حذر نائب مدير المركز الإفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب، السيد إلياس بوكراع، من عواقب التدخل الأجنبي بغطاء مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، وأشار إلى أن هذا التدخل من شانه أن يعطي شرعية للتنظيمات الإرهابية التي قد يحولها ذلك إلى ''حركات تحررية''، معتبرا من جانب آخر بأن التقرير الدولي الأخير الذي يصنف الجزائر في المركز 36 ضمن درجة الدول التي تعاني تهديدا متوسطا من خطر الإرهاب يؤكد تحسن الوضع الأمني في الجزائر. وقد تراجعت الجزائر من حيث درجة التهديد الإرهابي في العالم من المركز السابع الذي صنفت فيه خلال العام الماضي إلى المركز ال,36 حسب التقرير الدولي الذي أعدته قبل أيام مؤسسة الاستشراف والتحليل ''مابل كروفت''، الكائن مقرها في لندن، والتي شملت قائمتها 196 دولة، تصدرتها الصومال التي صنفت أكثر دول العالم تهديدا بالإرهاب. وقد جاءت الجزائر متأخرة عن الولاياتالمتحدةالأمريكية التي صنفت في المرتبة ال,33 بما يعني بأن الجزائر أقل عرضة للتهديدات الإرهابية من الولاياتالمتحدة، وقد اقتربت من فرنسا وبريطانيا اللتان احتلتا على التوالي المركزين 44 و.46 في حين أشار تقرير ''مابل كروفت''، إلى أن أكبر تغيير في التصنيف هو انتقال اليونان من المركز 57 إلى المركز ,24 لتصبح أكثر دولة أوروبية معرضة للخطر الإرهابي، مع الإشارة إلى أن هذه المراتب مصنفة ضمن مؤشرات الخطر المتوسط، الذي يبدأ من المركز السابع عشر. وترتكز الهيئة البريطانية في تصنيفها على جملة من المؤشرات الأساسية التي تشمل عدد الهجمات الإرهابية وتكرارها وكثافتها، بالإضافة إلى احتمال حدوث خسائر بشرية، مع الاعتماد على بيانات تاريخية للعام السابق، بغرض الحصول على تقييم مستقبلي للعام الذي يليه. وكانت الجزائر قد احتلت العام الماضي حسب تصنيف نفس الهيئة المركز السابع، من حيث خطر التعرض لاعتداء إرهابي، واقعة بذلك ضمن قائمة الدول ذات مؤشرات الخطر العالي، فيما كان العراق خلال عامي 2008 و2009 يتصدر قائمة الدول الأكثر خطرا في العالم، من حيث احتمالات التعرض لاعتداء إرهابي، قبل أن ينتقل هذا العام إلى المرتبة الثانية وتحولت الصومال إلى الدولة الأكثر خطرا في العالم. ويعكس تراجع التهديد الإرهابي في الجزائر نجاعة جهود هذه الأخيرة في مكافحة الإرهاب ونجاح سياسة المصالحة الوطنية، حيث أكد نائب مدير المركز الإفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب، السيد إلياس بوكراع لدى إعلانه عن التقرير الجديد لمؤسسة ''مابل كروفت''، أن هذا التصنيف الدولي جاء بعد تسجيل تراجع في العمليات الإرهابية وفي عدد الإرهابيين في الجزائر، معتبرا بأنه يمكن الحديث حاليا عن ''المرحلة المتبقية للإرهاب'' حيث لم يعد الإرهاب في الجزائر يهدد سير نشاط الهيئات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ولا يشكل خطرا على الأمن الوطني، لكن ذلك لا يعني حسبه أن الظاهرة تم القضاء عليها نهائيا ولا أنها ستزول على المدى القريب. وشدد المتحدث في حديث للقناة الإذاعية الثالثة على عدم التهاون إثر تسجيل هذا الاستقرار الأمني، مؤكدا بأن المنظمات الإرهابية لا تتراجع بسهولة وأن استعادة نشاطها وانتشارها أمر لا يمكن توقعه، كما أشار إلى أن مكافحة الإرهاب هي عملية طويلة المدى، ولذلك فإن التهديد الإرهابي لا يزال موجودا، رغم أنه تراجع بشكل لافت، في منطقة الساحل. وفي سياق متصل أوضح الخبير الجزائري أن أهم مصادر التمويل التي تعتمد عليها التنظيمات الإرهابية بصفة عامة وتنظيم ''القاعدة في المغرب الإسلامي'' على وجه الخصوص، تتمثل في أموال الفدية والجرائم المنظمة، بالإضافة إلى الأموال التي يفرضها الإرهابيون على سكان المناطق التي ينشطون بها، مؤكدا في هذا الصدد بأن وقف تمويل الإرهاب، لن يتأتى إلا بتعاون دولي. كما حذر المتحدث من عواقب التدخل الأجنبي المسلح في البلدان المتضررة من الإرهاب، مؤكدا بأن هذا التدخل لا يخدم سوى التنظيمات الإرهابية ذاتها، حيث أثبتت التجربة في الصومال أو لبنان أو العراق أو أفغانستان، أن التدخل الأجنبي لم يفلح سوى في إعطاء الشرعية للجماعات الإرهابية التي تتحول إلى حركات تحررية ومقاومة وطنية، ينضم إليها المئات من المواطنين بدافع استرجاع الحرية وحماية الوطن، وهو الأمر الذي يقويها ويوسع مجال نشر إيديولوجياتها وسياساتها.