أعاد قصر المؤتمرات بنادي الصنوبر أمس الصلة بأحداث تاريخية أرخت لكفاح الشعوب الإفريقية وكل دول العالم الثالث باحتضانها أشغال الندوة الدولية حول اللائحة الأممية 1514 التي كانت بداية مسيرة انعتاق غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية. والتقت شخصيات بارزة صنعت هذا الحدث من آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وحتى من أوروبا والولايات المتحدة في قاعة عرفت مرور شخصيات صنعت تاريخ إفريقيا ودخلت مسيرته من بابه الواسع. فمن الرئيس أحمد بن بلة إلى كنيث كواندا رئيس دولة ناميبيا السابق إلى عبد الحميد مهري ورضا مالك ووجوه أخرى حملت المشعل فيما بعد امثال الرؤساء ثابو مبيكي واوليسغون اوباسانجو والغواتيمالية ريغوبيرتا مانشو الحائزة على جائزة نوبل للسلام ونقين ثي بينه الفيتنامية رمز الكفاح ضد المستعمر الفرنسي في الهند الصينية والرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز ،التقى الجميع في هذه القاعة واجمعوا على قول كلمة واحدة أن اللائحة شكلت حدثا مفصليا في مسيرة الأممالمتحدة مع القناعة أن بنودها مازالت صالحة إلى غاية استقلال 16 اقليما التي لم تنل حريتها بعدها. واستحضر المشاركون أسماء لزعماء أفارقة في صورة لخصها الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل في كلمة الافتتاح قال فيها أن الجزائر تتشرف باحتضان هذه الندوة بمشاركة وجوه مرموقة تميزت بمواقفها من أجل تحرير الشعوب سواء بالسلاح أو بالقلم وبالنضال السياسي وحتى الرياضي ومجدوا بذلك مسيرة تحريرية في كل قارات جنوب العالم. ولم يكن من الصدفة أن تعود أسماء شخصيات افريقية إلى هذه القاعة قاسمها المشترك كان الكفاح من أجل تحرير إفريقيا من باتريس لومومبا إلى اميلكار كابرال وكوامي نكروما ونيلسون مانديلا وعادت معهم صورة كانت بالأسود والأبيض لتتحول إلى فاتحة طريق زاهية ألوانه بعد أن توج ذلك الكفاح بتحرر معظم شعوب القارة من استعمار تقليدي تسلطي زعم المنظرون له أنهم جاؤوا من أجل ترقية شعوب بدائية ولكن قناعتهم كانت استبدادية وعبر نزعة جشعة لدول زعمت أنها مهد الحضارة وحقوق الإنسان. وبقدر ما كانت اللائحة الأممية 1514 حدثا تاريخيا وشكلت منعرجا في تاريخ الشعوب المضطهدة فإن الإجماع كان أمس على أنها مازالت قائمة. فعندما يقول الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي أن اللائحة أتت بثمارها ولكنها فشلت في المناطق الصعبة، في إشارة إلى فلسطين والصحراء الغربية يعني أن الطريق التحريري مازال طويلا وهي القناعة التي شاركته فيها نفين ثي بينه التي أكدت أن التحرر السياسي خضع لاستعمار بأساليب جديدة يجب الانعتاق منها. وعندما أنهى الصحفي الأمريكي ديفيد اوتاواي المطلع على خبايا ومسيرات التحرر في كثير من دول القارة كلمته بعبارة ''لا لوتا كونتينوا'' (الكفاح مستمر) فيعني أيضا أن الاستقلال الذي تصبو إليه كل الشعوب الضعيفة لم يتحقق بالكيفية التي تخلصها من كل هيمنة أجنبية مهما كانت. وهو الواقع المر الذي جعل رئيس جنوب إفريقيا السابق ثابو مبيكي يؤكد أن مواصلة مسيرة التحرر الحقيقي تبقى ملقاة على كاهل الأجيال الجديدة تجسيدا لروح بنود اللائحة .1514