انتهج رئيس الحكومة الاسبانية خوسي لويس رودريغيز ثباتيرو نفس السياسة التي اتبعتها الحكومة الفرنسية في التعامل مع الاعتداء المغربي الدامي ضد النازحين الصحراويين بمخيم الحرية بالقرب من العيونالمحتلة بعدما تجاهل الحديث عن الوضعية الخطيرة التي عاشتها المدن المحتلة خلال الندوة الصحفية التي نشطها لدى اختتام قمة حلف الشمال الأطلسي أول أمس بالعاصمة البرتغالية لشبونة. وقد أثار هذا التجاهل استياء جبهة البوليزاريو التي عبرت عن أسفها الشديد لعدم تطرق رئيس الحكومة الاسباني للأحداث الدامية التي شهدتها المناطق المحتلة مؤخرا بعد الاعتداء المغربي على المدنيين الصحراويين. وأبدى عبد القادر طالب عمر الوزير الأول الصحراوي استغرابه من عدم مطالبة ثباتيرو بفتح تحقيق دولي مستقل وعاجل ورفع الحصار عن الإقليم الصحراوي والسماح للمراقبين المستقلين ووسائل الإعلام بالدخول من أجل إنقاذ الأرواح البشرية وحماية الصحراويين من سياسة التطهير العرقي التي تمارسها الحكومة المغربية. والحقيقة أن الطرف الصحراوي له مبرراته المقنعة لإبداء مثل هذا الاستغراب كون اسبانيا تبقى القوة الاستعمارية السابقة لإقليم الصحراء الغربية التي انسحبت منه دون استكمال واجباتها إزاء الشعب الصحراوي كما ينص على ذلك القانون الدولي وهو ما أوقع الشعب الصحراوي في احتلال ثان مازال مستمرا منذ سبعينات القرن الماضي. ويكشف تجاهل ثباثيرو لأحداث العيون الدامية على أن التصريحات ''الساخنة'' التي أدلت بها وزيرة الخارجية الاسبانية خمينث ترنيداد لم تكن إلا مجرد ذر للرماد في العيون فرضها الوضع الخطير الذي عاشته الأراضي الصحراوية المحتلة بسبب القمع المغربي العنيف ومحاولة من الحكومة الاسبانية لامتصاص موجة الغضب التي سادت منظمات حقوقية وفعاليات المجتمع المدني الاسباني المؤمنة بعدالة القضية الصحراوية. ولا يزال الاعتداء المغربي الدامي ضد مخيم الحرية للنازحين الصحراويين يثير استياء وتنديد عديد المنظمات الدولية والهيئات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان والتي تقاطعت في مطلب أساسي بضرورة فتح تحقيق في المجزرة المغربية. فقد دعت المنظمة العالمية ضد التعذيب إلى فتح تحقيق ''شامل وشفاف'' حول القمع الذي مارسته القوات المغربية بمخيم أكديم إيزيك بالقرب من مدينة العيونالمحتلة في نفس الوقت الذي أعربت فيه عن انشغالها إزاء مصير مئات الصحراويين الذين أوقفتهم القوات المغربية أثناء المظاهرات. وطالبت السلطات المغربية إلى ضمان ''السلامة الجسدية والنفسية'' للصحراويين الموقوفين و''وضع حد للانتهاكات والتعذيب والمعاملات السيئة'' المفروضة على الصحراويين المسجونين وضمان محاكمة عادلة ونزيهة لهم. كما تأسفت المنظمة العالمية ضد التعذيب لغياب وسائل الإعلام لاطلاع الرأي العام الدولي بما وقع فجر الثامن من الشهر الجاري. ولاحظت أن السلطات المغربية هي التي منعت الصحفيين والمراقبين الدوليين من الدخول إلى مدينة العيونالمحتلة متأسفة للجوء هذه السلطات إلى نشر معلومات ''غامضة'' و''غير دقيقة'' حول الوضع الذي كان سائدا بالمخيم وبالعاصمة الصحراوية المحتلة. كما تأسفت لعدم تمتع بعثة الأممالمتحدة لتنظيم استفتاء بالصحراء الغربية ''المينورسو'' بصلاحيات موسعة تؤهلها لمراقبة وضعية حقوق الإنسان. كما دعا فرع منظمة العفو الدولية ''امنيستي'' في مدريد الحكومة الإسبانية إلى الإسهام ب''نشاط'' في حماية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية جراء الوضع الخطير السائد بالمنطقة بعد تفكيك مخيم أكديم إيزيك ومظاهرات العيونالمحتلة. وفي رسالة مفتوحة من استيبان بلتران مدير فرع منظمة العفو الدولية في إسبانيا دعا هذا الأخير وزيرة الشؤون الخارجية ترنيداد خمينيث إلى استغلال الاجتماعات التي ستعقد في الأيام المقبلة مع ممثلي الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة لجعل وضع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ''أولوية دولية''. وسبق لمنظمة امنيستي ان أعربت عن ''انشغالها'' إزاء وضع حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة للصحراء الغربية مشيرة إلى ضرورة أخذ بعين الاعتبار تصريحات شهود العيان لإجراء تحقيق دولي حول الوقائع. كما دعت إلى وضع آلية أممية لحماية ومراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية. ونظمت جمعيات فرنسية متضامنة مع الشعب الصحراوي وجمعية الصحراويين في فرنسا تجمعا جديدا بساحة تروكاديرو بالعاصمة باريس للتنديد بتواطؤ الحكومة الفرنسية مع المغرب ومعارضتها لإرسال بعثة تحقيق دولية الى الصحراء الغربية. ورفع المتظاهرون الذين كانوا يرتدون الأسود تعبيرا عن الحداد ويحملون الأعلام الصحراوية شعارات تدعو الى وقف الاحتلال والقمع في الصحراء الغربية وتطالب بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. كما شارك في هذه المظاهرة أطفال كانوا يرتدون الأبيض رمز السلام ورؤوسهم ملفوفة بعصابات ملطخة باللون الأحمر تلميحا لأعمال العنف التي ارتكبتها قوات الاحتلال المغربية في حق النساء والأطفال في ''مخيم الحرية''. ونفس الحركة التضامنية شهدتها العاصمة الايطالية روما حيث احتج جمع غفير من أصدقاء القضية الصحراوية أمام سفارة المغرب بروما تنديدا بالقمع الممارس بالأراضي الصحراوية المحتلة. وقد لبى المتظاهرون الذين قدموا من مختلف الأفاق ومناطق ايطاليا النداء الذي وجهته جمعية ''جيما صحراوي'' للتضامن مع الشعب الصحراوي التي نظمت يوما لمساندة هذا الشعب ''ضحية قمع قوات الأمن المغربية''.