم الشريف". * وما يجب أن يعرفه الجميع، حسب سعيد معول، هو أن "الجيش الفرنسي أرسل لنا ضراغم وجدوا أمامهم شعبا أعزلا لم يجد بدا من مقاومة بثتها فيه الزوايا التي رفضت الاستعمار والنسخ والمسخ والفسخ". * واستدل سعيد معول على كلامه بكتاب التاريخ الذي درس فيه منذ أكثر من 54 سنة في المدرسة الفرنسية جاء فيه: "البربر سارعوا إلى اعتناق الإسلام"، معتبرا أن "جميع المؤرخين النزهاء في العالم اعترفوا بأن البربر قبلوا الإسلام بكل حرية، واتفقوا على أن يأخذوا أحسن ما جاء به المسلمون من المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف الإيجابي الذي ندعو إليه"، مضيفا: "التاريخ لم يسجل أن الشعب الجزائري ارتد عن دينه القائم على الأخوة والمحبة واليسر ورفع الحرج على الناس". * وللحفاظ على دور الزوايا وترسيخه في المجتمع، قال سعيد معول، ابن زوايا منطقة القبائل، "يجب أن نرسخ 5 لاءات..لا لتمزيقنا وتشتيتنا باسم الدين ولا باسم العروبة ولا باسم الأمازيغية ولا باسم الأحزاب السياسية ولا نقبل أن نتمزق باسم الديمقراطية". * * محمد الشريف واشق (أحد أعيان بجاية): * "لا خوف على الإسلام في منطقة القبائل" * * أكد محمد الشريف واشق، أحد أعيان بجاية، على أنه "لا خوف على منطقة القبائل في مواجهة حملات التنصير بفضل وجود ثقافة إسلامية متجدرة لدى سكانها". * وقال ذات المتحدث بأن "زوايا منطقة القبائل التي كانت بالمرصاد للاستعمار الفرنسي إلى درجة وصفها بالأحزاب تقوم اليوم بنفس الدور في مواجهة حملات التنصير"، رغم أنه قلل من حجم تأثير هذه الظاهرة على سكان المنطقة. * أما فيما يتعلق بمهمة إصلاح ذات البين، قال واشق بأن "نظام تاجماعت يقوم بدوره في هذا المجال، وهو ما يعني أن الزاوية تقوم بهذا الدور سواء مباشرة أو بصفة غير مباشرة، كون أمين تاجماعت هو إمام الزاوية". * وكشف نفس المتحدث بأن جمعيته أنشأت مدرسة قرآنية في قلب مدينة بجاية لغرس الهوية الإسلامية في نفوس الأجيال الصاعدة حيث تتكفل بتعليم قرابة 300 طالب من جميع فئات العمر 30 بالمئة منهم من النساء. * * سعيد بويزري (أستاذ بجامعة تيزي وزو): * * "لا بد من تفعيل مرسوم الشيخ شيبان الخاص بمجالس الصلح" * * * دعا الأستاذ بجامعة تيزي وزو سعيد بويزري إلى تفعيل المرسوم التنفيذي الصادر عام 1991 والذي ينص على إنشاء أربعة مجالس بالمساجد منها المجلس العلمي الذي أنيطت به مهمة إصلاح ذات البين. * وقال بويزري بأن "المرسوم الذي أصدره وزير الشؤون الدينية آنذاك الشيخ عبد الرحمان شيبان من شأن إعادة تفعيله حل جزء هام من النزاعات على مستوى المؤسسات الدينية"، مشيرا إلى أن "الدور الاجتماعي الذي كان يلعبه المسجد والزاوية في إصلاح ذات البين أقره القانون الجديد للإجراءات المدنية الذي دخل حيز التطبيق". * وقال المتحدث: "هذا النص الذي قنن الصلح عبر ما يسمى بالوساطة القضائية يجب استثماره في إعادة إحياء هذا الدور الذي كانت الزوايا والمساجد تقوم به في السابق مع ضرورة إضفاء طابع حديث على هذه المهمة بتوثيق جلسات الصلح عكس الطبع الشفهي لها في السابق". * وأوضح ذات المتحدث بأن "مجالس الصلح ليست بديلا للقضاء كما يعتقد البعض ولكنها مكملة لها خدمة للمجتمع لأن بعض القضاة يتكلمون عن قضايا بقيت تصول في أروقة المحاكم لأكثر من 20 سنة لكنها في النهاية حلت في جلسات صلح بالزوايا". * * الشيخ محمد الصالح آيت علجت (شيخ زاوية سيدي يحيى العيدلي): * "الزاوية تفض الخصومات ويخرج الجميع منها في مودة وصفاء" * * * قال الشيخ محمد الصالح، نجل الشيخ محمد الطاهر آيت علجت، إن "القوانين المعاصرة بذلت كل الجهود في