فضحت برقية سرية نشرت أمس على موقع ويكليكس الموقف الأمريكي من عملية السلام في الشرق الأوسط وتبين أن الإدارة الأمريكية إنما كانت تسيّر الأوضاع في المنطقة وفق قناعة الفشل المسبق والتي تأكدت منها عندما عجزت في التقريب بين الموقفين الفلسطيني والإسرائيلي.وأكدت برقية لهذا الموقع حملت تاريخ شهر نوفمبر سنة 2009 أن الولاياتالمتحدة كانت مقتنعة أن الهوة القائمة بين أقصى ما يمكن أن يقترحه وزير أول إسرائيلي وأدنى ما يمكن لرئيس سلطة فلسطينية أن يقبله كانت كبيرة جدا ويستحيل عليها تقليصها. وأكدت البرقية التي أدرجت في خانة سري أن الولاياتالمتحدة ورغم ادعائها القيام بمساعي سلام وممارسة ضغوط على الحكومة الإسرائيلية لوقف الاستيطان كانت في الواقع تشك في صدق نوايا الحكومة الإسرائيلية من عملية السلام ورغبتها في التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وذكرت البرقية أن الولاياتالمتحدة تساءلت إلى أي مدى يمكن للوزير الأول الإسرائيلي أن يذهب فيه من اجل تحقيق السلام. وأضافت البرقية في تلخيص للوضع الذي آلت إليه المفاوضات أن الوزير الأول الإسرائيلي كان فقط يسيرها ربحا للوقت وخدمة لاستراتيجية التفاوض التي وضعها فهو لا يريد إضعاف موقف الرئيس محمود عباس في نظر الرأي العام الفلسطيني والمعارضين له من الفلسطينيين ولكنه في المقابل يرفض رفضا قطعيا وقف الاستيطان في الضفة الغربية والتي اعتبرها الرئيس عباس بأنها تبقى شرطا أساسيا قبل استئناف المفاوضات. وفضحت البرقية أيضا النفاق السياسي الذي اعتمدته الإدارة الأمريكية في تعاملها مع الفلسطينيين وما تخفيه عنهم، حيث أكدت مصادر دبلوماسية فرنسية في جوان 2009 للأمريكيين أن وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك أكد لها عن وجود اتفاق سري مع واشنطن سمحت من خلاله الإدارة الأمريكية بمواصلة الاستيطان عبر ما يسميه الإسرائيليون بالنمو الطبيعي للمستوطنات المزروعة في قلب الأراضي الفلسطينية. وإذا أخذنا بصدقية هذه البرقية وهو ما هو مرجح جدا فإن الولاياتالمتحدة استغلت المفاوضات التي أرغمت الفلسطينيين على خوضها مكرهين منذ بداية سبتمبر الماضي ربحا للوقت لا غير على اعتبار أنها كانت تعرف الموقف الإسرائيلي مسبقا وبالتالي فإنها كانت على علم مسبق أيضا بنتيجة المفاوضات المباشرة التي انتهت في النهاية إلى الفشل الذريع بعد أن رفضت إسرائيل تجميد الاستيطان ورفضت السلطة الفلسطينية مواصلتها بقناعة عدم الخضوع للأمر الواقع الإسرائيلي المدعوم سرا وعلانية من طرف إدارة الرئيس باراك اوباما. وضربت برقية موقع ويكليكس مصداقية الرئيس الأمريكي في الصميم وهو الذي حاول إقناع الفلسطينيين بنزاهة موقفه وتعامله مع الوضع وفق مبدأ حل الدولتين ولكنه في واقع الحال كان يضرب الفلسطينيين في الظهر عندما وافق الإسرائيليين على مواصلة الاستيطان بدعوى التوسع الطبيعي وهي حيلة ذكية رفعتها إسرائيل من اجل ابتلاع المزيد من ارض الدولة الفلسطينية التي تعهد باراك اوباما بإقامتها فوقها ضمن حدود الرابع جوان .1967 ويدفع مضمون هذه البرقية إلى التساؤل حول حقيقة الموقف الأمريكي ومدى تمسك الفلسطينيين بدور واشنطن في عملية يتأكد من يوم لآخر أنها غير قادرة على الاضطلاع بها سواء بالتواطؤ السري أو تحت ضغط اللوبي اليهودي الذي تأكد أيضا انه رقم سري فاعل في توجيه عملية السلام خدمة للنظرية الصهيونية التي تهدف إلى إقامة دولة الكيان الإسرائيلي على ''أرض الميعاد'' الكاذبة. ويطرح مثل هذا التساؤل في وقت وصل فيه مبعوثان أمريكيان إلى القدسالمحتلة لإجراء محادثات مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين بدعوى تحريك عملية السلام. ووصل ديفيد هيل مساعد المبعوث الأمريكي لعملية السلام ودانيئل شابيرو عضو مجلس الأمن القومي الأمريكي إلى فلسطينالمحتلة في وقت أكد فيه المسؤولون الفلسطينيون أنهم يئسوا من عملية سلام أصبحت ميتة وان مزاعم هيلاري كلينتون لإعادة بعث الروح فيها تبقى محاولة يائسة.