يعد محمد مصطفاوي صاحب الفضل في ولوج قوة الرمي الفضاء الواسع للفنون القتالية في الجزائر، حيث يعتبر الأب الروحي لممارسي هذه الرياضة، باعتباره كان وراء ميلاد أول رابطة وطنية تهتم بانتشار وتعميم هذه اللعبة.ولتسليط الضوء على هذا الفن القتالي الذي اتسعت رقعة ممارسته في السنة الأخيرة، اتصلت ''المساء'' بالسيد مصطفاوي وحاورته حول عدة نقاط تتعلق بواقع مستقبل رمي القوة في الجزائر. - بداية، ما هي قوة الرمي؟ * هو أسلوب من أساليب الفنون القتالية، ظهور وبدايات هذا الاختصاص كان من مناطقنا العربية قبل الميلاد، في بابل ومصر كما أثبتته بعض البحوث والدراسات التاريخية، ثم أخذ صورا وأشكالا عديدة خلال العهد العربي والإسلامي... إلا أن إهمالنا له واهتمام الشرق والغرب به جعل قوة الرمي تعود إلينا اليوم. وإذا رجعنا إلى المعنى اللغوي لكلتا الكلمتين '' قوة الرمي''، لوجدنا أن معانيهما شاملة ودالة على محتوى الأسلوب، وتتسع لتشمل القوة، وهي تدريب العقل والنفس والجسد، كما أن الرمي قد يكون باليد أوالقدم أورمي الخصم على الأرض أو بالسيف أو بالرمح وبغير ذلك من الأدوات العديدة، ولا شك أن التدريب على الأدوات يعطي ممارسها قوة إضافية ضرورية للقتال المتكامل. ويعتمد هذا الفن القتالي على المهارات الفنية لأساسيات المصارعة والملاكمة والكاراتي دو والجيدو والآيكيدو وغيرها، وذلك من حيث الشبه العام مع تبني حركات ومهارات فنية خاصة متطورة، مما يعطي لممارسي هذا الأسلوب القوة الكاملة في مواجهة أي أسلوب من الأساليب - المذكورة سابقا - مع الحرص على تطوير الإمكانات العقلية والجسدية ورفع اللياقة البدنية العامة المطلوبة لأداء هذا الفن القتالي المتطور، مما يساهم في إخراج وإظهار قتال جميل ورائع يحتوي على حركات فنية جيدة ومهارات قتالية متنوعة. وتملك قوة الرمي عدة طرق من القتال الخفيف والمتوسط والكامل، وذلك لإرضاء معظم الأذواق من الرياضيين، فمثلا بعضهم يفضل التلاحم القوي وبعضهم المتوسط وبعضهم الخفيف. ويشمل نظام قوة الرمي ست درجات، ويتعلق الأمر بكل من درجة النجمة (مدتها أربعة أشهر)، درجة الهلال (مدتها ثمانية أشهر)، درجة القمر (مدتها عشرة أشهر)، درجة الشمس (مدتها ستة عشرا شهرا)، درجة السيف (مدتها اثنان وعشرون شهرا ) ودرجة القبضة (مدتها من سنتين ونصف إلى ثلاث سنوات). - ممارسو هذا الأسلوب القتالي يعتبرونك الأب الروحي لهم، ما تعليقك؟ * هذا اللقب يشرفني، ويعد مصدر افتخار بالنسبة لي ويدفعني إلى بذل مجهودات أكثر من أجل الوصول بهذه الرياضة إلى القمة... وأعتقد أن هذه التسمية فرضها عشقي الكبير للفنون القتالية بدون استثناء، وذلك بحكم خبرتي الكبيرة في هذا المجال التي تجاوزت 25 سنة، وهذا الحب هو الذي شجعني على تأسيس أول رابطة وطنية لقوة الرمي - كان ذلك في شهر جانفي الفارط - وعين بن سيدي عيسى قدور مسؤولها الأول. ويوجد تحت لواء هذه الرابطة 24 جمعية عاصمية، بالإضافة إلى خمس ولايات هي أدرار وبجاية وتيزي وزو والطارف والبويرة. - أكيد أن الولادة كانت عسيرة، أليس كذلك؟ * بطبيعة الحال، فكل فكرة جديدة في أي مجال يحتاج تجسيدها وقتا وجهدا كبيرين على جميع المستويات، سواء تعلق الأمر بالجانب الإداري أو التقني، لكن بفضل الإرادة والعمل الجماعي استطعنا اجتياز عقبات اعترضت طريقنا، وكسبنا ورقة الاعتماد كرابطة وطنية، ويعود الفضل في ذلك إلى الوصاية ومديرية الشباب والرياضة والسلطات المحلية. - هل يمكننا الوقوف عند هذه العقبات؟ * البداية كانت صعبة للغاية، حيث رفضت الاتحادية الوطنية للفنون القتالية الانضمام إليها تحت لوائها، لأسباب لم نقتنع بها لحد الآن، في مقدمتها أن رقعة ممارسة قوة الرمي محدودة على المستوى العالمي... لكن عندما ننظر إلى البطولات العالمية والدورات الدولية التي تنظم كل سنة، نجد أن هذا الفن القتالي في مختلف أنحاء المعمورة عرف طفرة نوعية، وعلاوة على هذا هناك هيئة عالمية تهتم بشؤون هذا التخصص الرياضي. - بما أنك الممثل الرسمي لقوة الرمي في الجزائر، أكيد أنك جئت ببرنامج طموح للنهوض بهذه اللعبة، هل يمكنك أن تطلعنا على الخطوط العريضة لهذا البرنامج؟ * من السهل تخطيط برنامج عمل لكن الأصعب منه تجسيده على أرض الواقع، فقبل أن أتطرق إلى محتوى المخطط يجب أن أطلب من السلطات المعنية بالقطاع تقديم الدعم المالي لدفع هذا الأسلوب القتالي نحو الأمام. وبشأن البرنامج، فإنه يحتوي على أربعة محاور أساسية بدءا بتكوين القاعدة، المدربين والحكام كونهم يساهمون مساهمة فعالة في ترقية هذه اللعبة، مرورا بدمج هذا النشاط الرياضي في السلك العسكري، الأمن الوطني والحماية المدنية حتى تجلب عددا كبيرا من الممارسين من كلا الجنسين، وصولا إلى إنشاء اتحادية وطنية لديها لجان في مختلف أنحاء الوطن. وأولي أهمية بالغة في النقطة الأخيرة المتمثلة في استغلال الخبرة الموجودة في العالم العربي، على غرار الدكتور وليد قصاص مؤسس قوة الرمي في الوطن العربي، الذي يشغل حاليا المدير الفني في الهيئة الدولية للعبة، حيث أعرب لمرات عديدة عن استعداده الكامل لتقديم خدماته، وذلك بتنظيم ملتقيات وطنية ودولية من شأنها إعطاء صورة عالمية لهذا الأسلوب القتالي. - وإذا عدنا إلى تمثيله على مستوى الفرق الوطنية، فهل هو موجود؟ * بطبيعة الحال منذ ظهور قوة الرمي في الجزائر الذي كان في شهر أكتوبر من عام ,2008 فتمثيله على مستوى فرق الوطنية كان موجودا، والدليل على ذلك مشاركة قوة الرمي الجزائرية في المواعيد الرسمية، آخرها في دورة إيران الدولية (المهرجان الدولي الثاني للفنون القتالية) التي جرت من 17 إلى 22 جويلية الفارط، أين توج محمد أمين حرقاص في وزن (70 كلغ) بالميدالية البرونزية، كما كانت العناصر الوطنية الدولية على وشك المشاركة في البطولة العالمية التي استضافتها بلغاريا مؤخرا، ولكن في آخر لخطة تعذر عليها الذهاب وذلك بسبب عدم حصولها على التأشيرة. ولكن يبقى حضورنا في المنافسات الدولية مرهونا بتوفير الإمكانيات المادية التي تعد العائق الأكبر، فمثلا ذهابنا إلى دورة إيران كان بفضل مساهمة أحد محبي لهذه الرياضة، الذي تكفل بكل مصاريف السفرية وأبدى استعداده الكامل لتقديم يد العون في الخرجات الدولية المقبلة. - علاوة على ميدالية حرقاص، ماذا اكتسبت قوة الرمي الجزائرية من سفرية إيران؟ * مشاركتنا في المهرجان الدولي الثاني للفنون القتالية، كان مكسبا حقيقيا بالنسبة للجزائر على كافة الأصعدة، حيث تم على هامش هذا الموعد تشكيل الاتحاد العربي التنفيذي لرياضات قوة الرمي والدفاع عن النفس، وكانت الإطارات الوطنية أعضاء فعالة على مستوى هذه الهيئة، من خلال تعيينها على رأس لجان حساسة تتقدمها لجنة المدربين التي اشرف عليها شخصيا، ولجنة العلاقات العامة وتنمية الموارد التي أوكلت مهمة إدارتها إلى يوسف وعيل، واللجنة القانونية والتأديبية التي يقودها السيد بن سيدي عيسى قدور... وستساهم هذه الخطوة المنجزة في دفع قوة الرمي في الحقل الرياضي الجزائري بخطى ثابتة، وهذا هوالمبتغى الذي نريد تحقيقه على المدى القريب والمتوسط. - وإذا عدنا إلى الحديث عن الهيئة القارية للعبة، ماذا تقول؟ * الاتحادية الإفريقية لرياضات قوة الرمي والدفاع عن النفس لم تنشأ بعد، وهيئتنا الوطنية تسعى جاهدة إلى تجسيد هذا المشروع، باعتبار رقعة ممارسة قوة الرمي في القارة السمراء اتسعت بشكل لافت لتشمل تسعة بلدان هي الجزائر ومصر وتونس والمغرب والسينغال وكوت ديفوار وبوركينافاسو وموريتانيا وأوغندا. للإشارة، الجزائر تملك الأحقية في تأسيس الكنفدرالية القارية، كونها الدولة العربية والإفريقية والدولية الرائدة في هذا الفن القتالي، حيث ساهمت في إدخاله في العديد من الدول على غرار ألبانيا والبوسنة وموريتانيا وغيرها. - هل من كلمة تريد إضافتها؟ * كلمتي الختامية موجهة الى السلطات المعنية، أحثها من خلالها على الاهتمام بتطوير هذا الفرع الذي من شأنه تشريف الألوان الوطنية في المحافل الدولية، وذلك بتقديم الدعم المالي والمعنوي... من جهتي، سأعمل جاهدا على استثمار خبرتي ومجهوداتي من أجل تطوير الفرع، لا سيما أن الإقبال على ممارسته فاجأنا وشجعنا. للإشارة، ستعقد الرابطة الوطنية للعبة اجتماعها التنفيذي يوم السبت المقبل بالقبة، وذلك للإعلان عن ميلادها.