حل الخصومات بين الناس، لكن يخرج من عندها الواحد منتصرا والآخر منكسرا، بينما يخرج الجميع من الزوايا في مودة وتسامح وصفاء". * هذه نهج زوايا منطقة القبائل في إصلاح ذات البين، مثلما أكده المتحدث عندما ذكر بأنه "عندما قمنا بزيارة لوكيل الجمهورية لمحكمة بجاية للتعارف قال إن الوقت قد حان لإعادة دور الزوايا مثلما كانت في السابق". * وحسب آيت علجت الابن "اتهم الوالد بالتدخل في شؤون الفرنسيين، بإبعاد المتخاصمين عن المحاكم الفرنسية وتلك كانت خسارة واضحة للاستعمار". * وكانت الزوايا، حسب المتحدث، تحرص على الاحتكام لكتاب الله وسنة رسوله: "كان الخلاف يفض بتراضي الأطراف حول قصعة كسكسي يأكل منها الجميع ثم ينصرفون وقلوبهم راضية بالحل الذي آلت إليه الخصومة". * وتأسف محمد الطاهر آيت علجت كون الزوايا، ورغم لعب دور القلاع التي حافظت للأمة على دينها وهويتها وتماسك نسيجها الاجتماعي، كانت مجتمعا ذكوريا بالدرجة الأولى ولم يكن مسموحا للفتيات بالعلم والتعلم فيها، لكن زاوية سيدي يحيى العيدلي فكرت في التحول إلى زاوية للبنين والبنات، لتكون قطبا علميا لا تحرم منه الإناث. * * الشيخ محمد الطيب (مترجم معاني القرآن إلى الأمازيغية): * * "الزوايا كانت مقصد من يريد ضمان مستقبله، والآن تجمع الفاشلين" * * وقف الشيخ محمد الطيب (مترجم معاني القرآن إلى الأمازيغية) على استحالة المقارنة بين حال الزوايا في الماضي والآن، مؤكدا أنها في عصرها الذهبي كانت تسير المجتمع وتتحكم فيه لإخلاصها إزاء أفرادها. * وخلص نفس المتحدث إلى أنه لا يمكن بأي حال مقارنة الزوايا قديما مع وضعها في الوقت الراهن، "حيث كانت في السابق تضع المجتمع كالخاتم في إصبعها، لقد كانت خالصة فرفعها الناس". * وذكر الشيخ دور الزاوية في نشر العلم "في ذلك الوقت لم يبق أمام من يريد طريق العلم إلا الزاوية، فكانت تستقطب العباقرة، أما الآن فقد تم تحجيم دورها وأطلقت ضدّها كل الأقاويل من أنها تنشر الشعوذة ويقرأ مرتادوها القرآن على الموتى، وهو كلام قيل قبل الاستقلال واعتقدنا أنه سينتهي بعده، إلا أنه ظل مستمرا، في حين أن الزاوية هي مربط لمن يريد التعلّم". * وتأسف الشيخ الطيب من تغير تصرفات الناس نحو الزاوية بين الأمس واليوم "ففي السابق كان من يريد ضمان مستقبل ابنه يرسل به إلى الزاوية، أما اليوم فلا يرسل إليها إلا من فشلوا في دراستهم، فنجد فيها الآن من لم يدخلوا قط إلى المدارس، ومن لا يفرّقون بين الحرف والكلمة ممن يجهلون كل العلوم". * * الشيخ محمد نور (شيخ زاوية عبد الرحمان الثعالبي بيسر): * "طلبتي يؤمون المصلين ويخطبون في الناس لكنهم لا يجدون عملا قارا" * * * ركّز الشيخ محمد نور، شيخ زاوية عبد الرحمان الثعالبي بيسر، على المشاكل التي تتخبط فيها زاويته، والتي ما تزال فتية مقارنة مع بقية الزوايا، وقال إنها تدرّس حاليا 160 طالبا من بينهم خمسون طالبة، إلا أنهم يتعرضون إلى مشكل عدم إيجاد عمل بعد التخرج. * وعرض نور إلى أن أنه "على الرغم من أن أولئك الطلبة يحفظون كتاب الله ويؤمون الناس في المساجد وتنتدبهم الوزارة للخطبة عبر مساجد الوطن، إلا أنهم لا يجدون عملا قارا". * ودعا الشيخ نور إلى ضرورة الاهتمام بهذه الشريحة التي لا تضم دوما الفارين من المدارس والفاشلين في التعليم، بل إن أغلبية منهم دفعت بهم ظروف الحياة إلى مغادرة المدارس، إلا أنهم أفلحوا في أن يكونوا طلبة زوايا بامتياز، لذا يجب الاستفادة منهم واستغلال هذه الكفاءات المكوّنة، وأن لا نتركها تعيش على الهامش. طالع أيضا محمد الشريف خروبي:"أمين عام لوزارة العدل قال لي : لقد أسستم لعدالة موازية في المنطقة "