بدأ الوزير الأول التونسي محمد الغنوشي أمس مشاورات مع قادة أحزاب وتيارات سياسية وممثلي المجتمع المدني في تونس بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة انتقالية ينتظر الإعلان عنها اليوم تمهيدا لإجراء الانتخابات الرئاسية في غضون 60 يوما وفق ما ينص عليه الدستور التونسي. وتأتي المشاورات وسط شكوك بشأن مدى استجابة هذه الحكومة لإرادة الشعب التونسي واقتصارها على الأحزاب التي تعرف بالقانونية وعدم استدعاء عدد من الأحزاب المعارضة الأخرى التي لم يصرح لها النظام السابق بالعمل القانوني. ومن بين أحزاب المعارضة التي استدعيت للمشاورات يوجد الحزب الديمقراطي التقدمي والتكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات وحركة التجديد وهي الأحزاب التي كانت تشكل المعارضة المعترف بها في السابق بالإضافة إلى نقابة الاتحاد العام التونسي للشغل. من جانبه قال مصطفى بن جعفر زعيم حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات المعارض انه في مقدمة المطالب التي تطرح خلال المشاورات سن العفو التشريعي العام والاعتراف بكل الأحزاب التي قدمت مطالب عمل قانونية سابقا، مشيرا إلى أن البلد في مرحلة انتقالية تفرض المرور بمحطات قبل الوصول إلى التعددية الحقيقية. وقال بن جعفر إنه إذا لم يكن هناك تشاور وقدرة حقيقية على الحوار الجدي مع المعارضة فكل شيء سوف يتوقف. غير أن محمد القوماني المتحدث باسم تيار الإصلاح والتنمية ابرز أنه توجد في الوقت الحالي محاولات جدية للالتفاف على الثورة التي حققها الشعب التونسي، مشيرا أن هناك اتجاها لمقايضة الحرية بالأمن من خلال عمليات نشر الفوضى والانفلات الأمني. وقال ان هناك استمرارا لنفس المنظومة السياسية والإعلامية، وإن الأحزاب الثلاثة التي دعيت للتشاور لا تمثل كل ألوان الطيف السياسي في تونس ولا تعكس الخارطة السياسية بجميع مكوناتها. وأكد أن المعارضة لم تجر مشاورات جدية للوصول إلى موقف مشترك تتفاوض على أساسه، مشيرا إلى غياب أجندة تحدد كيف ستجرى الانتخابات في ظل وجود نفس القوانين والظروف والأشخاص. أما القيادي في حركة النهضة الإسلامية الحبيب اللوز فقد أعرب عن استعداد الحركة المشاركة في أي نقاشات لتشكيل حكومة ائتلافية. كما أعلن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أنه يستعد للعودة إلى بلاده وأن حركته مستعدة للمشاركة في حكومة وحدة وطنية. وكان الرئيس التونسي بالوكالة ورئيس البرلمان فؤاد المبزع أعلن أول أمس في كلمة بعد أدائه اليمين الدستورية، أن المصلحة العليا للبلاد تقتضي تشكيل ''حكومة ائتلاف وطني''. ووعد المبزع بالتعددية والديمقراطية و''احترام الدستور بحذافيره''. وعاد هدوء حذر مساء أمس إلى العاصمة التونسية ومختلف أنحاء البلاد بعد أن شهدت العاصمة تبادل إطلاق النار بعدة أحياء بين ميليشيات مسلحة وقوات الأمن. واستطاع الجيش التونسي الذي تعامل بحكمة مع الوضع من كسب ثقة المحتجين والتصدي لعمليات النهب والسرقة وتفريق المتظاهرين لكن من دون استخدام العنف كما فعل بمدينة الرقيب وسط غرب البلاد، حيث تظاهر أكثر من ألف شخص للمطالبة بضرورة إحداث تغيير سياسي جذري. وفي إطار التخفيف من إجراءات حالة الطوارئ أعلن عن خفض مدة حظر التجول لتصبح من الساعة السادسة مساء الى الخامسة صباحا. وتزامنا مع ذلك تواصلت ردود الفعل الدولية المؤكدة على احترام اختيار الشعب التونسي والمشيدة بشجاعته وكرامته. وفي هذا السياق أكدت اليمن احترامها لإرادة الشعب التونسي في اختيار حكامه ومن يمثله معربة عن أملها في أن يتحقق للشعب التونسي الأمن والاستقرار في أعقاب نحو أربعة أسابيع من الاحتجاجات الشعبية. وقال مصدر يمني مسؤول لم يكشف عن هويته ''أن اليمن تؤكد احترامها لإرادة الشعب التونسي الشقيق في اختيار حكامه وتتمني لتونس الشقيقة الأمن والاستقرار''. ونفس الموقف عبرت عنه الكويت حيث أكد الشيخ محمد صباح السالم الصباح نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية احترام بلاده أن بلاده لخيارات الشعب التونسي متمنيا عودة الأمن والاستقرار لهذا البلد بعد الاضطرابات التي شهدها. ودعت دولة الإمارات العربية المتحدة أمس الشعب التونسي إلى''التكاتف ورص الصفوف في هذه المرحلة الحاسمة للحفاظ على امن واستقرار'' بلاده. وقال مجلس الوزراء الإماراتي في بيان ''إن دولة الإمارات العربية المتحدة تتابع باهتمام كبير تطورات الأحداث في الجمهورية التونسية الشقيقة وتأمل التوصل إلى توافق وطني وعودة الهدوء والأمن لكافة مدن ومحافظات تونس بما يحفظ لتونس وشعبها الاستقرار والأمان''. ومن جهة أخرى أعلن نائب الأمين العام للجامعة العربية السيد احمد بن حلي أمس أن وزراء الخارجية العرب سيعقدون مساء اليوم الاثنين اجتماعا تشاوريا قبل الاجتماع التحضيري الوزاري للقمة لبحث مستجدات الأوضاع في المنطقة خاصة في تونس ولبنان وتطورات القضية الفلسطينية وكذا في السودان في ظل الاستفتاء على حق تقرير مصير الجنوب. وقال أن وزير الخارجية التونسي سيقدم عرضا لوزراء الخارجية العرب حول الأوضاع في بلاده وما ينتظر من الدول العربية لدعم الاستقرار في تونس. أما مجلس التعاون الخليجي فقد أعرب عن أمله في أن يعود الأمن والاستقرار سريعا إلى تونس، حيث أكد عبد الرحمن العطية الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أن دول مجلس التعاون ''تتابع بقلق ما يحدث في تونس وتأمل تجاوز هذه الظروف في أقرب وقت ممكن'' مؤكدا أهمية تضافر الجهود من اجل عودة الاستقرار لهذا البلد العربي.